IMLebanon

السيّاسيون “يقامرون” بمصير لبنان!

قبل عيد الميلاد، زرع المتحكّمون بأمر البلاد والعباد الوهم في نفوس اللبنانيين، بوضع البلد على سكة الانفراج. أمّلوهم بحكومة تكون ولادتها عيديّة تكمّل عيد الفرح، فكذب وعدهم، وطارت الحكومة، وقدّمت السلطة الحاكمة للبنانيين فشلاً إضافياً، في صياغة توافق على حكومة، تُدرك هي قبل غيرها انّ أسسها مخلّعة، ولا تعدو كونها هيكلاً عددياً من ضمن عائلة الحكومات السابقة، او بالاحرى المحاصصات التي ابقت البلد في الوراء، وحبسته في الأزمات وسدّت عليه أنابيب الحياة والانتعاش، وبالتالي ذهب الميلاد وأخذ عيديته معه، وتربّعت هذه السلطة، بكل هواتها ومراهقيها، من جديد على عرش التعطيل، وذلك في وقت تصمّ فيه آذان هذه السلطة عن التحذيرات من مخاطر المراوحة السلبية القائمة، وآخرها ما ورد من باريس على لسان خبراء معنيين بمؤتمر «سيدر» ومفادها:

إن لم تعجّلوا في تشكيل حكومة وتشرعوا في إجراء الاصلاحات المطلوبة، فلبنان ذاهب الى الانهيار، واموال «سيدر» إن بقيتم على هذه الحال، لن تنتظر طويلاً، بل هي ستذهب حتماً الى مكان آخر!

طاولة قمار

هذه الصورة، عكسها مسؤول كبير بقوله لـ«الجمهورية»: «انّ مشكلة لبنان مزمنة، ومتأتية من طبقة سياسية تمنع عليه ان يصبح دولة، وبعض مراهقي هذه الطبقة وضعوه على طاولة قمار، ويقامرون بمصيره، وكأن هذا الوطن في نظرهم لقيط نشأ من حمل حرام».

وسجّل المسؤول ملاحظة وصفها بـ«المريبة»، وقال: «انا لا أتهم احداً، ولا اريد ان اسمّي احداً بالاسم، ولكن فليفسّروا لنا هذه الأحجية، فهل هي مصادفة بأنّه كلما تزايدت المخاطر على لبنان، وتحديداً التي تهدّده من محيطه، وكلما كانت المنطقة أمام استحقاق او محطة حرجة، تنطوي على تداعيات خطيرة عليها وامتداد نحو لبنان، تجد من يهرول عن قصد او عن غير قصد، لكي «يكرسح» هذا البلد ويمنعه من اللحاق بالتطورات التي تتسارع من حوله، وتمنعه ايضاً حتى من بناء التحصينات الضرورية التي تقيه من لهيب النار من ان تتمدّد اليه إن اشتعلت او احتدمت وزادت إضطراماً في اي لحظة، بل اكثر من ذلك، تراه يجرّه عمداً الى التعقيد ويعيد الامور الى الوراء، ويشحن البلد بالتوتر السياسي ويعبئه طائفياً ومذهبيا».

وأضاف المسؤول نفسه: «كنا قد توصلنا الى اتفاق كامل على تشكيل الحكومة، وصرنا على وشك ان نعلنها ونصدر مراسيمها، ولكن فجأة انهار كل شيء ورجعنا الى نقطة الصفر، وصارت الحكومة في خبر كان، وبدل ان نكون في مشكلة تمثيل «سنّة 8 آذار»، جرى تظهير مشكلة جديدة، أكثر صعوبة من الاولى، تتعلق بإعادة خلط اوراق الحقائب الوزارية، وهو امر لا يثير فقط التساؤلات بل الشبهات، كما هو امر لا يبعث على الاطمئنان، بل على الخشية الكبرى من ان يكون تأليف الحكومة قد دخل مجدداً في مدار التعطيل الطويل».