Site icon IMLebanon

بري انتقد “استخفاف” باسيل وروى قصة سحب عدرا

كتب وليد شقير في صحيفة “الحياة”:

هل ما زال ممكنا إحياء المبادرة – المخرج للعقدة الأخيرة التي علق فيها تأليف حكومة الرئيس سعد الحريري، أي عقدة اشتراط “حزب الله” تمثيل النواب السنة الستة حلفاءه بوزير بحجة أن “زمن حصر التمثيل السني بتيار “المستقبل” انتهى”؟

المؤكد أن تأليف الحكومة اللبنانية في لبنان أخذ إجازة هو الآخر مع أعياد نهاية العام، بعد الفشل في تطبيق المخرج. فالمبادرة التي كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أطلقها لتوزير مقرب من هؤلاء النواب، ومن حصته، اصطدمت بإشكال تموضع هذا الوزير الذي وقع عليه الخيار، جواد عدرا: تكون مرجعيته كتلة الرئيس عون الوزارية، أم “اللقاء التشاوري” للنواب الستة؟ والإصرار من فريق عون على أن يكون في كتلته و”التيار الوطني الحر”، أدى إلى سحب النواب الستة تسميته، ما أوحى بأن الأمور عادت إلى نقطة الصفر.

وقالت مصادر معنية بتحريك الجهود لتأليف الحكومة إن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يجري مشاورات بعيداً من الأضواء لتلمس سبل العودة إلى لعب دور توفيقي مجدداً.

لكن ما عزز هذا الانطباع جملة عوامل أهمها:

1- إعلان الحريري الصمت، بما يعني حسب قول مصادر مطلعة على موقفه لـ”الحياة”، إن على “الآخرين” ألا ينتظروا منه شيئا، لأن الحل ليس عنده لهذه العقدة، وبالتالي على “الآخرين” كما سماهم، أن يقترحوا عليه الحلول. ويعتبر هؤلاء أن ما تناولته الأوساط المعنية بالتأليف من عقد أخرى ثانوية، من نوع طلب “التيار الحر” تبادل حقائب بينه وبين رئيس البرلمان نبيه بري وغيرها، لا يمكن العمل على معالجتها قبل حل العقدة الرئيسة المتعلقة بشرط “حزب الله” إرضاء النواب الستة. فلماذا الحديث عن تسويات أو تنازلات من هنا أو من هناك في شأن ما طُرح حول الحقائب، في وقت لا يقف الجميع على أرض صلبة في شأن العقدة الأساسية؟ كما أن المطلعين على موقف الحريري يشيرون لـ”الحياة” إلى أن محيطه يتساءل إلى أي مدى تبدو المشكلة بين “التيار الحر” وبين حليفه “حزب الله” أكثر عمقا من الخلاف على تموضع عدرا، وهل أن اتهام رئيس “التيار الحر” الوزير جبران باسيل بالسعي للحصول على الثلث المعطل في الحكومة هو السبب كما تتداول وسائل الإعلام، أم أن وراء ذلك أسباب أخرى؟ وتسأل هذه الأوساط: إذا صحت فرضية أن باسيل يريد الثلث المعطل فلماذا يصر عليه؟ وإذا صح أن “حزب الله” والرئيس بري يرفضان ذلك فلماذا يقول الحزب أنه لا يمانع حصول عون على أكثر من الـ11 وزير؟ وفي نهاية المطاف أليس الوزير الدرزي الذي عينه عون القريب من النائب طلال أرسلان هو أقرب للحزب منه لباسيل في القرارات المهمة، وكذلك عدرا، نتيجة علاقته بقياديين من “حزب الله” (تردد أنه على علاقة مع النائب أمين شري ومع مسؤول الارتبط والتنسيق وفيق صفا) عملوا على تزكية إسمه، بحيث لا ثلث معطلا لدى “التيار الحر”؟ كما تسأل هذه المصادر: “أين القطبة المخفية إذاً”؟

ومن جهة أخرى ذكرت مصادر أخرى اطلعت على مداولات الحريري مع الرئيس بري حين التقيا لـ”الحياة” إن الحريري نأى بنفسه عن الخلاف الذي حصل حول تموضع عدرا.

علاقة “التيار” و”الحزب”

2- أن العلاقة بين “التيار الحر” وبين “حزب الله” والرئيس بري وحركة “أمل” أصيبت باهتزاز لا بد من معالجته قبل تجديد المخرج لمسألة اختيار الشخصية التي تمثل “اللقاء التشاوري”. فالحملات الإعلامية المتبادلة أخذت طابعا حاداً بين الفريقين، على خلفية الخلاف على تموضع الوزير السني الذي يفترض أن يمثل النواب الستة من حصة عون، على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا، حيث تبادل جمهور الطرفين الاتهامات من العيار الثقيل، ما ذكّر بفترة الخلاف الحاد الذي وقع بين باسيل وبين بري حين وصف الأول الثاني بـ”البلطجي” في نيشان (أبريل) الماضي. والجديد هذه المرة أن “حزب الله” ساهم في التسريبات ضد باسيل ردا على تسريبات محيط الأخير التي كشفت تغريدته أنه ليس بعيدا عنها حين قال: “”كان بدّن إيانا نكذب ونحنا ما منكذب، ويمكن بدّن إيانا نستسلم ونحنا ما رح نوقّف لحتّى تتألف الحكومة”… فهذا الكلام يتطابق مع قول مصادر “التيار الحر” إن اتفاقاً تم “بين اكثر من طرف على تحديد اسم جواد عدرا حصريا وبشكل واضح كشخصية يسمّيها النواب السنّة الستة على أن تكون وبشكل واضح أيضا من ضمن حصة رئيس الجمهورية لا أن يتمّ اقتطاعها من حصة الرئيس، لكن المفاجأة هي أن تراجعاً عن هذا الاتفاق حصل بالطلب إلى جواد عدرا أن يعلن بعد اجتماع دعي اليه مع اللقاء التشاوري بأنه يمثل هذا اللقاء حصرياً…وكان من الطبيعي أن يرفض عدرا الانقلاب على الاتفاق كما أن التيار الوطني الحر رفض كما السيد عدرا ممارسة لعبة الكذب والتحايل واعتماد لغة مزدوجة وملتبسة “. وإذ اتهمت مصادر “التيار” البعض بتجيير التظاهرات الاحتجاجية على الأوضاع المعيشية أول من أمس ضد العهد “لشله”، فإنها أكدت أن “التيار” سيواجه ذلك. لكن مصادر الحزب و”التيار” تبادلت الاتهامات بالانقلاب على المخرج الذي عمل من أجله المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.

وعلى رغم الهجوم الذي شنته أوساط الحزب على باسيل بطريقة غير مباشرة والحملة من قبل قياديين في “التيار” على الثنائي الشيعي، فإن إصدار الحزب بيانا ليل أول من أمس بأن “للمرة الألف نؤكد أنه لا يوجد مصادر في حزب الله أو مصادر قريبة منه وكل ما ينقل عن هذه المصادر لا يعنينا إطلاقا ولا قيمة له”، فإن الحملات المتبادلة تركت ندوبا في العلاقة بين الفريقين، خصوصا أن قياديين من الحزب لم يخفوا انتقادهم الشدديد اللهجة لإصرار باسيل على احتساب عدرا في تكتله الوزاري. لم تصدر أي إشارة بالأمس إلى حصول اتصالات لمعالجة آثار الأزمة بين “الحليفين، سوى قول رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد “لا نقول إننا عدنا الى نقطة الصفر، لكن لا تزال هناك عراقيل في تأليف الحكومة”، داعيا الجميع الى “الحوار الذي هو مخرج لحل هذه الازمة”. كما أن إعلام الحزب ظل يردد مثل نواب “التشاوري” بأن مبادرة عون ما زالت قائمة، مع الدعوة إلى أن يختار عون ممثلا له من الأسماء الباقية بعد سحب إسم عدرا.

رواية بري لاختيار عدرا

3 – أن زوار الرئيس بري خرجوا بانطباع بعد لقائه في الساعات الماضية كما قالوا لـ”الحياة”، بأن باسيل “خرّب طبخة الحكومة حين أصر على أن يكون عدرا من ضمن تكتل “لبنان القوي” الوزاري بدلا من أن يكون ممثلا لـ”اللقاء التشاوري”. ولبري وفق الزوار، روايته أيضا في شأن اختيار عدرا، معتبراً أن باسيل طبخ الأمر مع الحريري حين التقاه في لندن، وطرح الأمر لاحقا على “حزب الله” وطلبه الرئيس عون الذي اقترحه على اللواء ابراهيم. ويضيف زوار بري: “اقترح “حزب الله” (وكذلك اللواء ابراهيم) الإسم على رئيس البرلمان الذي يعتبر أن عدرا يأتي من مناخ وطني ولديه علاقة طيبة مع معظم الفرقاء ولا يشكل حساسية للحريري فرأى أنه يشكل حلا لمشكلة تمثيل التشاوري فطلب من النائب قاسم هاشم اقتراح إسمه، لكن تبين لبري بعدها أن باسيل يريده في تكتله وليس ممثلا لـ”التشاوري”. وقال زوار بري لـ”الحياة” أنه وجد في هذا الإصرار تذاكيا واستخفافاً بالنواب السنة الستة فكيف يكون عدرا ممثلا لفريق ثم يكون في الحكومة ملتزما بفريق آخر؟ وهذا ما دفعه بعد أن قامت الضجة على ذلك إلى الطلب من النائب هاشم أن يعمل على سحب إسمه. ويعتبر بري أن ليس هكذا تدار الأمور. وحتى في الشكل كان يمكن أن تتم إدارتها في شكل مختلف وكان يمكنهم ترك عدرا ينتسب إلى “التشاوري” وأن يتعاونوا معه لاحقا في مجلس الوزراء، لكن الخفة حالت دون ذلك. ويعتبر بري أنه من الجيد أن الأمور كشفت من البداية. ويرى بري أنه “إذا كانوا لا يريدون تشكيل الحكومة فهذا أمر آخر”. ويطرح بري هذا التساؤل نتيجة ما نقله إليه الحريري أول من أمس عن مطالبة “التيار الحر” بالحصول على حقيبة البيئة التي كان اتفق على أن تكون من حصة حركة “أمل” مقابل حصوله على وزارة الإعلام. ويشير زوار بري لـ”الحياة” إلى أنه أبلغ الحريري حين استمزج رأيه في طلب باسيل هذا: تطرح علي تعديلا في الحقائب والمريض مات. لا أقبل بالإعلام ولا تعنيني وأتمسك بالبيئة وبالحقائب الستة التي طالبنا بها منذ البداية (مع “حزب الله”). كما سمع زوار بري منه أنه قال للحريري: “لا تخلفوني مع (رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي) وليد جنبلاط باقتراح مبادلة البيئة مع وزارة الصناعة”.

كما قال زوار بري أنه أكد أنه إذا هناك نية لإعادة النظر في ما اتفق عليه بالنسبة إلى الحقائب، فلنعد الحديث من البداية. فنحن حجمنا النيابي يساوي 8 وراء وليس 6 ، إذ لدينا نواب من طوائف أخرى.

ولم يخف الزوار بأن بري يعتبر أنه إذا هناك نية لعدم تشكيل حكومة بسبب هذه العراقيل، “فإننا نستطيع الانتظار، لكن البلد كله سيكون الخاسر، وهم سيكونون أكثر الخاسرين من الفرقاء السياسيين”.