رأت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال الدكتورة عناية عز الدين أن “لا حل علمياً بيئياً صحياً مستداماً الا بالتعاطي مع النفايات على انها مورد يخضع للقواعد المتعارف عليها في مجال الموارد اي التخفيف من استهلاكه اولا ومن ثم العمل على استرداده وفق مبدأ “استرداد القيمة، لافتة الى ان هذا المبدأ ينسجم مع الدورات التي تزخر بها الطبيعة مثل دورة الماء والعناصر الغذائية. نلاحظ ان في هذه الدورات المخلفات تصبح مصادر جديدة. لكن وللاسف فان السائد اليوم في العالم، وخصوصا في مجتمعاتنا هو “صنع استهلك تخلص”.
واوضحت في محاضرة بعنوان “مقاربة ادارة النفايات: بين مبادئ الاستدامة والواقع العملي”، في قاعة احتفالات فرع الجامعة الاسلامية في صور، ان “البديل هو الاقتصاد الدائري الذي من شأنه ان يحول السلع التي وصلت الى نهاية عمرها الى موارد لسلع اخرى وهكذا نساهم بتخفيف النفايات. البديل هو: اعادة تدوير ما لا يمكن او لا نريد استخدامه recycle، اصلاح المكسور او المعطل، واعادة تصنيع ما لا يمكن اصلاحه، مشددة الى ان “اهمية هذا الاقتصاد البديل ان الانسان، المواطن هو المحور الرئيسي. يصبح المستهلكون في هذا النموذج مستخدمين ومبدعين. كما تتأمن فرص عمل لالاف الاشخاص. ونحن نتحدث عن مفاهيم جديدة تحتاج الى مؤيدين ومقتنعين. لم يعد بالامكان العمل وحل المشاكل على مبدأ business as usual. تجدر الاشارة ان بلدان مثل الولايات المتحدة الاميركية وكوريا الجنوبية والصين بدأوا باجراء برامج بحثية حول الاقتصاد الدائري، وانا ادعوكم لتكون الجامعة الاسلامية من اوائل الجامعات التي تولي هذا المفهوم الاهمية اللازمة”.
وقالت إن “ما نسميه المطامر الصحية فهي وبكل اسف ليست كذلك، لانها لا تنطبق مع المعايير المعتمدة ولان عصارتها تتسرب في كثير من الاحيان الى مياه الانهار والى البحر. وهنا يجب ان نتذكر عندما نتكلم عن النفايات فلا نعني فقط النفايات المنزلية، انما ايضا النفايات الطبية – نفايات المسالخ، النفايات الصناعية والنفايات الزراعية، والالكترونية والكهربائية…اذا الطريق امامنا ما يزال طويلا ولا زلنا بحاجة الى خطوات كثيرة لتأمين معالجة سليمة لنفاياتنا ولحماية بيئتنا”.
واعتبرت ان “اي حل طويل الامد وقابل للحياة في معالجة النفايات، محفوف بالمخاطر في ظل الضعف الذي تعاني منه الدولة لان المشكلة ليست فقط في ادارة النفايات انما في بنية النظام كما ان الحلول اللامركزية غير قابلة للحياة او على الاقل لتأدية الدور المطلوب منها في ظل الضعف الذي تعاني منه البلديات، سواء على صعيد الموارد البشرية والمادية والخبرات والمستوى.
وأشارت عز الدين الى انه “في زمن اهداف التنمية المستدامة التي تتكلم عن الشمولية، وفي زمن الكلام عن الحوكمة والتشاركية نجد ان هناك تغييبا شبه كامل للرأي العام عن القرار المتعلق بحل ازمة النفايات وهو قرار يمس حياة الكل ومستقبلهم ومستقبل الاجيال في هذا الوطن”، مضيفةً: |مشاركة المواطنين في هذا القرار هي حق اساسي لهم لانها تمس حياتهم وتمس صحتهم وصحة بيئتهم، وهنا الموضوع لا يقتصر فقط على موضوع معالجة النفايات وانما يعكس ازمة في طريقة الحكم والحوكمة السائدة في لبنان. هناك غياب للوحدات المحلية والمناطقية المتخصصة في موضوع اعادة التدوير وقد يكون لبنان الدولة الوحيدة في العالم التي لا يتم التفكير فيها من قبل المسؤولين والمعنيين بأهمية اعداد وتوفير الكادر البشري المتخصص والقادر على مواكبة هذه العملية”.