اعتبرت مصادر سياسية لبنانية لصحيفة “العرب” اللندنية أن “حزب الله” تلقى مع إيران ضربة قويّة في أعقاب إعلان إسرائيل عن كشف مجموعة من الأنفاق تربط بين جنوب لبنان ومنطقة الجليل التي تشكل شمال فلسطين.
وأوضحت أن “حزب الله”، الذي أمضى سنوات طويلة في بناء هذه الأنفاق، فوجئ بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن اكتشافها وبدء عملية تدميرها.
وذكرت أن المفاجأة تعود إلى أن الأنفاق المكتشفة شكلت جزءا من الاستراتيجية العسكرية التي اعتمدها الحزب ومن خلفه إيران من أجل تجاوز العائق الذي تشكله منطقة عمليات القوة الدولية في جنوب لبنان. وحددت الهدف من إقامة الأنفاق التسلل يوما إلى داخل إسرائيل واحتجاز رهائن إسرائيليين في المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية، كمستوطنة المطلة مثلا. ويمكن مشاهدة المطلة بالعين المجرّدة من الأراضي اللبنانية.
وكشفت أن الحزب يعمل منذ سنوات على بناء الأنفاق مستخدما مدنيين أعضاء في الحزب يتنقلون في جنوب لبنان كأشخاص عاديين. وأنشأ لهذا الغرض مصانع يعمل فيها هؤلاء المدنيون وذلك من أجل تفادي أي ريبة يمكن أن تثيرها تنقلاتهم.
وذكرت أن هذه المصانع كانت مجرد غطاء لورش تحت الأرض الهدف منها شق الأنفاق من دون ضجيج وذلك عن طريق معدات صغيرة تستخدم في تحطيم الصخور.
وكانت منطقة العمليات التابعة للقوة الدولية في جنوب لبنان أنشئت في العام 2006 بموجب القرار رقم 1701 الصادر عن مجلس الأمن والذي أوقف القتال بعد حرب صيف تلك السنة. وتواجهت إسرائيل وحزب الله في تلك الحرب، التي تسبب بها خطف الحزب جنودا إسرائيليين.
وبموجب القرار رقم 1701، لا يحق لأي طرف مسلح أن يكون موجودا في منطقة العمليات التابعة للقوة الدولية باستثناء القوة نفسها والجيش اللبناني.
لكنّ حزب الله عمل منذ العام 2006 على عرقلة تحركات القوة الدولية مستخدما ما يسمّى “الأهالي”، أي السكان المحليين. ولجأ الحزب إلى “الأهالي”، الذين هم مواطنون عاديون يسيطر عليهم أعضاء في الحزب، من أجل تطويق وحدات من القوة الدولية في كلّ مرة شعر فيها بأنّ هناك محاولة لكشف النشاطات ذات الطابع العسكري، مثل شقّ الأنفاق، التي يقوم بها على الأرض. ولهذا الغرض، أقدم “الأهالي” في مرّات عدة على رشق أفراد القوة الدولية بالحجارة وتحطيم كاميرات يستخدمونها وآليات يتنقلون بواسطتها.
وذكر مواطن جنوبي على علم بنشاطات الحزب في منطقة عمليات القوة الدولية أنّ حزب الله لمّح مرات عدة في الماضي بلسان أمينه العام حسن نصرالله إلى إمكان نقل المعركة إلى داخل إسرائيل. وقال إن نصرالله كان يلمّح عمليا إلى الغرض من شق الأنفاق التي احتاج شقها إلى عملية تمويه مكلفة لجأ إليها الحزب طوال سنوات وبدا كمن يحفر الصخر بواسطة إبرة.
وأضاف هذا المواطن أنه من الواضح أن حزب الله كان ينفّذ استراتيجية إيرانية تقوم على استخدام جنوب لبنان ورقة ضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، لكنّ المفاجأة التي كان حزب الله يعدّها لإسرائيل تحولت إلى مفاجأة إسرائيلية لإيران وحزب الله في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها المنطقة، خصوصا في ظلّ العقوبات الأميركية الجديدة على إيران.
وأعلن جوناثان كونريكوس المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، عن عملية يقوم بها الجيش “لكشف وإحباط” أنفاق حفرها حزب الله لشن هجمات عبر الحدود من لبنان إلى إسرائيل. وأضاف أنه تم رصد عدد من هذه الأنفاق وأن عمليات الجيش تجري داخل إسرائيل وليس عبر الحدود.
وجاء الإعلان الإسرائيلي المفاجئ بعد ساعات على لقاء نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بروكسل، الاثنين، ناقشا خلاله “تطورات إقليمية” في وقت حذر الجانبان مرارا من أنشطة إيران.