سجّل عدّاد الضربات العسكرية الاسرائيلية في الداخل السوري رقماً جديداً حيث نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات مسائية تزامنت مع تنفيذ طائرات حربية إسرائيلية غارات وهمية في أجواء جنوب لبنان.
وفي حين تحدّثت وسائل إعلام سورية رسمية عن أن “وسائط الدفاع الجوي تصدّت لصواريخ معادية على أهداف قرب دمشق أطلقها الطيران الحربي الإسرائيلي من فوق الأراضي اللبنانية وتمكنت من إسقاط معظمها قبل الوصول إلى أهدافها، واقتصرت الأضرار على مخزن ذخيرة وإصابة ثلاثة جنود، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن “صواريخ إسرائيلية انطلقت من الأجواء اللبنانية واستهدفت الريفين الغربي والجنوبي الغربي لدمشق وأصابت مستودعات أسلحة تابعة لـ”حزب الله” أو قوات إيرانية.
من جانبها، أفادت صحيفة “نيوزويك” الأميركية نقلاً عن مصدر في وزارة الدفاع الأميركية أن “غارة دمشق نُفّذت قبل دقائق من صعود مسؤولين من “حزب الله” إلى طائرة إيرانية في دمشق كانت متّجهة إلى إيران، وأنهم أصيبوا بعملية “الاغتيال” التي استهدفتهم”، مضيفةً أن “الغارة استهدفت ذخيرة إيرانية استراتيجة في المنطقة بما فيها مكوّنات “GPS ” متقدّمة للأسلحة”.
وفي توضيح أقرب إلى رواية المجلة الأميركية من الموقف الرسمي السوري، أكدت وزارة الدفاع الروسية بأن “الضربات الإسرائيلية هددت بشكل مباشر رحلتين جوّيتين مدنيتين”، مشيرةً إلى أن “الدفاعات الجوية السورية دمّرت 14 صاروخاً إسرائيلياً من بين 16”.
ومع أن المعلومات تضاربت في شأن الأهداف التي أصابتها الغارة، إلا أن الثابت في القراءات المتعددة حول أبعادها الاستراتيجية، أنها الأولى بعد أيام من قرار واشنطن سحب جنودها من سوريا، وتأتي بعد امتناع اسرائيل ولمدة طويلة عن قصف أهداف عسكرية في العمق السوري بفعل التمايز بين موسكو وتل أبيب الذي بدأ منذ إسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية في أيلول الفائت ما أدى إلى مقتل 15 عسكرياً روسياً كانوا على متنها ومسارعة روسيا إلى تحميل سلاح الجو الإسرائيلي المسؤولية.
واعتبرت مصادر دبلوماسية عبر “المركزية” أن “القصف الإسرائيلي المُتجدد في الأجواء السورية يعني أن قواعد الاشتباك بعد الانسحاب الأميركي تغيّرت، وباتت المعادلة العسكرية كالآتي: لا محرمات على إسرائيل ما دام امنها مهدداً، وشنّ غارات بين وقت وآخر يدخل ضمن استراتيجية “الأمن الاستباقي” التي تتّبعها تل أبيب بضوء أخضر أميركي لحماية أمنها من أي اختراق مُحتمل والتصرّف بما تراه مناسباً سورياً”.
وتحت هذا العنوان (الأمن الاستباقي)، تتابع المصادر “سيغير الطيران الحربي الإسرائيلي فوق سوريا في كل مرّة يكتشف فيها احتمال وجود مستودعات ومصانع أسلحة أو منصّات صواريخ تهدد أمن تل أبيب”.
ولفتت إلى أن “ما حصل يؤشر إلى بداية مرحلة جديدة من الدخول الإسرائيلي على خط الأزمة السورية، بحيث باتت تل أبيب “كابتن” الجوّ السوري الذي بات مفتوحاً أمام طائراتها الحربية من دون أي رادع حتى من قبل روسيا التي تُعد حليفة للنظام السوري وطهران”.
وتأتي هذه التحرّكات الإسرائيلية بالتزامن مع دور تركي مستجد في الساحة السورية عقب الإنسحاب الاميركي من خلال إرسال تركيا تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع سوريا لشنّ هجومات محتملة على الأكراد في منبج، في وقت أعلن عن تبكير موعد انتخابات الكنيست الإسرائيلي في نيسان المقبل، ما يعني وفق المصادر أن “أجواء المنطقة متّجهة إلى السخونة، خصوصاً أن إسرائيل وبعد الانسحاب الأميركي بات عليها تأمين أمنها بنفسها دون الاتّكال على الحلفاء”.
أما نصيب إيران و”حزب الله” من التحرّك الإسرائيلي في الأجواء السورية، فبرأي المصادر الدبلوماسية “لن يكون قليلاً”. وهذا يعني أن لا حواجز أمام إسرائيل لاستهداف طهران وعناصرها الموالية في سوريا، كما أن “حزب الله” سيكون أكثر في دائرة التركيز والرصد”، من هنا تنصح المصادر “بضرورة أخذ أقصى درجات الحذر لأن المنطقة ذاهبة أكثر نحو تصعيد المواجهة الاسرائيلية-الإيرانية، خصوصاً وأن طهران تتصرّف وكأن سوريا ولبنان جزء من معركتها مع إسرائيل والغرب، وبالتالي هي تُمسك بورقتيهما من أجل الضغط على واشنطن ولتخفيف عبء العقوبات الاقتصادية عليها”.