تضرب المواعيد واحدا تلو الآخر من أجل ولادة الحكومة، ولكن ايا منها لم يصمد في وجه مطلب من هنا ومطلب من هناك. ويحرص الرئيس المكلف على التأكيد أن العقد داخلية وليست خارجية في محاولة منه للإشارة إلى أن الحلول ممكنة بإرادة لبنانية.
من الواضح أن هذه الإرادة اللبنانية ليست قادرة على اجتراح اي حل يقبل به الجميع إن لم يكن الإخراج معدا من القوى الإقليمية والدولية التي تتحكم بالوضع اللبناني. ورغم كل محاولات التجميل التي تحاول تغطية الخلافات اللبنانية والتي يقوم بها بعض المسؤولين، تبقى المخاطر المحلية في أوجها على الصعد السياسية والاقتصادية والنقدية وربما الأمنية.
فالخلاف بين “حزب الله” والرئيس سعد الحريري لا يمكن أن يغطى بأي تصاريح أو كلام، فهو واضح ولا يتراجع لا في ملفات داخلية ولا في ملفات إقليمية مع حد أدنى من اللقاء في موضوع الجنوب ربما.
هذا الخلاف تضاف إليه عشرات الخلافات بين مختلف الأطراف ومنها رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب والكتل البرلمانية لمختلف الأحزاب، وتغذيها المواقف السياسية التي تطلق، وبعضها يقول الشيء وعكسه ليس في خلال أيام فحسب بل في خلال ساعات، وهو ما يورط جهات في المزيد من الصدام بين بعضها البعض. ويوجه اللوم في هذا المجال وبشكل خاص لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
في الخلافات السياسية اللبنانية المستعرة ليس هناك من تهيب لما قد تؤول إليه الأوضاع المالية والاقتصادية، فالشفافية في هذا المجال معدومة والمعالجات ترقيعية تزيد من حال التدهور ولا ترقى إلى استخلاص عبر الفشل ومعالجتها بخطط علمية.
كل هذا لا يمكن أن يؤدي لا إلى عهد قوي ولا إلى حكومة قوية، بل إلى مزيد من التحلل والفوضى وصولا إلى نتيجة وحيدة قد تفرض عاجلا أم آجلا، وهي أن المشكلة تكمن في النظام وفي الدستور وكيفية تطبيقه، وبالتالي يستوجب الأمر التفتيش عن صيغة جديدة صريحة تحفظ بطريقة أو بأخرى هذا اللبنان بوضع يمكن جميع مكوناته من العيش فيه وبسلام، لأن البديل هو انهيار الهيكل على رأس الجميع ولم يعد هناك الكثير من الوقت لتدارك الكارثة