Site icon IMLebanon

لماذا تدعم واشنطن حكومة لبنان رغم تزايد نفوذ حزب الله؟

أبدت الولايات المتحدة عزمها دعم حكومة لبنان المقبلة، رغم قلقها من تنامي نفوذ حزب الله السياسي، الذي ترجم في مشاركته المرتقبة في التشكيل الحكومي بثلاث حقائب بينها حقيبة الصحة حيث من المرجح أن يتولاها محمد جبق.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن بلاده تأمل في أن تعمل حكومة لبنان المقبلة معها فيما يتعلق بالمجالات ذات الاهتمام المشترك. وعبر المسؤول في الآن ذاته عن القلق من تزايد نفوذ جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران في لبنان.

وترى دوائر سياسية لبنانية أن الاستراتيجية الأميركية في التعاطي مع لبنان بقيت على حالها، وإن كان من المرجح أن تواصل واشنطن ضغوطها على حزب الله الذي تعتبره تهديدا خطيرا لمصالحها ومصالح وأمن حلفائها في المنطقة.

وأكد نائب المندوب الأميركي في الأمم المتحدة الأربعاء في جلسة خاصة لبحث الأنفاق التي أعلنت إسرائيل اكتشافها على الحدود مع لبنان أن “حزب الله يشكل تهديدا لإسرائيل ولأمن المنطقة”، مطالباً الحكومة اللبنانية بالتصدي لأنفاق الحزب.

وتعتبر الدوائر السياسية أن الولايات المتحدة معنية باستقرار لبنان، الذي تربطه معها علاقات مهمة، فضلا عن كون موقعه الجيوسياسي يعد مركز اهتمام أميركي، في ظل مساع قوى أخرى على غرار روسيا الدخول على الخط.

وتلفت هذه الدوائر إلى أن الولايات المتحدة لا تبدو متحمسة لـ”البروباغاندا” التي تسوقها إسرائيل بوضع النظام السياسي اللبناني في سلة واحدة مع حزب الله.

وتتهم إسرائيل النظام اللبناني بالتواطؤ مع حزب الله عبر غض الطرف عن تحركاته جنوب البلاد. وقد صعدت حكومة بنيامين نتنياهو في الفترة الأخيرة حملتها بالتزامن مع إطلاق عملية “درع الشمال” للبحث عن أنفاق على الحدود بين الجانبين قالت إن الحزب حفرها استعدادا لأي مواجهة مستقبلية معها.

وبدا واضحا أن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي غير مستعدتين للانخراط في الحملة الإسرائيلية على الدولة اللبنانية وإن كانتا قد شددتا خلال جلسة مجلس الأمن على ضرورة أن تمارس الأخيرة ضغوطا على الحزب للالتزام بالقرارات الأممية.

وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي قبيل الجلسة بتصنيف حزب الله برمته (أي بجناحيه السياسي والعسكري) منظمة إرهابية، والضغط على بيروت لوضع حد لتحركات التنظيم الشيعي. وقال نتنياهو لوسائل إعلام أجنبية في البرلمان الإسرائيلي “أدعو جميع أعضاء مجلس الأمن إلى إدانة أعمال حزب الله العدوانية غير المبررة وتصنيف الحزب برمته منظمة إرهابية والدفع باتجاه فرض عقوبات مشددة عليه”.

ودعا مجلس الأمن أيضا إلى أن “يطالب لبنان بالتوقف عن السماح باستخدام أراضيه لأعمال عدوانية، وإلى أن يدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد عدوان تقوده إيران”. وبدأت إسرائيل في الرابع من ديسمبر عملية “درع الشمال” وكشفت عن عثورها على أربعة أنفاق، وهو ما أكدته الاثنين قوات حفظ السلام الأممية (يونيفيل).

وخاضت إسرائيل حربا في 2006 ضد حزب الله انتهت بوقف للأعمال القتالية تشرف عليه الأمم المتحدة بموجب القرار الدولي 1701.

ووصف نتنياهو الأربعاء الأنفاق بأنها “عمل حربي” واتهم الحكومة اللبنانية بعدم الحيلولة دون إقامتها. وقال “الحكومة اللبنانية يجب أن تكون أول من يحتج على هذا الأمر، وفي أفضل الأحوال هي لا تفعل شيئا وفي أسوأ الأحوال تتواطأ”، واصفا مجددا حزب الله بأنه “أداة” في يد إيران.

وشكل الكشف عن أنفاق لحزب الله تتجاوز الخط الأزرق إحراجا كبيرا للدولة اللبنانية، التي أكدت على أنها ستتعامل مع هذا الوضع وأنها حريصة على الالتزام بالقرارات الأممية.

ويرى مراقبون أن إسرائيل نجحت فعلا في حملتها الموجهة ضد حزب الله خاصة بالنسبة للدول المترددة، بيد أن محاولتها إلصاق تهمة التواطؤ بالدولة اللبنانية لن تلقى صداها، في ظل وعي بأن الدولة بأجهزتها لا تستطيع مواجهة الحزب أو إجباره على نزع ترسانته العسكرية التي تفوق حتى الجيش، وسبق أن صرح رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بأن حل مشكلة سلاح حزب الله يأتي ضمن النطاق الإقليمي.

وبات الحريري في الربع ساعة الأخير قبل الإعلان عن حكومته الجديدة، بعد أن ظهرت بوادر جدية لانفراجة في عقدة تمثيل سنة 8 آذار، حيث أن الإشكالية الوحيدة المتبقية هي هوية الوزير الذي سيمثل هؤلاء داخل الحكومة التي طال انتظارها لسبعة أشهر.

ومن شأن التعهد الأميركي باستمرار دعم لبنان أن يشكل دفعة معنوية قوية للحريري. وتواترت الخميس التسريبات عن هوية الوزراء الجدد في الحكومة الجديدة التي يصفها رئيس الجمهورية ميشال عون بالحكومة الأولى للعهد.

وقال مسؤول لبناني كبير لوكالة رويترز الأربعاء إن وزير المالية علي حسن خليل (حركة أمل) ووزير الخارجية جبران باسيل (التيار الوطني الحر) سيحتفظان بمنصبيهما في الحكومة الجديدة، فيما سيتولى إلياس أبوصعب المقرب من الرئيس ميشال عون وزارة الدفاع.

وعلى ضوء هذه الانفراجة الحكومية ارتفعت السندات اللبنانية المقومة بالدولار الأربعاء، حيث قفز إصدار 2025 بمقدار 0.832 سنت إلى 78.946 سنت، مسجلا أعلى مستوياته في خمسة أسابيع، وفقا لبيانات تريد ويب.