تواجه الحكومة العتيدة تحديات كثيرة ومتشعبة وفي مقدمها أن تتمكن من بناء ثقة المجتمع الدولي بها سياسيا وأمنيا واقتصاديا وهو أمر لن يكون متاحا إذا لم تشكل هذه الحكومة فريق عمل متجانس في أولوياته مصالح اللبنانيين وإنقاذ البلد من كل ما يتهدده.
في السياسة على هذه الحكومة أن تلتزم أولا بضمان الحريات السياسية والإعلامية وان تتيح العمل الحر للمعارضة حتى ولو كانت من داخلها، فالتهويل بأن كل اعتراض هو عرقلة وتعطيل لا يقع في مكانه الصحيح، بل يمكن أن يدرج في خانة القمع والحد من الحريات العامة والسياسية.
وفي هذه الخانة أيضا لا بد لهذه الحكومة أن تعدل في صلاحياتها أو ما هو مسموح لها لجهة قرار السلم والحرب، فتداعيات هذا القرار موجودة في خلفية عقول كل اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي ولا سيما في عقول المستثمرين الذين يخشون من أي حرب قد تندلع في أي لحظة.
إن هذا القرار لن يكون كاملا في يد السلطة السياسية اللبنانية ولكن حصره في مسألة الدفاع عن لبنان قد يكون من الخطوات المفيدة في إنقاذ هذا البلد، لأن ربطه بتحرير فلسطين ونزاعات المنطقة لن يسمح للبنان بالتقدم كما يرغب، لا سيما إذا استمرت الروابط الواضحة بما يسميه البعض الوصاية الإيرانية وعودة بوادر الوصاية السورية.
في الموضوع الاقتصادي والمالي تتصاعد التحديات إلى حد أن لا خيارات متاحة سوى الإنقاذ لأن أي تردد يعني إصابة لبنان بمقتل وربما يريد البعض ذلك عندما سيعترضون على ترشيق القطاع العام ووقف التوظيف وخفض عدد العاملين في هذا القطاع ووقف الإنفاق غير المجدي والهدر والفساد والسمسرات والمحاصصة في المشاريع، والأهم معالجة أزمة الكهرباء وما ينجم عنها من تفاقم للعجز في الخزينة.
كل هذه الأمور لا تنفك القوى السياسية المشاركة في الحكومة من الإعلان عنها والتعهد بها في كلام ومواقف تبقى حتى الساعة في مهب ريح المصالح ولم ترق يوما إلى إرادة التنفيذ.
هذه الحكومة لا يمكن لها أن تتجاهل الوضع الأمني وفي مقدمته ألا يكون تعبيرا عن خلافات سياسية فتتجسد في اغتيالات أو ضغوطات على الأرض، وهنا تكمن أهمية الأمن السياسي قبل الأمن اليومي المتجسد في ملاحقة العصابات على أنواعها على أن يختفي الحديث عن أي غطاء سياسي بأي شكل من الأشكال.
في الحكومة لا بد أن يستشعر الجميع الأخطار التي تطال لبنان على كل الصعد،والرقص على حافة الهاوية أصبح ممنوعا لأن كل الراقصين سيسقطون معا وسيسقط معهم البلد.