كتبت ساسيليا ضومط في صحيفة “الجمهورية”:
يستعدّ الجميع في تلك الشركة لآخر يوم عمل قبل عطلةٍ سوف تدوم أسبوعين لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، وينتظرون بفارغ الصبر الوقت الذي يرتاحون فيه من عناء العمل، من الإلتزام بالنهوض باكراً من النوم، والعمل ساعاتٍ وساعاتٍ يوميّاً، ويدخلون في تفاصيل الإحتفالات والسهرات، ويملأ شغف الهدايا الأجواء؛ أمّا ريما، وهي أم لثلاثة أولاد، فقلقة ومرتبكة «يا محلا الشغل، مافيني سيطر علين بالفرصة، فوضى وضجيج كل الوقت، وطلبات ما بتخلص ومصروف كتير أكبر من طاقتي».
الأعياد موسم فرح ولعب وفوضى بالنسبة للأطفال بعيداً من نظام المدرسة والإلتزام بأوقات الدرس والطعام ولا سيما النوم باكراً، والسماح لهم بالقيام بما هم ممنوعون عنه في الأيام العادية كالألعاب الإلكترونية ومشاهدة التلفزيون لوقت طويل والخروج للتسلية مع الأهل والأصحاب في المطاعم والملاهي والملاعب.
لو فكرنا بطريقة منطقية لوجدنا أنّ للأطفال الحقّ الكامل بالراحة والتغيير والتسلية خلال العطلة، والإبتعاد عن روتين الحياة اليومية وذلك كي يشعروا بالفرح والمرح ويخفّ القلق والتوتر والضغط النفسي لديهم، ومن المعلوم أيضاً أنّ الأهل يسعون دائماً لإسعاد أولادهم، إلّا أنّهم، ورغم ذلك يتعبون جدّاً ويتأفّفون خلال العطل المدرسية والصيفية.
فما هو سبب انزعاج الأهل؟ لماذا يفقد الأطفال الإنضباط في هذه المواسم؟ وكيف نستطيع إدارة العطل كي يرتاح الجميع؟
تترافق فترات العطل والأعياد مع ضغوطات حياتية ونفسية كثيرة، فتقع على عاتق الأهل إستحقاقات مادية، خاصة في الظروف الإقتصادية التي تمرّ بها البلاد، فالجميع يريد شراء الهدايا والألعاب للعائلة والمقرّبين، كما لا بدّ من شراء ملابس وأحذية جديدة للأولاد. هذا من الناحية المادية، أما من الناحية النفسية فيحتاج الأهل أيضاً إلى أن يرتاحوا من المسؤوليات والمتطلّبات التي تضخّمها العطل والمناسبات، ولكن تُراهم مجبرين على الإهتمام بالأولاد والمنزل ونسيان أنفسهم، ما يُشعرهم بالضغط والعصبية، ويدفعهم إلى العصبية والتوتر والإحباط أحياناً.
لماذا يحتاج الأطفال للترفيه والراحة؟
– للتخلّص من الضغوطات النفسية بسبب النهوض باكراً للذهاب إلى المدرسة وتحمّل تعب اليوم المدرسي.
– متابعة الدروس بعد العودة من المدرسة.
– التأثّر بالمشكلات والصراعات العائلية، كطلاق الأهل مثلاً.
– فقدان أحد الأشخاص المقرّبين عبر السفر أو الوفاة.
– مرض أحد الإخوة أو الوالدين.
– التعرّض للتحرّش والإستغلال.
أمّا الحلول كي يرتاح جميع أفراد الأسرة فهي:
– في الشرح للأطفال أنّ الأهل أيضاً يتعبون ويحتاجون للراحة أثناء العطلة.
– وضع برنامج من قبل الأهل يتضمّن المناسبات التي سيتشارك فيها جميع أفراد العائلة.
– وضع برنامج يلصق في مكان بارز عن الأوقات التي سيخرج فيها الأبناء وأخرى للأهل.
– توزيع الأدوار والمهام على الجميع، واختيار كل فرد لما يرغب بالحصول عليه وما سيساهم به من أعمال منزلية بالإضافة إلى ما سيقدمه للآخرين.
– شرح الواقع للأطفال، أي الإمكانات المادية وغيرها، بدل انزعاج الأهل وشعورهم بالنقص، ينعكس شعوراً بالذنب على الأطفال.
– إشراك الأطفال بتحضير بعض الوجبات الخفيفة، كما لا بأس بالطلب منهم المساهمة في ترتيب غرفهم وأغراضهم.
– ممارسة الرياضة والترفيه في الأماكن الطبيعية.
نتوارث في مجتمعنا اللبناني عدم إعطاء أهمية للعطل والراحة والإبتعاد عن الضغوطات والتعب، فنعاني في جميع الأوقات، حتى إنّنا في المناسبات الإجتماعية تترتب علينا واجبات والتزامات مرهقة.
لماذا نحتاج إلى العطل؟
نحتاج جميعاً للعطلة كي نستجمع قوّتنا وطاقتنا للتمكّن من العمل من جديد. كما من الضروري التخلص من الضغط النفسي كي لا نغرق فيه وصولاً إلى اضطرابات نفسية قد نحتاج بعدها لسنوات من العلاج، وصولاً إلى الأمراض الجسدية. وقد ينعكس عدم الراحة على راحتنا النفسية التي قد تسوء وصولاً إلى العزلة والإكتئاب، وقد تنعكس على علاقتنا مع أفراد العائلة والأصدقاء وبيئة العمل.