في تطور بارز، حطّ الرئيس السوداني عمر البشير، يوم الأحد، في دمشق، في أول زيارة لرئيس عربي إلى سوريا منذ اندلاع الحرب عام 2011. تأتي هذه الزيارة، اللافتة في توقيتها، وسط دعوات عربية لتطبيع العلاقات مع سوريا وإعادة مقعدها في جامعة الدول العربية، وفي ظل إقرار الدول الغربية – بعد التدخل الروسي – ببقاء الأسد على رأس النظام حتى موعد الانتخابات المقبلة.
وبالتزامن مع زيارة البشير، برز تصريح لافت لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يقول فيه إن “في حال جرت انتخابات ديمقراطية ونزيهة في سوريا وفاز فيها الرئيس السوري بشار الأسد، فإنه قد يكون على الجميع النظر في العمل معه”. فهل نشهد بداية إنعاش للنظام السوري تمهيدا لعودته للجامعة العربية من بوابة التطبيع الاقتصادي؟ وأي رسائل يحمل الرئيس السوداني، خصوصا وأنه وصل إلى دمشق على متن طائرة روسية، في ظل كلام أن الخرطوم ستكون الوجهة التالية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد مسقط؟
المحلل السياسي العميد المتقاعد الياس حنا أشار، عبر “المركزية”، إلى أن “الزيارة إشارة ذات أبعاد عدة وتحمل رسائل متبادلة بين الدول المتخاصمة حول سوريا ولكن لا يجب تحميلها أكثر من حجمها، فالسودان ليس لاعبا أساسيا في الأزمة”.
وأوضح أن “الخرطوم تتبع سياسة براغماتية، فمن جهة تشكّل أراضيها معبرا للسلاح الإيراني باتجاه غزة، ومن جهة أخرى هي عضو في التحالف الإسلامي في اليمن”، مشيرا إلى أن “هذه السياسة تجنّبها التموضع في محور إقليمي معيّن قد يضعها بمواجهة مع المحور الآخر، كما أنها تحيّد الانظار عن المشاكل الداخلية التي يعاني منها الرئيس السوداني المتهم بجرائم إبادة”.
واعتبر أن “النظام السوري يحاول أن يسترد مشروعيته العربية والدولية من خلال العودة إلى جامعة الدول العربية، ولكنه سيصطدم بفيتوين أميركي وسعودي. فاستراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه سوريا تقوم بشكل أساس على إخراج إيران و”حزب الله”، وبالتالي أي حل للأزمة لن يظهر في المدى المنظور، خصوصا وأن استراتيجيتي روسيا والولايات المتحدة للحل لا تزالان متباعدتين، فالأولى تطالب بإعادة الإعمار وعودة النازحين قبل الحل السياسي، فيما الثانية ترفض فصل المسارين عن بعضهما، وتعرقل الخطط الروسية بهذا الشأن”.
وأضاف أن “الاعتراف الدولي ببقاء الأسد يعود لاعتبارات داخلية، إذ لا يمكن اليوم خلق صراع على السلطة بين العلويين الذين يشكّلون مركز الثقل في سوريا، في ظل غياب أي بديل علوي من الأسد”، مشيرا إلى أن “النظام أُنقذ من السقوط بفعل تدخل موسكو ولكن ما هو الدور الإقليمي الذي سيلعبه في ظل الوجود الروسي الذي يتولى المفاوضات نيابة عنه وأحيانا من دون تمثيله. من هنا، صحيح أن النظام لم يسقط ولكنه يعاني الكثير من المشاكل ولا يمارس نفوذه على كامل أراضيه”.