كأنّها وُلدتْ، فالحكومة اللبنانية العتيدة اكتملتْ «على الورقة والقلَم»، حقائب وأسماء، ولم يبقَ إلا صدور مراسيمها غداً أو بعده أو الأحد كحدّ أقصى إيذاناً بدخول البلاد مرحلةً جديدة مثقلةً بـ«الندوب العميقة» التي تركتْها أزمة التأليف ومسارِ الانفراج فيها على الآليات الدستورية لعملية التشكيل ورمزيّاتها السياسية، وبـ«رزمةِ» الاستحقاقات الداخلية والخارجية التي تزخر بها روزنامة 2019 وبعضها «متوارَث».
ولم يتسنّ لبيروت «التقاط الأنفاس» في ملاقاة الحكومة، «هدية الميلاد» المنتظرة منذ 7 أشهر، إذ إن الارتياح الكبير سرعان ما «حاصرتْه» أجواء ارتيابٍ أطلّتْ بـ«رأسها» من «الأنفاق الحدودية» مع إسرائيل ودخول واشنطن باكراً على خطّ «ما بعد» تأليف الحكومة من بوابة إعرابها عن «مخاوف كبيرة إزاء تنامي القوة السياسية لحزب الله داخل لبنان»، مع أملها في أن تبني الحكومة المقبلة «دولة آمنة ومستقرة وتعمل مع الولايات المتحدة في المجالات ذات الاهتمام المشترك».
في المقابل، فإن لبنان بدا بملاقاة «تدويل» قضية الأنفاق والحزب، مربَكاً وكأنه يخوض معركة ديبلوماسية مزدوجة، مع تل أبيب معتمداً ديبلوماسية «الهجوم الى الأمام» عبر توثيق «سجلّ الخروق الإسرائيلية للقرار 1701 والسيادة اللبنانية، ومع قوة (اليونيفيل) بعدما (صدّقت)على وجود أنفاق (خارقة للخط الأزرق)».
وحَمَل البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية ملامح الاستراتيجية اللبنانية في جلسة مجلس الأمن التي ساد حبْس الأنفاس حيال «الأضرار» التي قد تصيب لبنان الرسمي فيها، إذ عبّر عن «قلق بيروت إزاء بيان اليونيفيل الصادر في 17 الجاري» (أكد وجود أنفاق عابرة للخط الأزرق واعتبرها انتهاكات لـ1701)، مؤكداً «موقف لبنان الواضح بالالتزام الكامل بالقرار 1701 ورفضه لكل الخروق له من أي نوع كانت»، داعياً مجلس الأمن «لإلزام إسرائيل وقف جميع خروقها للسيادة اللبنانية».
وفيما كان هذا الملف «يثْقِل» على العدّ العكسي لولادة الحكومة الثلاثينية، اتجهت الأنظار إلى مسألتيْن، واحدة مستقبلية تتصل ببيانها الوزاري المرتقب وسط اقتناعٍ بأنه سيكون نسخة شبه منقّحة عن بيان الحكومة الحالية مع إضافاتٍ تتصل بمؤتمر «سيدر» ومرتكزاته الإصلاحية، وثانية «المسْرح السياسي» الذي أتاح «فكّ أسْر الحكومة» وسط إصرار بعض الأوساط على ربْط ذلك بحلقة انفراجات في ساحات أخرى مثل اليمن والعراق وحتى بدء ملامح انفتاح عربي «بالزيارات» على النظام السوري، مقابل اعتبار أوساط أخرى أن «المعطى اللبناني» كان هو الحاسم في تحديد توقيت الإفراج عن الحكومة بعدما نجح «حزب الله» في تحقيق ما أراده انطلاقاً من ربْطه سابقاً مصير التأليف بتمثيل النواب السنّة الستة الموالين له.
ورغم الإجماع على «الاتفاق التام» أُنجز استناداً الى مبادرة النقاط الخمس التي أطلقها الرئيس ميشال عون وأدار التفاوض على آلياتها التنفيذية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، فإن بعض «الروتشات» بقيت مدار حركة مكوكية واصَلها الأخير على المقرات الرسمية، ولا سيما لجهة تنقيح لائحة الأسماء التي رَفَعَها النواب السنّة الستة من خارجهم ليختار بينها عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على أن تكون الشخصية المختارة من حصة رئيس الجمهورية ولكن تمثّل «اللقاء التشاوري».
وبدا واضحاً أمس وجود تبايُن بين «مجموعة الستة» حيال الأسماء المرفوعة والتي تردّد بدايةً أنها تضمّ حسن عبدالرحيم مراد، عثمان مجذوب، طه ناجي، جواد عدرا و(مدير البروتوكول في مجلس النواب) علي حمد، ذلك أن النائب مراد اعترض علناً على إدراج عدرا وحمد، قبل أن يستدعي هذا الخلاف اجتماعاً لأعضاء المجموعة على وقع إعلان مصدر فيه «إننا لن نقبل بأي اسم من خارج الأربعة الذين طرحناهم (إبراهيم عوض، مجذوب، مراد وناجي)».
واذ عُلم ان «مجموعة الستة» كان تتجه لعقد لقاء مع المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل، استبعدت أوساط سياسية أن يؤدي «الأخذ والردّ» حيال تسمية ممثّل النواب السنّة الموالين للحزب ولا إصرار حزب الطاشناق الأرمني على أن يتمثّل بحقيبة (تستوجب «تدوير حقائب» داخل حصة «القوات اللبنانية») أو محاولة «التيار الوطني الحر» الحصول على مقعد ماروني (من «القوات») في وقف «اندفاعة» الولادة الحكومية.
وقال مسؤول رفيع المستوى لـ«رويترز»، إن وزير المالية علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل سيحتفظان بمنصبيهما في الحكومة الجديدة.
وأعلن مصدر سياسي آخر، إن باسيل سيحتفظ بمنصبه وإن إلياس بو صعب سيصبح وزيراً للدفاع.