IMLebanon

هل كان طرح جواد عدرا لغمًا؟

لم تكن اشارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امام وفد برلماني فرنسي وآخر من “المنظمة الانكليزية العربية” ان تشكيل الحكومة بات اسرع من المتوقع، لولادة الحكومة التي دخلت عملية توليدها في الساعات القليلة الماضية مجموعة من الأنفاق اعاقت الوصول الى المراسيم المتوقع صدورها لقبول استقالة حكومة “استعادة الثقة” وتسمية الرئيس المكلف لتشكيلها واسماء الوزراء واسقاط الحقائب عليها.

فقد تعددت في الساعات الماضية العقد الطارئة التي اعادت البحث في بعض الحقائب والأسماء لأكثر من سبب ابرزها ان تسمية جواد عدرا اعاد خلط الأوراق من جديد شمالا واسقط اسماء كانت تنتظر هذه اللحظات لدخول الجنّة الحكومية، في وقت نُسفت فيه بعض من القواعد السابقة التي كانت فد انهت الجدل حول العديد من الحقائب الوزارية ولمن ستؤول.

ويقول احد الوسطاء ان “حزب الله” الذي فاجأ الجميع بـ “العقدة السنّية” صدمهم مرة ثانية باختيار من سيمثل مجموعة “نواب سنّة 8 آذار” وفرض اعادة تقويم للمرحلة السابقة من التفاهمات على الحقائب والحصص، خصوصا لجهة حصص الشمال الوزارية ما اعاد العملية الى مرحلة ما قبل لحظات المخاض والولادة.

والى المفاجأة التي احدثها اختيار عدرا، فقد فوجىء البعض بمحاولة الخروج من التفاهمات السابقة وبرزت رغبة رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل باعادة البحث في بعض الحقائب في ادق توقيت كانت توضع فيه اللمسات الأخيرة على التشكيلة قبل اسقاط الأسماء على الحقائب.

فهو حتى، الجمعة، القريب “لم يبلع” تخلّي رئيس الجمهورية عن الوزير السنّي السادس الذي كان من نصيب الفريق المقرب منه، فانطلقت المساعي لإستمالة عدرا وضمّه الى تكتل “لبنان القوي” بدلا من ان يكون ممثلا لفريق النواب الستة لعلمه الأكيد انه لو يكن يوما فريقا يعتد باستقلاليته وهو في طريقه الى الإضمحلال.

وجاءت هذه القناعة في وقت اعتقد فيه ان بامكانه استعادة حقيبة الأشغال فطرح الأمر بخفر و”عالسكت”، ولما وجدها في المنطقة المحظورة انكفأ الى حقيبة الصناعة فرآها على اللائحة عينها واصطدم بموقفين باردين من “تيار المردة” والحزب “التقدمي الإشتراكي”.

وقد يكون اعادة طرح الحقائب من جديد استهوى الرئيس المكلف فخاض التجربة ذاتها لتبديل بعض الحقائب فتوسعت عملية التبديل لتشمل اربع حقائب على الأقل هي البيئة، الاعلام، الثقافة والزراعة لتحاشي الخلل الذي قد يحدثه اصرار باسيل على موقفه، فتكثفت المساعي التي كان من المفترض ان تبذل لمعالجة العقدة السنّية الأخيرة الى احياء عقد اخرى اعتقد البعض انها باتت من الماضي.

ويعترف احد الوسطاء لـ”المركزية” ان عملية اعادة النظر بالحقائب كانت منطقية الى حد ما، لكن لم يكن في الحسبان انها ستطل من مسافة الأمتار الأخيرة من التأليف. فطرح عدرا لحقيبة الدولة لمكافحة الفساد اقلق البعض، فالرجل بما تمتلكه مؤسسته (الدولية للمعلومات) من احصائيات ودراسات إدارية ومالية ترفع منسوب القلق عند العديد من الأطراف الذين يخشون البحث في ملفات الفساد من بينهم من يخشون دوراً يمكن ان يطل به ليكون من ابرز الوزراء، خصوصاً اذا اعاد الى الضوء بعض الدراسات والإحصائيات التي انجزها، فهي ستشكل اولى الخطوات الجدّية نحو مكافحة الفساد وسيكون ليس الوزير الملك سياسيا فحسب، فإن صدقت الخطط الموضوعة من اجل الإصلاح والتغيير واحياء المؤسسات الرقابية، فعدرا كان وسيكون ملكها في اثناء المهمة ومن بعدها.

وثمة من يعتقد ان كل ما رافق الحديث عن توزير عدرا وهويته الوزارية ليس امراً بسيطا. فالعارفون ببطون الأمور يدركون ان من يرفض دخوله الجنّة الحكومية موجودون في كل المواقع من بين اهل البيت وخارجه. وان “حزب الله” باختياره في الشكل والمضمون والتوقيت لن يساهم بحل العقدة الوزارية ما لم تأتي الساعات المقبلة باي مفاجأة غير محسوبة. فانضمامه الى فريق رئيس الجمهورية لن يكون سهلا وابقائه ممثلا لمجموعة انتهى دورها وصلاحيتها قد يكون اصعب بكثير، فالرجل ليس طالبا للمناصب باي ثمن ومن حقه ان يحتفظ بهامش من الحركة كما يقول المقربون منه.