كتب ألان سركيس في صحيفة “الجمهورية”:
سلكت التشكيلةُ الحكومية طريقها نحو التنفيذ، وتبقى أمورٌ تقنيّة تحتاج الى معالجة ولا تشكّل عُقدةً بمعنى العُقدة الحقيقية.
بعد الشروع في حلّ العقدة السنّية التي قادها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، تمّ التطرّق الى توزيع بقية الحقائب حسب المذاهب والطوائف، وقد ظهر أنّ الأمور تحتاج الى بعض الدراسة خصوصاً على الساحة المسيحيّة لأنّه هناك تداخل مذهبي وطائفي وحتى حزبي.
وبما أنّ حزب «القوات اللبنانية» كان أوّل مَن سارع إلى الإعلان عن أسماء وزرائه والحقائب التي سيتولّونها قبل العرقلة التي حصلت بسبب العقدة السنّية التي وضعها «اللقاء التشاوري» بدعمٍ من «حزب الله»، فإنّ «التيار الوطني الحرّ» والعهد وحزب «الطاشناق» لم يعلنوا عن الأسماء والتوزيعة على الطوائف.
وكما بات معلوماً، فإنّ «القوات» قدّ سمّت كلّاً من كميل أبو سليمان (ماروني) لوزارة العمل، مي شدياق (مارونية لوزارة الثقافة)، ريشار قيومجيان (أرمن كاثوليك لوزارة الشؤؤون الإجتماعية)، وغسان حاصباني لمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء، لكنّ هذا الأمر دفع حزب «الطاشناق» الى المطالبة بحقيبة للأرمن الأرثوذكس على إعتبار أنهم يملكون 3 نواب، والنواب الستة للأرمن يتوزّعون بين 5 للأرمن الأرثوذكس ونائب واحد للأرمن الكاثوليك.
ومن هذا المنطلق، أعيد البحث في توزيع حصّة «القوات اللبنانية»، وقد أبلغ اللواء إبراهيم أمين عام حزب «الطاشناق» النائب أغوب بقرادونيان أنّ وزارة السياحة ستبقى من ضمن حصة «الطاشناق».
وعلمت «الجمهورية» أنّ «القوات اللبنانية» تلقت ضمانات من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري بعد سلسلة إتصالات جرت بين معراب و«بيت الوسط» وبعبدا بأنّ حصّة «القوات» محفوظة وهي 4 وزراء، وتضمّ هذه الحصّة ما تمّ الإتفاق عليه سابقاً أي حقائب العمل، الشؤون الإجتماعية، الثقافة، ومنصب نائب رئيس مجلس الوزراء، وهذا الأمر يحظى بضمانات رئاسية، كما أنّ معراب لن تتنازل عن حصتها.
وتؤكّد معراب أنها ليست في وارد عرقلة تأليف الحكومة، ولن تشكّل عقدة بعد حلّ العقدة السنّية، خصوصاً أنّ حقها بات محفوظاً، أي 4 وزراء والحقائب التي باتت معروفة، لكن من جهة ثانية، فإنّ معراب تتفهّم ما يطرحه حزب «الطاشناق»، أي أنه أكبر حزب أرمني ويملك أكبر كتلة نواب أرمنية وله الحقّ بأن يحظى بحقيبة.
وتشدّد «القوات» على أنها لا تريد أن تدخل الى الحكومة وهناك طرف مهمّ وشريك أساسي في البلد يشعر بأنّه مغبون أو لم ينل حقّه في التمثيل، لذلك، لا تمانع «القوات» بأن يجرى ترتيبٌ شكلي وإعادة توزيع ضمن الحصّة «القواتية» وليس مع طرف آخر، مع الإحتفاظ بالجوهر.
وبالتالي، فإنّ المعلومات ترجّح بقاء أبو سليمان في وزارة العمل وشدياق في وزارة الثقافة، فيما تُسند وزارة الشؤون الإجتماعية الى حاصباني، ويبقى ريشار قيومجيان وزيرَ دولة، وهكذا تكون «القوات» قد حافظت على حجمها وحقائبها، وشعر الطرف الآخر أنّ حقّه محفوظ وليس مغبوناً.
وبعد حلّ معظم العقد، يبقى الأساس إنتظار كيف سيوزّع «التيار الوطني الحرّ» وفريق العهد حصته الوزارية وكيف سيوفّق بين المذاهب المسيحية، لأنّ أيَّ تغيير في مكان ما سيؤدّي الى تغيير في مكان آخر.
ومن بين المشكلات التي تواجه «التيار» هي إغداقه وعوداً على شخصيات عدّة وخصوصاً شخصيات مارونية، بأن ينضمّوا الى تكتل «لبنان القوي» ويخوضوا الإنتخابات الى جانبه مقابل توزيرهم، وهذا الأمر قد يسبّب مشكلة داخل التكتل لاحقاً.
وإذا كانت غالبية الوزارات باتت واضحة المعالم، فإنّ الغموض يلفّ وزارة العدل، خصوصاً أنّ هوية مذهبها لم تتّضح بعد، وبالتالي يجب إنتظار الأيام المقبلة لمعرفة ماذا ستحمل من أخبار ومفاجآت.