كتبت سينتيا عواد في صحيفة “الجمهورية”:
يُعتبر الميلاد ورأس السنة من أجمل الفترات التي ينتظرها الناس بفارغ الصبر، إلّا أنهما في الوقت ذاته يُثيران القلق من زيادة الوزن لغناهما بأشهى المأكولات والحلويات وأكثرها احتواءً على السعرات الحرارية. فهل المطلوب اتباع مبدأ الحرمان أم هناك خطّة معيّنة يجب التمسك بها للاستمتاع بالاحتفالات بِلا أي زيادة في الكيلوغرامات؟
لفتت إختصاصية التغذية، ميشال محاسب، من مستشفى «أوتيل ديو دو فرانس»، بداية حديثها لـ«الجمهورية» إلى أنّ التخبيص في الغذاء لا يقتصر فقط على يومَي 24 و 25 كانون الأول، إنما يمتدّ طوال هذا الشهر حتى أولى أيام السنة الجديدة لأسباب عدة كالمشاركة في الـ«Secret Santa» حيث تتألف غالبية الهدايا من الشوكولا والوجبات السريعة الغنيّة بالسعرات الحرارية، لذلك يُفضّل استبدالها بأغراض أخرى لا علاقة لها بالأكل. ومن جهة أخرى، تكثر خلال هذه الفترة الأسواق الخاصّة بعيد الميلاد والتي تمتدّ لأيام وتشارك فيها الأسماء التجارية الخاصة بالمأكولات الغنيّة بالكالوري والدهون المشبّعة المضرّة مثل البرغر والحلويات والمقالي. وكنتيجة لهذا الأمر، فإنّ الشخص سيشعر تلقائياً برغبة مُلحّة في تذوّق ما يشتهيه فور رؤية الطعام يُحيطه يميناً وشمالاً واستنشاقه الرائحة التي تفوح في المكان».
جلسات الـ«Cheese & Wine»
وتابعت قائلةً إنه «لا يمكن غضّ النظر عن جلسات الأجبان والنبيذ عند التطرّق إلى العوامل التي تهدّد الرشاقة خلال هذه الفترة من السنة. صحيح أنه من الصعب مقاومة مثل هذه الجلسات مع الأصدقاء، ولكن يجب عدم تجاهل كمية السعرات الحرارية والدهون التي تُخبّئها بما أنّ غالبية الأجبان المتوافرة تكون مليئة بالدهون المشبّعة (كل 30 غ من الجبنة تحتوي ما لا يقلّ عن 100 كالوري)، من دون نسيان تقديم اللحوم المجهّزة أيضاً، ما يعني أنّ نوعية الأكل تكون سيّئة وكميته كبيرة جداً. فضلاً عن فقدان السيطرة على حصص الخبز، لذلك يُستحسن تحديد قطع الخبز والأجبان ووضعها في الطبق للإكتفاء بها، مع الحرص على الأكل ببطء».
وشدّدت على أنّ «الأكل ليس وحده المصدر المليء بالسعرات الحرارية، إنما ذلك ينطبق أيضاً على المشروبات التي تتصدّر لائحتها الكحول لغناها بالدهون والسكر. يُنصح باللجوء إلى النبيذ الأحمر لاحتوائه على جرعة عالية من مضادات الأكسدة، مع الحرص على التحكّم في الكمية التي يجب ألّا تتخطّى الكأسين كحدّ أقصى».
وللتمكن من الاستمتاع بالـ«Cheese & Wine» بِلا تهديد الرشاقة، أوصت محاسب بـ«ضرورة الابتعاد من فكرة الامتناع عن الأكل طوال اليوم لأنّ ذلك سيضرّ أكثر ممّا ينفع. المطلوب الحصول على وجبتين رئيستين عبارة عن فطور خفيف كساندويش صغير مع كوب من المشروب الساخن، وغداء صحّي تكون كميته معتدلة، جنباً إلى سناكين مؤلّفين من حصّتي فاكهة».
مأكولات العيد
وقدّمت خبيرة التغذية لمحة سريعة عن أبرز الأطعمة التي يزداد الإقبال عليها خلال الأيام القليلة التي تنتظرنا، فأفادت أنّ «السعرات الحرارية في الشوكولا تبدأ من 80 إلى 100 كالوري وترتفع وفق حجمه وحشوته. وفي ما يخصّ الـ«Bûche de Noël»، فهو غنيّ بالكالوري لأنّ عجينته دسمة وتدخل في تركيبته مكوّنات كثيرة مليئة بالوحدات الحرارية والدهون كالسكر والزبدة والبيض، علماً أنّ الحجم العادي يؤمّن نحو 200 كالوري. وما يحصل عادةً أنه لا يتمّ الاكتفاء بقطعة واحدة خصوصاً أثناء الزيارات، الأمر الذي يُهدّد الرشاقة بجدّية. لذلك يجب الاكتفاء بقطعة واحدة من الـ«Bûche» في اليوم، والأفضل تحضيره في المنزل وحشوه بالمربّى بدل زبدة الكريما لاحتوائه على كالوري أقلّ. كذلك يمكن استبداله بالـ«Christmas Cake» الذي يُحضَّر بلا زبدة ومع قليل من الفاكهة المجففة».
وأضافت: «أمّا بالنسبة إلى المغلي المكوّن من الأرزّ والبهارات والمُضاف إليه المكسرات، فمجموع السعرات الحرارية في الكأس الواحدة تبدأ بـ200 كالوري وترتفع وفق الحجم وكمية المكسرات. صحيح أنّ هذه الأخيرة تحتوي على الدهون غير المشبّعة المفيدة للصحّة ولكنّ كثرتها تؤدي إلى زيادة الوزن، لذلك يجب عدم وضع كمية كبرى منها. كذلك يمكن السيطرة على الوحدات الحرارية من خلال تحضير المغلي بواسطة المُحلّي الصناعي بدل السكر الأبيض».
ودعت إلى «عدم استهلاك كل هذه الأطعمة في آن تفادياً لارتفاع مجموع السعرات الحرارية بشكل هائل، إنما تناول كل واحدة على حدة وباعتدال».
وفي ما يتعلّق بالليكور، أشارت محاسب إلى أنه «يحتوي على نسبة من السكر والكالوري، خصوصاً الـ«Irish Cream». يُفضّل اختيار الليكور المنكّه بالنعناع أو الكلمنتين لاحتوائه كالوريهات أقلّ من غيره مع الحرص على الانتباه إلى الكمية. وبالنسبة إلى المائدة التي تشمل مختلف الأصناف من معجنات إلى توابل باردة وصولاً إلى الطبق الرئيسي الذي يتألف عادةً من حبش العيد، فالمفتاح هو الاعتدال، بحيث يجب الاكتفاء بملعقة واحدة لتذوّق كل شيء».
لإجراء تعديلات بسيطة
وختاماً، أكّدت أن «ليس المطلوب الحرمان من الأكل واحتساب الكالوري بشكل متواصل ليلة العيد، إنما ببساطة اتّخاذ بعض التدابير البسيطة كالانتباه إلى طريقة الطبخ، والسيطرة على نوعية المأكولات بحيث يمكن وضع قليل من الأرزّ والمكسرات مع الحبش، والاكتفاء بقطعتين من المعجنات، وتفادي احتساء الكحول مع المكسرات والفاكهة المجففة قبل الجلوس إلى المائدة لأنّ هذه العادة ترفع كمية السعرات حتى قبل بدء الاحتفال». ونصحت بـ«زيادة مدة الحركة بمختلف أشكالها، ومعاودة الرياضة بعد العيد، والتوقف فور الشعور بالشبع تفادياً للقمشة العشوائية، والتركيز على نوعية الأكل وليس كميته فقط، وعدم المبالغة في الكحول. الحفاظ على الوزن أساسي خلال هذه الفترة المجيدة ولكن بعيداً من سياسة الحرمان».