كتب د. أنطوان الشرتوني في جريدة “الجمهورية”:
أوشكت السنة أن تنتهي وبدأت المشاريع والتحضيرات لتوديع هذه السنة واستقبال السنة الجديدة. فيحب بعض الأشخاص مشاركة آخر لحظات السنة مع العائلة وتنظيم حفلةٍ وعشاءٍ شهيّ، أمّا البعض الآخر فيفضّل توديعها مع الحبيب خلال عشاء فاخر ومكان بعيد من الضوضاء. أما بالنسبة للأطفال، فيكفيهم عشاءٌ خفيف وشهي وموسيقى جميلة ومرافقة أطفال آخرين والشعور بالإنتماء ومحبة العائلة، لجعل سهرة آخر السنة لا تُنتسى. ولكن ماذا عن المراهق؟ كيف يحب أن يمضي سهرة رأس السنة؟ وما هو دور الأهل في هذا الموضوع؟
يتميز عمر المراهقة، بطلب الشاب أو الشابة قليلاً من الحرية من الأهل. لذا، نلاحظ خلال هذه الفترة أنّ بعض المراهقين «يبتعدون» عن الأهل ويكتشفون «الحياة الليلية» ويطلبون الخروج للسهر وتمضية ساعات وساعات مع أصدقائهم المراهقين الذين يفهمون بعضهم البعض. وخلال «سهرة آخر السنة»، ينظّم مراهقون كثر حفلاتٍ تجمعهم تحت سقف واحد. تسبّب تلك الحفلات القلق عند الأهل، فتبدأ المشكلات بينهم وبين أطفالهم المراهقين. لذلك، يُعتبر الحوار مع المراهق ودور الأهل الواعي في معرفة الأشخاص المشاركين في هذه الحفلات.
ليلة «رأس السنة» والمراهق
يحبّ جميع المراهقين السهر عادةً. فللسهر طعم مختلف عند الشاب والشابة اللذين يتوقان لإكتشاف العالم بعدما إجتازا مرحلة الطفولة والإنتباه الدقيق من والدهما. وهذا لا يعني أنّه في مرحلة المراهقة، لا يجب أن تكون هناك مراقبة من الأهل تجاه ولدهم، بل العكس هو الصحيح. فخلال مرحلة المراهقة، إنّ مراقبة الشاب أو الشابة من أهم مسؤوليات الأب والأم على حدٍّ سواء. ولكن ماذا عن سهرة رأس السنة؟ ولمَ تأخذ أهمّية كبيرة عند أيّ مراهق؟
أسباب كثيرة يمكن أن تجيب على هذا السؤال وهي التالية:
أوّلاً، سهرة رأس السنة، تعطي المراهق إحساساً بأنّه أصبح مسؤولاً عن نفسه. كما تقوّي عنده الإحساس في السيطرة والقيادة على حدٍّ سواء.
ثانياً، إنّ تمضية سهرة رأس السنة مع أصدقاء من المرحلة العمرية نفسها نوع من إثبات الذات والتعبير بشكل واضح عن توقه للإستقلالية والإنتقال من عالم الطفولة المتميّز بالتبعية للأهل إلى مرحلة الإستقلالية عنهم.
ثالثاً، السهر عند المراهق الشاب يعطيه إحساساً برجوليته والتمثّل بأبيه الراشد. كما أنّ السهر بشكل عام يعطي المراهق نوعاً من «التمرّد» على قوانين الوالدين. فلطالما شعر المراهق بأنه «مراقب» و»مقيّد» من أهله وخصوصاً في مرحلة الطفولة. لذا يأتي نشاط «السهرة» كنوع من كسر العادات والتقاليد التي اعتاد عليها عندما كان صغير السن.
رابعاً، على الصعيد التحليلي، يفهم المراهق أنّ السهر هو نوع من الهروب من المشكلات التي يواجهها في المرحلة العمرية الدقيقة التي يمرّ بها. أمّا سهرة رأس السنة، فهي مناسبة لبدايات جديدة مفعمة بالأمل.
خامساً، إنّ حفل رأس السنة هي مناسبة لتخفيف القلق والتوتر الذي يعيشه معظم المراهقين، لا سيّما الذين يواجهون مشكلات مع أهلهم.
أسئلة الأهل بشأن المراهق ما قبل حفل «رأس السنة»
هناك أسئلة عدة يمكن للوالدين أن يطرحاها على طفلهما المراهق للتأكد من نوعية المشاركين بهذه السهرة:
- من هم المشاركون في حفل رأس السنة؟ (هل هم من صفّه في المدرسة؟ من الحيّ؟…)
- أين سيقام الحفل؟ (بيت، مطعم، صالة…؟) ويجب على الأهل الحصول على رقم الهاتف للتأكّد من المكان التي سيجرى فيه الحفل.
- هل هناك راشدون في الحفل؟ (إذا كان الجواب نعم، فما هو دورهم؟
- ما هو الطعام المقدم خلاله؟ (هل هناك مشروبات؟ وما هو نوع تلك المشروبات؟…)
- ما نوع الموسيقى التي سيرقص عليها المراهقون؟ (هناك أنواع موسيقى تؤثّر نفسيّاً وبشكل لاواعي في سلوكيات المراهق)
- هل هناك توقيت لهذه السهرة؟ وهل هناك أيّ مشاريع بعد إنتهائها؟ (هل سيقود أحدُ المراهقين سيارة؟…)
والأهم عندما يطرح الأهل هذه الأسئلة على أولادهم المراهقين، أن لا يكون ذلك نوعاً من الإستجواب أو عدم الثقة بين الأهل والمراهق بل التفسير له بأنّ أحد أدوار الاهل هو معرفة أين ومع مَن يسهر ولدهم خلال سهرة آخر السنة.
مشكلات المراهق قبل حفل «رأس السنة» أثناءه وبعده
للوالدين دور أساسي في إحتواء المشكلات التي يمكن أن تشكّل خطراً على طفلهما المراهق، لذا الحوار والمساندة والتفهّم أسياد هذا الموقف، خصوصاً عندما لا يفهم المراهق لماذا لا يمكنه المشاركة في هذه السهرة التي ينظّمها أصدقاؤه.
إليكم بعض النصائح التي يمكن أن تساعدكم في قرار سهرة ولدكم المراهق:
- التعرف الى أصدقاء إبنكم أو إبنتكم بعيداً من التجسّس أو التحاليل غير الموضوعية. وهذا التعرّف هو مهم ويقام من خلال غداء في المنزل.
- الحوار والدردشة مع المراهق هما من أكثر الأساليب التي ينتظرها المراهق من أهله لتفهّمه.
- قراءة كتب عن المراهقة وكيفية مساندة هذه الفترة العمرية الدقيقة.
- تحضير سهرة رأس السنة في بيت أحد الأصدقاء لكي يكون المراهقون تحت نظر الاهل.
- الإهتمام بالمراهق وبحاجياته النفسية، ليس قبل السهرة فقط، بل قبل خلال وبعد كل مرحلة المراهقة. وهذا الإهتمام يقوم من خلال التركيز على إيجابيات هذا المراهق.
- تقوية ثقته بنفسه من خلال النشاطات العائلية التي يمكن أن يقوم بها الوالدان مع المراهق (الخروج سوياً للتبضّع أو مشاهدة فيلم سينما أو تناول العشاء).
- عدم البخل في العواطف تجاه المراهق، فرغم أنه أصبح طويل القامة وشاباً، لا يجب أن ينسى الأهل بأنه ما زال طفلاً في حاجة اليهما ولدعمهما.
- الإبتعاد من المواعظ ودروس الأخلاق والتقليل من الإعتراضات على سلوكيات المراهق وإظهار أهمية الأخلاق وتطبيقها بالممارسة خلال الحياة اليومية.
- تحديد ساعات للسهر خارج البيت والتفسير له والتوعية من المشكلات التي يمكن أن تحدث بسبب تهوّرٍ ما كقيادة السيارة مثلاً من دون إجازة سوق).