كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:
تقارب قيادة «التيار الوطني الحر» ملف إعادة إحياء العلاقات مع دمشق وفق وجهتي نظر مختلفتين، وتتم الإحاطة بهذا الملف بتأنٍّ، وإن كان ممثل عنهم، هو وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال بيار رفول يزور بشكل دوري العاصمة السورية دمشق، ويلتقي مسؤولين فيها. وفي الوقت نفسه، لا يبدي النظام السوري حماسته السابقة تجاه الانفتاح اللبناني الرسمي عليه، ولا يزال إعلان رئيس التيار جبران باسيل حول وضع لوحة الانسحاب السوري من لبنان «يترك حتى الساعة، انعكاسات على علاقة قيادة التيار بدمشق»، كما قال مصدر في 8 آذار لـ«الشرق الأوسط».
ويبدو واضحاً وجود مقاربتين مختلفتين داخل «البيت العوني» لملف إعادة إحياء العلاقات مع دمشق. ففيما يعتبر مصدر قيادي أنه «قد آن أوان الانكباب لاستعادة العلاقات المميزة بين البلدين»، لافتاً إلى «أننا أصلاً تأخرنا بذلك باعتبارنا كنا نراعي باقي الفرقاء اللبنانيين الذين ما زال بعضهم يرفض الفكرة رفضاً قاطعاً»، يرى النائب في «لبنان القوي» ماريو عون أن «الوضع الداخلي لا يزال دقيقاً، وأن فتح هذا الملف من شأنه أن يؤدي لعرقلة عمل الحكومة الجديدة قبل انطلاقته»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على الوحدة الداخلية التي هي أهم من أي شيء آخر، وعلى وجوب ربط الموقف اللبناني من هذا الملف بالموقف العربي الموحد. ويضيف: «في حال اتخذت الجامعة العربية قراراً بإعادة تفعيل عضوية سوريا، عندها سيساعدنا ذلك في اتخاذ قرارات مختلفة».
ويشير عون إلى أن «التواصل أصلاً مع دمشق غير مقطوع باعتبار أن هناك وزراء لبنانيين يتواصلون مع زملائهم السوريين، ولا خلاف بالنسبة لنا كتيار وطني حر مع دمشق، لكننا لا نزال نعتقد أن لا إمكانية في الظروف الراهنة للذهاب باتجاه انفتاح شامل، تجنباً لخلاف داخلي كبير».
في المقابل، يربط قيادي عوني (تحفَّظ على ذكر اسمه)، بين أهمية المسارعة فور تشكيل الحكومة لفتح ملف العلاقة مع دمشق، ووجوب تهيئة الظروف المناسبة لاستفادة لبنان من عملية إعادة الإعمار في سوريا، التي ستؤدي لنهضة في الاقتصاد اللبناني.
ويُعتبر القيادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا إمكانية لنجاح أي خطة اقتصادية أو لضمان عودة كبيرة للنازحين في حال لم نطرق أبواب دمشق بشكل مباشر».
وأصيبت علاقة «التيار الوطني الحر» بدمشق بانتكاسة كبيرة مع طلب رئيس التيار ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، الشهر الماضي، من نواب كسروان، أخذ الإذن اللازم لوضع لوحة عن الانسحاب السوري من لبنان، وقد سارع مسؤولون سوريون ونواب لبنانيون مقربون من دمشق لانتقاد موقف باسيل.
وقال مصدر في قوى 8 آذار مطلع على موقف «حزب الله»، أن موقف باسيل هذا شكّل «خطأً استراتيجياً قاتلاً، وهو لا يزال يترك حتى الساعة انعكاسات على علاقة قيادة التيار بدمشق». وأشار المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن سوريا التي كانت تدفع باتجاه إعادة انفتاح لبنان الرسمي عليها وتترقب زيارة الرئيس عون، لم تعد كذلك اليوم، فالمستجدات الأخيرة، خصوصاً زيارة الرئيس السوداني وما سيليها من زيارات، جعلت القيادة السورية غير متحمسة لأي خطوة لبنانية تجاهها، وهو ما سينعكس لا شك على إمكانية استفادة لبنان من عملية إعادة الإعمار».
وفي مقابلة حديثة له، أكد السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم، على أن «العلاقة التي تجمع بين لبنان وسوريا، البلدين الشقيقين، ليست متوترة ولكن ليست بالمستوى التي تفرضه مصلحة البلدين وحاجة البلدين، والتحديات التي يواجهها البلدان».