مرة أخرى ينام اللبنانيون على المراوحة بين موجة تفاؤل وموجة تشاؤم، بإمكان حلحلة العقد من أمام تأليف الحكومة الجديدة، على عادة بعض المعنيين إطلاق أجواء بقرب تظهير المخارج، مقابل شكوك آخرين بنجاح ما يطبخه الوسطاء أو حاملو الأفكار التوفيقية.
ويرجح معظم المصادر لصحيفة “الحياة”، أن يستمر التأرجح بين هاتين الموجتين حتى مطلع السنة الجديدة.
ومع أن الأسبوع الماضي شهد حالة من اللامبالاة على الصعيد الشعبي، حيال أزمة طبخ الحكومة الجديدة، فإن أوساطا قريبة من الرئيس العماد ميشال عون تحدثت عن أن مبادرته من أجل معالجة الخلاف على تمثيل النواب السنة الستة الحلفاء ل”حزب الله” ما زالت حية ويجري تجديدها بأفكار مختلفة عن تلك التي كانت طرحت سابقا.
وبينما تتحفظ جهات مراقبة لما آلت إليه الخلافات الناجمة عن تعطيل الحكومة، على الأخذ بأجواء التفاؤل، نتيجة الملل من الوعود التي قطعها كبار المسؤولين في الأشهر الماضية في محطات عدة، تترقب جهات أخرى نتائج استئناف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم اتصالاته بعيدا من الأضواء لإحياء مبادرة الرئيس عون تسمية الوزير السني الذي يمكن أن يمثل “اللقاء التشاوري” للنواب الستة.
وفيما تسربت أنباء في بيروت عن أن اللواء ابراهيم بدأ بعيد من الأضواء لقاءات واتصالات تناولت الرئيس عون، الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، قيادة “حزب الله” ورئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل، كشفت مصادر ثقة ل”الحياة” أن ابراهيم اجتمع مرتين إلى باسيل، وأن الاجتماع الثاني الذي تسرب إلى وسائل الإعلام، كان قبل 3 أيام في منزل باسيل في منطقة اللقلوق السياحية التي يمضي فيها الأخير عطلته. وأوضحت المصادر إياها ل”الحياة” أن هذا الاجتماع استمر أكثر من 5 ساعات تناولا خلالها كل جوانب التأزم الأخير منذ فشل اقتراح تسمية المرشح جواد عدرة لتبوء المنصب الوزاري من حصة الرئيس عون نتيجة الخلاف مع “اللقاء التشاوري” ومعه “حزب الله” ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، مع فريق رئيس الجمهورية على تموضع عدرة في خانة الأخير أم أنه سيمثل “التشاوري” وينسق معه في كافة المواضيع المطروحة على مجلس الوزراء. وهو الخلاف الذي أدى إلى سحب إسم عدرة من قبل “التشاوري” لرفضه التزام إصرار الأخير عليه أن يمثله حصراً.
وعلى شح التسريبات في شأن ما دار بين اللواء ابراهيم وبين باسيل في اجتماعهما المطول، فإن الأوساط المتابعة لتداعيات الخلاف قالت ل”الحياة” إنه من غير المنطقي التطرق إلى مخارج وأفكار جديدة لأزمة تمثيل النواب السنة الستة حلفاء “حزب الله” من أجل من دون البحث في العمق في تداعيات الخلاف الذي ظهر إلى العلن بين “حزب الله” وبين “التيار الحر” بعد تضامن الحزب مع رفض “التشاوري” توجه باسيل بأن يلتزم عدرا كتلة عون و”التيار” الوزارية. فالرئيس عون لم يخف امتعاضه من موقف الحزب حين تحدث عن محاولة “البعض خلق أعراف جديدة في تأليف الحكومات”، باعتباره موجه إلى “حزب الله”، وما رافق ذلك من انزلاق في السجال إلى منحى تصعيدي بين مناصري الفريقين على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي توجته محطة “أو تي في” التلفزيونية الناطقة باسم “التيار الحر” بطرح السؤال “لولا ميشال عون، أين كانت الوحدة الوطنية، يوم تكتل كثيرون في الداخل ضد المقاومة، فكان تفاهم السادس من شباط، ثم الموقف المشرف إبان حرب تموز”؟
وتقول هذه الأوساط ل”الحياة” إنها المرة الأولى التي يصدر عن “التيار” موقف من هذا النوع يوحي فيه بأنه لولا تحالف عون معه لكان وضعه مختلف في البلد، وأنه لكان موقعه في المعادلة غير ما هو عليه الآن من قوة واستمرارية. وترى هذه الأوساط أن ظهور تباينات في محطات سابقة بين الجانبين لم يتسبب بموقف شبيه من قبل فريق عون حيال الحزب.
وتشير الأوساط نفسها ل”الحياة” إلى أنه يصعب بالتالي البحث في مخرج من عقدة تمثيل حلفاء الحزب من دون السعي إلى ترميم ما تركه الخلاف من أضرار في التحالف. فالعلاقة بين الجانبين تحتاج إلى مراجعة نقاط الخلاف في ما يخص السياسة الداخلية، إذا كان كل منهما يصر على استمرار توافقهما على القضايا الاستراتيجية وعنواني المقاومة والعلاقة مع سورية.
وفيما أكد متابعون لعلاقة الفريقين أن اتصال التهنئة بعيد الميلاد من قبل الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بعون، فتح بابا لتواصل قيادة الحزب عبر مسؤول الارتباط والتنسيق وفيق صفا، مع قيادة “التيار الحر”، ذكر مصدر مطلع أن استئناف اللواء ابراهيم جهوده، جاء بعد مبادرة الفريقين إلى الطلب من أنصارهما وقف تبادل الحملات، بحيث يتاح البحث عن المخارج الحكومية. وأبلغ المصدر “الحياة” ان لا أفق للصراع بين الحليفين وبالتالي لهما مصلحة في وضع حد لتبادل رمي المسؤولية عما وصل إليه التباين في شأن تأليف الحكومة، لأن هناك إمكانية لإيجاد الحلول وللبلد مصلحة في ذلك. فالحزب لم يخف انزعاجه من الوزير باسيل ويتهمه بأنه وراء التخريب على المخرج الذي اعتمد بتوزير عدرا، حين أصر على أن يكون في كتلته الوزارية، ولا يلتزم توجهات الحلفاء في “اللقاء التشاوري”.
وفي ما يخص القاعدة التي على أساسها يمكن اختيار الوزير الذي يفترض أن يمثل “التشاوري”، تتقاطع معلومات مصدر وزاري مع معطيات مصادر أخرى معنية بتأليف الحكومة على أن فريق الرئيس عون لم يقبل التنازل عن إصراره على أن يكون الوزير السني الذي سيعين من حصة الرئاسة من ضمن كتلته الوزارية، في وقت هناك تمسك من قبل “حزب الله” برفضه حصول “التيار الحر” والرئيس عون على 11 وزير.
ويقول المصدر الوزاري إن عون لن يتراجع ما يعني أن حلحلة العقدة سيطول، خصوصا أنه قال في تصريحه بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي الثلثاء الماضي إن معالجة الأزمة تأخذ وقتا.
وذكرت أوساط مهتمة بالجهود المتجددة أن هناك من طرح فكرة الاتفاق مع الوزير السني الذي سيعين من حصة الرئيس، على ألا يصوت في مجلس الوزراء لضمان عدم وقوفه إلى جانب الوزير باسيل في حال تعارض المواقف بينه وبين “حزب الله”. إلا أنه لا دلائل على أن هذه الفكرة طرحت في الاتصالات التي يقوم بها اللواء ابراهيم، فضلا عن أنها غير دستورية.