كتب عادل السالمي في صحيفة “الشرق الأوسط”:
«لا ضمان بشأن لقائنا وذهاب الآخرين»، بهذه العبارة وصف حفيد الخميني، حسن الخميني، أمس، مخاوف من تراجع الرضا الشعبي عن بقاء النظام.
أتت تصريحات حفيد الخميني بعد ثلاثة أيام على عبارات مماثلة لفائزة هاشمي ابنة الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي، التي تحدثت عن تآكل النظام من الداخل.
لكن أبعد من التعليق على الأوضاع الداخلية حملت عبارة الخميني إشارة ضمنية إلى خطاب للمرشد الإيراني علي خامنئي، في الفترة الأخيرة وهو يتوعد دولاً بما فيها دول تنتقد سياساته الإقليمية بـ«الانهيار».
ويسير حسن الخميني نتيجة مواقفه من أحداث الحركة الخضراء في 2009 على خطى البراغماتيين في النظام من أمثال علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وهو ما أدى إلى حرمانه من الترشح لخوض انتخابات مجلس خبراء القيادة.
ويعد الخميني الصغير أحد أبرز الأشخاص الذين يحظون بدعم الأوساط الإصلاحية والمعتدلة لخلافة المرشد الحالي علي خامنئي، لكن يجمع المراقبون على أنه يفتقر إلى شرط أساسي قد يمنع وصوله للمنصب، وهو تولي مسؤولية كبيرة في النظام.
وأشار الخميني بوضوح إلى تفاقم الاستياء الشعبي من تدهور الوضع المعيشي، حسب ما أورد عنه موقع «جماران» الناطق باسم مكتبه. وقال في هذا الصدد إن «البنية التحتية لمجتمعٍ ما هي الرضا الشعبي»، مشدداً على ضرورة «شعور الناس بالرضا بأي طريقة ممكنة، وأن الفرض لا مكان له في المجتمع».
ووجه رسالة مشفرة إلى كبار المسؤولين الإيرانيين عندما قال: «علينا التعرف على قواعد السلوك البشري وأسباب السقوط والثبات حتى نعمل بها في الحياة العادية، خلاف ذلك لا ضمان لأن نبقى ويذهب الآخرون. إنْ لم تراعِ هذه القاعدة فستخسر الساحة».
وتطرق الخميني إلى «تمزيق مستمر للمجتمع وإشاعة الحقد وتفشي مداوم للنفاق». وقال إن «إجبار أفراد المجتمع على شخصية مزدوجة، وابتعادنا من الصدق، من علامات سوء حظ الحكومات»، معتبراً تراجع المبادئ وتقدم البدهيات «جرس إنذار لمجتمع يعاني من مشكلة».
وتأتي تصريحات حفيد الخميني وسط جدل أثاره حوار وزير الخارجية محمد جواد ظريف مع مجلة «لوبوان» الفرنسية قبل أسبوع، ونفى بصورة قاطعة وجود أي موقف من المسؤولين الإيرانيين بشأن إزالة إسرائيل.
موقف وزير الخارجية الإيرانية دفع الإيرانيين، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إلى التذكير بعبارات للمرشد الإيراني علي خامنئي، وكبار المسؤولين، وهي تتوعد إسرائيل. ففي شباط الماضي، قال نائب قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، إن «إيران تتقدم في كثير من المجالات على أوروبا»، و«سنرى بأعيننا سقوط بريطانيا وإسرائيل وأميركا وحلفائها».
وتدعم تصريحات الخميني الحفيد ما قالته فائزة هاشمي ابنة الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، بشأن «انهيار في المضمون»، مشيرةً إلى أن ما يمنع انهياره وجوده الخارجي ومخاوف الإيرانيين بشأن البديل الذي يحلّ النظام الحالي.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتحدث ابنة هاشمي رفسنجاني عن احتمالات سقوط النظام. ففي بداية حزيران الماضي، قالت، في خطاب أمام عدد من الناشطين السياسيين، إن الضغوط الدولية التي يتعرض لها النظام الإيراني «لا علاقة لها بالاتفاق النووي، إنما هي نتيجة السياسة الخارجية للنظام، بما فيها في سوريا واليمن، وطبيعة علاقاته بدول المنطقة والولايات المتحدة». واتهمت حينذاك كبار المسؤولين الإيرانيين بـ«تضليل» الشعب بدلاً من التطرق إلى أصل القضية، مشيرةً إلى المكانة الدولية لإيران نتيجة الإنفاق الضخم على سياسات إقليمية.
لكن هذه المرة استندت هاشمي إلى سياسة النظام في مواجهة التحديات الداخلية وقالت: «في الوقت الحالي، مجموعة من ناشطي أي فئة في السجون، من العمال والمعلمين وسائقي الشاحنات وناشطات حقوق المرأة والبيئة والطلاب… والناشطين الاقتصاديين ومختلف الأشخاص، إما في السجون وإما ينتظرون إصدار أحكام بنقلهم إلى السجن».
في السياق نفسه، قال محمد رضا تاجيك الرئيس السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية ومستشار الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، تعليقاً على الوضع الداخلي الإيراني، إنه يشبه «سفينة تيتانيك في أسر دوامة»، مشيراً إلى أسباب من بينها: «بنية السفينة وقادة السفينة وسلوك ركاب السفينة»، وحذر في الوقت ذاته من افتقار البلاد إلى «المرجعية». ونقلت صحيفة «اعتماد» الإيرانية: «الإصلاحات هي الطريق الوحيدة لتخطي الأزمات، والأزمات الفائقة الحالية»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى معاناة الحركة الإصلاحية «من بعض الإصلاحيين والتيارات الإصلاحية التي تتاجر باسم الإصلاحات»، مشدداً على ضرورة «نزول الإصلاحيين من أبراجهم العاجية إلى صفوف الشعب».