لم تكن مجرّد صدفة أو معلومة، أو تحليل في استقراء المعطيات الدبلوماسية، ان يعلن سفير الإمارات في بيروت حمد بن سعيد الشامسي، من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ان «الحكومة اللبنانية ستتشكل قبل القمة الاقتصادية التنموية التي ستنعقد في العاصمة اللبنانية، لأن القمة تستلزم تأليف حكومة».
إذ انه، في الشكل، ليس صحيحاً انه لم يعد ثمة موعد لاستحقاق قادم لربطه بتأليف الحكومة، بعد إجهاض المبادرة الرئاسية لحل عقدة تمثيل سنة 8 آذار، وان كل المواعيد باتت مفتوحة في العام الجديد، للتدليل على ان الأزمة ستكون بدورها مفتوحة، خلافاً للمواعيد التي كانت تحدد سابقاً، تارة قبل عيد الفطر، وتارة قبل عيد الاستقلال، وطوراً قبل الميلاد ورأس السنة.
اما في المضمون، وهو ما أشار إليه السفير الاماراتي، فإن ثمة علاقة سببية بين انعقاد القمة في العشرين من كانون الثاني المقبل، وبين ضرورة تأليف الحكومة، سواء على صعيد الحضور العربي، الذي سيكون، في حال لم تتألف الحكومة، على مستوى متدن، فلا ملك ولا رئيس ولا مسؤول رفيع سيرغب في الحضور في ظل عدم وجود حكومة كاملة الاوصاف وسلطة تنفيذية تحكم، أو على صعيد القرارات التي يفترض ان يتم اتخاذها، ومعظمها مقررات مهمة، ولا سيما في ما يتعلق بإنشاء صندوق عربي لإعادة اعمار سوريا، والتي تستلزم وجود قادة عرب، وان كان موضوع عودة سوريا إلى القمة ليس مطروحاً في هذه اللحظة، ويحتاج إلى قمّة عربية عادية موعد انعقادها في آذار المقبل، إذ ان حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها اتخاذ قرارات سياسية مهمة، حتى ولو كانت حاضرة في الشكل.
وعليه، فإن هذه العلاقة الاستطرادية تحتم وجود حكومة فاعلة لإنجاح القمة على كافة المستويات والا فإن الأفضل للبنان، بحسب ما يقول متابعون، ان يطلب تأجيلها أو الاعتذار عن استضافتها، إذا لم يتمكن المعنيون من الاتفاق على إخراج الحكومة من عنق الزجاجة المحشورة فيه، وتجاوز كل الخلافات والحزازات والمصالح الشخصية والحزبية والنكايات، وهذه مسؤولية القيادات السياسية جميعها، لأن ربط الحكومة بانعقاد القمة، لم يعد ترفاً أو استشرافاً عاطفياً، مثل ربط التأليف بموعد عيد أو مناسبة وطنية.
ولا تستبعد مصادر مطلعة، لبحسب صحيفة “اللواء”، ان تكون هذه النقطة بالذات، وراء الدافع إلى تعميم معلومات، بأن مبادرة الرئيس ميشال عون ما زالت قائمة ويجري حالياً تفعيلها في الوقت المستقطع لما بعد بدء العام الجديد، بمشاركة من المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يعقد لقاءات متتالية مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، مع التأكيد على ان أفق المساعي لم يقفل، ولم يصل إلى الجدار السميك، بل يجري العمل على خرق الجدار بمبادرات يفترض ان تبصر النور جدياً مطلع العام المقبل، ما لم يحصل خرق خلال اليومين المقبلين.
واعربت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» عن اعتقادها ان لا رغبة لأحد بالتعطيل حتى وان كانت هناك رغبة لدى البعض في تحقيق انجازات ومكاسب انطلاقا من النتائج التي افرزتها الإنتخابات النيابية الأخيرة. ورأت المصادر ان الاتصالات بشأن الملف الحكومي متواصلة ويتولاها الوزير باسيل واللواء عباس ابراهيم المكلف من رئيس الجمهورية متحدثة عن جو متكامل في هذا الصدد على ان تكون مرحلة الكلام هي النهائية.
وقالت ان الامور اصبحت معروفة ومكشوفة معربة عن اعتقادها ان ملف مشاركة اللقاء التشاوري في الحكومة لم يقفل ولم يرم انما هناك معالجة متجددة اي معالجة ما نشأ ولكن من غير المعروف الى اين ستؤدي.
ولفتت المصادر نفسها الى وجود حراك قائم وان التواصل الذي يقوم به اللواء ابراهيم يشمل الاطراف الاخرى في محاولة لحل العقدة التي استجدت، مشيرة الى ان مبادرة رئيس الجمهورية قائمة والكل اقر ويقر بها وهي لم تسقط وتشكل انطلاقة البحث في المشاورات، لكنها اكدت ان اسم جواد عدره المرشح السابق للتوزير من قبل بعض اعضاء «اللقاء التشاوري للسنة المستقلين» قد استبعد نهائيا، فيما يجري العمل على خط موازٍ لمعالجة مسألة تبادل الحقائب التي طرحها الوزير باسيل ولقيت رفضا من معظم الاطراف، ما يُرجح سقوطها والبحث عن حلول اخرى او بقاء جوهر التشكيلة التي اعدها الرئيس المكلف سعد الحريري كما هي مع إسقاط اسم الوزير السني عليها، والذي لم يُحسم بعد من سيمثل: اللقاء التشاوري او الرئيس عون؟.
وعلم ان لقاء سجل أمس بين الوزير باسيل واللواء إبراهيم، جاء في الوقت المستقطع، بحثاً عن مخرج قد يُشكّل السبيل إلى الولادة الحكومية.
وأوضحت المصادر المطلعة، ان موضوع توزيع الحقائب سينتهي بالتوافق عليه ورأت ان هذا الموضوع تزامن مع عقدة تمثيل اللقاء التشاوري لافتة الى ان حل هذه العقدة يؤدي اوتوماتيكيا الى حل موضوع الحقائب.
ورفضت المصادر الاشارة الى اي تواريخ او مهل لولادة الحكومة وقالت انه يمكن للحكومة ان تتشكل في اي لحظة يتم فيها الإتفاق.
وشددت المصادر على أن رئيس الجمهورية معروف برسائله الاستباقية والتي تأتي بمفاعيل مباشرة كما كانت الحال عليه في موقفه الأخير من بكركي، ولفتت المصادر الى ان اتصال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله برئيس الجمهورية كان للتهنئة بالعيد، من دون التطرق الى الشأن الحكومي.