IMLebanon

هل يصل الدواء الشافي للسرطان الى لبنان؟

كتبت جنى جبّور في “الجمهورية”:

وقع خبر الإعلان عن إجازة أوّل دواء في العالم لمعالجة السرطان كالصاعقة على مواقع التواصل الاجتماعي، فالجميع بادر بمشاركة هذا الخبر والتعليق عليه، ما جعله بُشرى سارّة لكل المصابين بهذا المرض. فما هي التفاصيل الطبّية لهذا الموضوع؟

بعد أن أعلنت هيئة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، عن إجازة الدواء الأول في العالم الذي يمكنه معالجة السرطان من منبعه وأصله عند الكبار والصغار، عاد الأمل الى الكثير من المصابين في لبنان والعالم، حيث نالت هذه الموافقة «ضجّة» بين الجميع لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي سياق معرفة تفاصيل هذا الدواء وإذا ما يمكن الحصول عليه في لبنان، كان لـ»الجمهورية» حديث خاص مع خرّيج مستشفيات الولايات المتحدة والبروفيسور السابق في جامعة فلوريدا، والرئيس الحالي لقسم علاج الأورام بالإشعاع في مركز كليمنصو الطبي البروفيسور نيقولا زوين الذي قال: «صحيح أنّ هذا الموضوع نال اهتمام جميع المعنيين بالمرض وغير المعنيين، ويعود سبب ذلك الى أنّ التصديق على إجازة وطرح هذا الدواء، خطوة مهمة جداً وفريدة من نوعها في تاريخ الطب وعلم الاورام والـ»FDA»، من ناحية أنّ هذا الدواء لا يعالج نوعاً محدّداً من السرطان، بل يعالج أساس جينات الأورام السرطانية مهما كان موقع منشئها في جسم الإنسان. ولنيل موافقة إدارة الغذاء والدواء، يجب القيام اولاً بالأبحاث على الخلايا في المختبرات، ثمّ على الحيوانات، لتتحوّل التجربة بعدها على الإنسان ضمن بروتوكول معيّن. وبعد تثبيت فعالية الدواء توازياً مع عوارض جانبية مقبولة، يتمّ تقديم تفاصيل التجارب الى هذه الإدارة لنيل الموافقة، وبعد دراسة الملف بالكامل يقرّر اذا تمّ قبول او رفض هذا الدواء».

يعالج هذه الأنواع من السرطان!

في السابق، كان يتمّ علاج السرطان بناءً على أساس مصدر الورم السرطاني، ولكن حالياً سيكون العلاج موجّهاً لأيّ مكان في الجسم، لأنّ الدواء يعالج الجين الأصلي الذي تسبّب في ظهور الورم. ويشرح د. زوين «يعالج «Larotrectinib» (اسم الدواء العلمي) الطفرات (Mutation) في جين اسمه «NTRK»؛ هذا الجين موجود في الدماغ والاعصاب والخلايا الحسّية، وتسبّب الطفرات فيه السرطانات لا سيما سرطان الغدد وبعض السرطانات عند الاطفال. ويمكن الاستفادة من هذا الدواء عن طريق التوجّه الى المختبرات لفحص هذا الجين بعد الاصابة بأيّ نوع من السرطان، وإذا كان هو السبب في الاصابة يعالج بواسطة «Vitrakvi»(اسم الدواء). ونشير الى أنّه ليس الدواء الاول الموجود والمخصّص لاستهداف جين معيّن، ولكن هي المرّة الاولى الذي لم يحدَّد فيها نوع السرطان، فكأننا نقول إنّ هذا الدواء لا يهمّه اسم السرطان أو نوعه أو مكان تواجده، فالمهم فقط أن تصيب الطفرات الجين «NTRK « ليعالج بالدواء».

هل يلغي العلاجات الأخرى؟

تمّت تجربة الدواء فعلياً على آنا بلازا وابنتها ريهانا، العام الماضي، بعدما كانت تعاني آنا من ورم سرطاني، وولدت ابنتها ريهانا بورم سرطاني في ذراعها. وتمّ منحُ دواء «Vitrakvi» للطفلة الحديثة الولادة، يومياً، وفوجئ العلماء أنه بعد 3 أيام فقط، بدأ الورم في الانكماش، وخلال أشهر تمّ القضاء على الورم السرطاني بصورة كاملة، ولم يضطر الأطباء إلى قطع ذراع الرضيعة الصغيرة. ولكن، هل يلغي هذا الدواء العلاجات الاخرى المخصصة لعلاج السرطان؟ يجيب د. زوين «ليس لدينا بعد أي إجابة على هذا الموضوع، فنحن لا نعرف اذا كان سيُغنينا عن العلاجات الكيماوية والشعاعية او الجراحية، وحتّى إنّ هذا الدواء ما زال جديداً وقيد المراقبة لا سيما عند استعماله على عدد كبير من الناس، فهنا يمكن أن نعرف فعلياً مدى فعاليّته وما هي عوارضه الجانبية. كما يمكن مستقبلاً أن تقوم الخلية السرطانية بنوع من المقاومة لهذا الدواء. بالاضافة الى ذلك، الدواء موجود على شكلين، الأول على شكل أقراص أو كبسولات، والآخر على شكل دواء شرب للأطفال خصوصاً، ويتمّ اخذه لفترة سنة تقريياً للشفاء».

لبنان والكلفة

رغم كل الأمل الذي يقدّمه هذا الدواء الى مَن ينطبق عليهم هذا العلاج، الّأ أنّ المشكلة الأساسية التي تواجه العلم ككل، هي الكلفة العلاجية الباهظة التي يصعب تحمّلها. فماذا عن لبنان؟ يوضح د. زوين «يكلف العلاج بهذا الدواء لمدة سنة 400 الف دولار، أو لأكون اكثر دقة، إنّ تكلفته تحديداً هي 393 ألف دولار، هذا غير الفحوصات التي يجب على المريض القيام بها، وغير دخول المستشفى والامور الاخرى التي تكلف مصابي السرطان. وبالتالي، توجد صعوبة كبرى في أن يحصل جميع المصابين على هذا العلاج. هذه المشكلة الاقتصادية في علم الاورام تواجه العالم كله، فالدواء موجود ولكنّ التغطية الصحية غائبة. أمّا عن لبنان، فبما أنّ هذا الدواء نال الموافقة واصبح مطروحاً في السوق وبمتناول اليد، فلا شيء يمنع وصوله الى لبنان، في حال تمّ الاتفاق مع شركة هذا الدواء». وختم حديثه قائلاً «كاختصاصيين يمكننا القول إنّ جميع السرطانات تبدأ بالطفرات الوراثية لتسبّب لاحقاً المرض، ونحن اليوم امام طريقة تفكير جديدة، فبتنا نتّجه الى تحديد المصدر واستهدافه، وفي المستقبل بالطبع سنرى أدوية اخرى تستهدف هذه الطفرات، ولكن تبقى المشكلة بالأرقام المالية المرتفعة خلال الأبحاث، وما يتنج عنها لاحقاً بارتفاع سعر الدواء والعلاج على المريض. مع العلم، أنّ الأرقام التي نشهدها اليوم لم نرها في السابق، فكنا نسمع بأدوية غالية ولكن ليس الى هذه الدرجة».