كتبت كاتيا توا في “المستقبل”:
استيقظت الزوجة من غيبوبتها على سرير المستشفى متعبة ومشوّشة ومتألمة من جروح وكدمات أصابتها، جروحٌ لا تزال المحكمة العسكرية «تبحث» منذ أكثر من سنة عن مسبّبها، هل أن زوجها العسكري هو الذي رماها من على شرفة المنزل أم أن الزوجة هي التي قفزت بإرادتها عن تلك الشرفة؟
فوسط تضارب الإفادات بين الزوجين اللذين وقع بينهما الطلاق إثر تلك الحادثة، والشهود من الجيران وشقيق الزوجة، استدعت المحكمة مزيداً من الشهود علّها تصل في النهاية إلى قناعة وبالتالي إلى حكم على العسكري الذي أسند إليه «إقدامه في شهر حزيران من العام 2016 على ضرب زوجته وتحقيرها، ما تسبّب بإيذائها وتعطيلها عن العمل مدة ثلاثة اشهر».
يؤكد المدعى عليه في استجوابه أن زوجته «السابقة» أقدمت من تلقاء نفسها على رمي نفسها عن الشرفة، الأمر الذي لم تنفه المطلّقة ولم تؤكده، وإنما ذكرت في إفادتها أمام المحكمة أن شجاراً وقع بينها وبين المدعى عليه حيث أقدم على ضربها، وأنها «لا تريد أن تظلمه»، إنما لم تستيقظ إلا وهي في المستشفى.
تحدثت الزوجة في تلك الإفادة وفي جلسة سابقة من المحاكمة في هذه القضية، عن حب وغرام جمع بينهما قبل الارتباط «خطيفة»، بسبب رفض والديها هذا الزواج، لتبدأ بعد عشرة أيام فقط من الزواج المشاكل الزوجية بينهما. وتضيف الزوجة أنه يوم الحادثة، دعا العسكري أهله للإفطار وأراد في الوقت نفسه أن يصلح قسطلاً في المجلى، وعندما أبدت اعتراضها على ذلك كونه «جايينا ضيوف»، بدأ بالصراخ وأقدم على ضربها من دون أن تتذكر ما إذا كان قد عمد إلى رميها عن الشرفة كونها كانت قد فقدت وعيها نتيجة الضرب.
على مسامع الزوج، روت الزوجة ما حصل معها، لينكر هذه الواقعات، ويضيف بأنها هي من أقدمت على رمي نفسها، وأنه سارع إلى نقلها إلى المستشفى وقد كانت تطلب منه أثناء الطريق أن يسامحها لأنها لم تكن تدرك ما قامت به. وجاءت ‘فادات الشهود في الجلسة الأخيرة لتزيد من «ضبابية» المشهد، ففيما أكد ثلاثة شهود أنهم لم يشاهدوا الزوجة «تنط عن الشرفة» إنما سمعوا «لبجة»، وعاد أحدهم ليقول إنه شاهدها تقفز عن الشرفة بعد الاستعانة بـ«الدرابزين»، ثم راحت تركض قبل أن يلحق بها زوجها وينقلها إلى المستشفى، جاء شقيق الزوجة ليؤكد بأنها اتصلت به في ذلك الوقت وهي تصرخ طالبة منه النجدة، بعدما أعلمته أن زوجها يضربها وهو يلاحقها في المنزل، فأعلمها بأنه سيتصل بالقوى الأمنية حيث أرسلوا دورية ثم أُبلغ الشاهد أن شقيقته في المستشفى وعندما عادها رآها بحالة يُرثى لها.
وتدخّل «الصهر» مؤكداً أن شقيق زوجته كان يتصل بها لتحريضها على ترك المنزل، الأمر الذي نفاه الشاهد موضحاً أن علاقته بشقيقته كانت مقطوعة ولم يكن يتواصل معها أو مع زوجها أبداً.
وفي إفادة «الجار الأول» الذي استمعت إليه المحكمة كشاهد، روى أنه كان ماراً في الحي عندما سمع «خبطة» على الأرض حيث التفت إلى مصدر الصوت ليرى «وحدي راكضي» وعندما استوضحت أحد المارة قال له إن «وحدي نطّت عن البلكون». وبعدما أوضح الشاهد أن علو الشرفة عن الأرض لا يتعدى الثلاثة أمتار ونصف المتر، تابع يقول إنه بعد ذلك شاهد شابان ينزلان من المبنى أحدهما زوجها ونقلاها إلى المستشفى. وأكد الشاهد أن المرأة لم تكن فاقدة للوعي إنما كانت ترفض نقلها إلى المستشفى، وقد أصعدها زوجها عنوة في السيارة، وكانت تسير العرجاء، لافتاً إلى أنه لم يشاهد أي دورية أمنية حضرت إلى المكان.
وعاد المدعى عليه ليؤكد أنه عندما رمت طليقته نفسها كانت تحت تأثير دواء مخدر، وأثناء الطريق إلى المستشفى قالت له «سامحني ما بعرف شو عملت».
«الجار الثاني» أفاد من جهته، أنه يوم الحادث سمع صراخاً، ثم شاهد امرأة «تنط» عن «البلكون» وتركض، ثم عاد ليقول بأنه لم يشاهدها تقفز إنما سمع «اللبجة».
حار هذا الجار في أمره، ليعدل عن كلامه السابق، فيؤكد بأنه شاهدها «تتكمّش» بالحديد و«تنطّ»على رجليها، بعد أن «دندلت حالها»، ثم نزل شابان من المبنى وسألاه «من وين راحت»، حيث لحقا بها، ثم شاهد زوجها يحملها وهي تمانع في الصعود بالسيارة التي فتح الشاهد بابها لإصعادها. وقال إن المرأة كانت واعية حينها.
أما «الجار الثالث» فلفت إلى أن «الجار الثاني» هو الذي أخبره بينما كان يقف قربه أنها «نطّت» إنما هو لم يشاهدها بل سمع «خبطة» فقط.
وبسماع إفادة الشاهد الرابع قال ‘نه ركن دراجته النارية قرب محل والده في المكان حيث كان حينها يسمع صراخاً، ثم شاهد فتاة «طبشت» أمامه، فأكمل طريقه.
استوقف هذا التصرف من الشاهد رئيس المحكمة فاستوضحه عن سبب عدم مساعدة شخص وقع أمامه، فرد الشاهد بكل برودة بأنه رآها «دندلت حالها» ونزلت من الشرفة ثم وقفت على رجليها، ولم يحاول مساعدتها لأنها كانت تصرخ وما جرى حصل بثوانٍ. ثم شاهد الشاهد «أحداً يحملها وينقلها بسيارة وهي كانت تسير على قدميها وكانت تبكي أو ما شابه».
وبعد أن طلبت وكيلة المدعى عليه استدعاء الزوجة لسماع إفادتها مجدداً ردّت المحكمة الطلب، فيما وافقت على طلب جهة الدفاع استدعاء طبيب عاين الزوجة في المستشفى، وكذلك أحد رجال أمن المستشفى التي نقلت إليها الزوجة وإرجاء الجلسة إلى آذار المقبل.