Site icon IMLebanon

عن محمد الحوت وفساده… (بقلم طوني أبي نجم)

قدّم وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني مطالعة للمطالبة بالاطلاع على تفاصيل المناقصة التي أجرتها شركة طيران الشرق الأوسط MEA لشراء طائرات الأيرباص الفرنسية، في إيحاء واضح بوجود شبهات فساد على هذه الصفقة.

من كل الفساد المستشري في البلد ووزاراته وإدارته ومؤسساته المهترئة، لم يرفّ جفن تويني إلا لشركة “الميدل إيست”، الناقل الوطني اللبناني الذي تحوّل من شركة مديونة وغارقة في خسائر بمئات ملايين الدولارات قبل تسلّم محمد الحوت رئاسة مجلس إدارتها، الى شركة ناجحة تحقق أرباحاً لافتة في أصعب الظروف الاقتصادية، وكان آخر أرباحها في العام الجاري 2018 حوالى 96 مليون دولار، وبينها أرباح تشغيلية تفوق الـ80 مليون دولار يُضاف إليها أرباحها من بيع طائرات قديمة ليصل المبلغ الإجمالي الى 96 مليوناً، وقد يزيد في الأيام الأخيرة من السنة الجارية. من دون أن ننسى أن شركة “الميدل إيست” تملك أحد أحدث الأساطيل في المنطقة، إضافة إلى أنها احتلت المركز الثاني لأفضل طيران في منطقة الشرق الأوسط بفعل خدماتها المميزة.

أغفل وزير مكافحة شؤون الفساد كل مغاور الفساد وبواخره مجاريره. تناسى هدر الكهرباء وخسائرها وصفقاتها الذي يُقدّر بملياري دولار سنوياً، وغض النظر عما جرى في معمل دير عمار وعدم تطبيق قانون الكهرباء، وعدم تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان وعدم تعيين هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء كما نص القانون، إضافة الى كل المحاولات التي جرت للقفز فوق إدارة المناقصات في ملف البواخر.

وتغاضى الوزير تويني عن كل ما رافق موضوع ملف الـFiber optic وتمديداتها وتلزيماتها. لم يسمع بما حصل مع طوفان مجرور “الإيدن باي”، ولا بكل فضائح النفايات ومطمري برج حمود والكوستا برافا وروائحها، ولا بتدمير البيئة من تلوث البحر والليطاني إلى الكسارات والمرامل التي تنهش الجبال من دون حسيب أو  رقيب!

كل ذلك يتوّجه دين عام تخطى الـ80 مليار دولار وعجز سنوي في الموازنة تخطى الـ5 مليار دولار ويكاد يبلغ الـ7 مليارات بعد فضيحة سلسلة الرتب والرواتب، ومعالي الوزير تويني لا يهتم بغير “الميدل إيست” التي تدرّ أرباحاً وسمعة جيدة للدولة اللبنانية!

كدت أنسى للحظة أن معاليه يطالب بما لا يحق له أن يطّلع عليه، وهو غير مدرك بالقوانين والأصول، وبأن شركة طيران الشرق الأوسط هي شركة لبنانية خاصة مساهمة، وتعمل وفق قوانين الشركات الخاصة، ومصرف لبنان المساهم الأكبر فيها يثني على أدائها!

يُجمع اللبنانيون على عظمة الرئيس الملك كميل شمعون، فتى العروبة الأغر وبطريرك المسيحيين السياسي. لكن الكبار يروون لنا أن كميل شمعون وصل الى الرئاسة بأحوال مادية متواضعة لكنه خرج ميسوراً ويقولون إن عهد الرئيس شمعون كان عهد غير لأنه “أكل أطعم الشعب”. فبربك يا معالي الوزير، إن افترضنا للحظة، وأشدد على فعل افترضنا، أن ثمة شبهة على صفقة قام بها الحوت، فبربك إئتنا بمثله لبقية المؤسسات والشركات ليحقق فيها إصلاحاً إدارياً ويزيل الفائض من الموظفين المنتفعين سياسياً ويقلب نتائجها من الخسارة الى الربح، وعندها كن على ثقة بأن اللبنانيين سيغضون النظر إن كان ثمة “صفقة” مزعومة ما!

بربك يا معالي الوزير إبحث عن الأخشاب في عيون الوزراء ورؤساء مجالس الإدارة والمدراء العامين والموظفين في كل إدارات الدولة قبل أن تبحث عن قشة ما في عين محمد الحوت!