Site icon IMLebanon

الراعي: الممارسة السياسية انحرفت

أشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى انه “عندما نقول “إنتماء” و “جنسية” و “هوية” نعني الوجه القانوني الذي يولي المرء حقوقا ويفرض عليه واجبات في الدولة. أما عندما نقول “مواطنة” فنعني الروح الوطنية الغنية بمحبة الوطن والقيم الأخلاقية التي تحرك لدى المواطن ممارسة حقوقه وواجباته المكتسبة بالانتماء والجنسية”.

وتابع الراعي، خلال “اللقاء الحواري المسيحي الاسلامي” بعنوان: “التعارف والاعتراف: نحو دولة المواطنة” الذي نظمته نظمت سفارة دولة الامارات العربية المتحدة، ان “المواطنة روح وثقافة يتميزان بحب الوطن والمواطنين. فلا تستغل قدراته وطاقاته وماله العام لمصالح شخصية. بل المواطن الحقيقي هو الذي يعزز هذه القدرات، وينمي المؤسسات العامة، ويحترمها ويحافظ عليها بمبانيها وأثاثها. المواطن الحقيقي يؤدي الواجبات تجاه الدولة وفقا لقوانينها. والدولة من جهتها تسهر على تأمين المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين”.

واكد ان “المواطنة هي الولاء الحقيقي للوطن والالتزام بخدمة الخير العام، وتستوجب المساواة بين المواطنين. إنها قاعدة الوحدة بين المواطنين، وهي حافظة التعدد والاختلاف بين جميع مكونات الوطن، وتستوجب العدالة الاجتماعية والتوزيعية بحيث ينعم الجميع من خيرات الوطن، وتوفر لهم تكافؤ الفرص، والمشاركة في الحكم والإدارة، وتعزز مشاعر الثقة والاحترام المتبادل. عندما تتأصل المواطنة في النفوس، ينفتح باب التعارف والاعتراف المتبادل، مع ما يحتوي من غنى، وتنتشر ثقافة قبول الآخر المختلف بروح التكامل، ويتراجع حتما السعي إلى العنف لحل النزاعات، ويتلاشى خطاب الكراهية والحقد والتحريض”.

وقال: “المواطنة تحتاج إلى تثقيف إنساني واجتماعي ووطني، يبدأ في العائلة وتتولاه المدرسة والجامعة، المعنيتان مباشرة بالتربية. وتتحمل مسؤوليته الدولة بأدائها تشريعا وإجراء وإدارة وقضاء، والأحزاب التي وجدت في الأصل من أجل خدمة الوطن وتعزيز روح المواطنة والولاء له لدى المحازبين، والنقابات التي فيما تطالب بحقوقها تلتزم بالواجبات تجاه الدولة، وسائر هيئات المجتمع المدني بما تقوم به من مبادرات في هذا السبيل”.

وتابع: “في ضوء كل ذلك، تقتضي المواطنة، لكي تمارس حقا وتعاش، وجود الدولة المدنية، غير الدينية. بمعنى أنها لا تعتمد دينا للدولة، ولا كتابا دينيا للدولة يكون مصدر التشريع فيها، ولا تحصر السلطة السياسية والعسكرية والقضائية العليا بدين أو مذهب، وتحترم جميع الأديان وعقائدها، وتتعاون معها من أجل الخير العام وخير الإنسان. إن لنا نموذجا لهذه الدولة المدنية في لبنان. لكننا نلفت النظر إلى أن الممارسة السياسية في هذه السنوات الأخيرة انحرفت بلبنان من الولاء له إلى الولاء للمذهب والحزب وصاحب النفوذ، وضيقت على روح المواطنة. هنا توجد مكامن عثراته السياسية مع ما ينتج عنها من أزمات على كل صعيد”.

وختم بالقول: “لا بد من وقفة وطنية مسؤولة، يستعيد بها اللبنانيون هويتهم الحقيقية، والأسس التي بني عليها لبنان كدولة مدنية تميزت بالمواطنة كانتماء، وبالعيش المشترك الإسلامي – المسيحي على أساس المساواة، كهوية شبهته بنسر ذي جناحين. هذا هو العقد الاجتماعي الذي قام عليه لبنان، وصانه الميثاق الوطني والدستور، والذي يوجب تجديده، ونحن على مشارف الاحتفال بمئوية تأسيس دولة لبنان في أول أيلول 2020”.