Site icon IMLebanon

هل يُنْهي لقاء عون – الحريري “الحجْر” السياسي على الحكومة؟

اعتبرت صحيفة “الراي” الكويتية ان بيروت تعود سريعاً الأربعاء في أوّل «يومِ عملٍ» من الـ 2019 إلى روزنامةِ سنةٍ مفخَّخةٍ بألغام كثيرة. فالعاصمةُ التي أثبتتْ في وداع الـ2018 أنها مدينةٌ جديرة بالحياة وأَلَقِها أَمْضتْ مع «الساعة صفر» بين العامين ليلةً ليلاء من فرحٍ مكبوتٍ لم تنجح المكائدُ السود التي لا تكلّ ولا تملّ في اغتياله، فكانت سهرة رأس السنة في وسط بيروت أشبه بـ «انتفاضة حياة» في وجه سياسات التعطيل وشلّ الدولة والمقامرة بالاستقرار المالي وزجّ البلاد في الأتون الاقليمي وجعْلها مجرّد جغرافيا لمنصّات إيديولوجية ومشاريع ما فوق لبنانية.

وأضافت “الراي”: بدا طوفانُ الناس في وسط بيروت، التي نافستْ احتفاليتُها المَظاهر المماثِلة في العالم، بمثابة احتجاجٍ وعلى طريقتهم على ما آلت اليه الأوضاع في البلاد مع الحَجْر السياسي على عملية تشكيل الحكومة للشهر الثامن على التوالي، والمجازفةِ بملامسة الخطّ الأحمر الذي يشكلّه الاستقرار الاقتصادي والمالي واللامبالاة في تعريض مؤتمرات الدعم الدولية، ولا سيما سيدر 1، للاندثار، ودفْن الرأس في الرمال الاقليمية المتحرّكة على النحو الذي يرشّح البلاد لأن تكون مسْرحاً لتصفية حساباتٍ اسرائيلية – إيرانية… وهي العناوين التي تعود اليوم الى صدارة الشاشة كواحدةٍ من أسوأ الأزمات الوطنية، لِما تنطوي عليه من محاولةٍ لوضْع النظام السياسي برمّته على المحك.

ولفتت الى انه مع أوّل وصولها سؤالٌ وحيد «على طولها»: ماذا حلّ بالمَساعي لتأليف الحكومة التي فوّض البرلمان زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري تشكيلها بغالبية 111 نائباً من أصل 128 (بعد الانتخابات النيابية التي جرتْ في أيار الماضي) ويتعاطى معها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أنها «حكومة عهده الأولى»؟

الصحيفة قالت إن الحريري الذي خَلَع «السبور» بعد ترؤّسه احتفالات رأس السنة، قَصَدَ الرئيس عون في أول زيارةٍ منذ التزامه الصمت بعدما أَحْبَطَ الصراعُ على الثلث المعطّل بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» برئاسة الوزير جبران باسيل ولادةَ الحكومة في لحظةِ إعلانها قبل نحو 10 أيام والعودة بالمأزق السياسي – الدستوري الى المراوحة من جديد رغم التحرك الخافت الذي قام به المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم بإيعازٍ من عون لمعاودة تعويم مبادرته لحلّ عقدة توزير ممثلٍّ عن ستة نواب سنّة موالين لـ «حزب الله».

وإذ لم تشأ الأوساط المعنية الكشف عما دار في لقاء عون – الحريري، فإن الثابت أن حركةَ ما بين العيديْن (الميلاد ورأس السنة) التي قام بها اللواء ابرهيم، لم تؤدّ الى خرقٍ في شأن تذليل عقدة تمثيل النواب السنّة المحسوبين على «حزب الله»، وسط تَوافُقٍ ناقِصِ على المعادلة القائمة على أن يتمثّل هؤلاء بشخصيةٍ غير مُسْتَفِزّة تنوب عنهم على نحوٍ لا يمانع به الحريري، على ان تكون من حصة الرئيس عون.

وثمة اعتقادٌ بأن المشكلة التي اعترضتْ إنجاز هذا التفاهم وتالياً الإفراج عن الحكومة ما زالت على حالها رغم ما يشاع عن «عصْفِ أفكار» لتبديد هذه العقدة، لأن الصراع الفعلي بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» يدور على مرجعيةِ مَن يُمكِن وصْفُه بـ «الوزير الملك»، وهل هي الحزب عبر ذراعه السنية، أم الوزير باسيل كرئيسٍ للتكتل المحسوب على عون.

وينطوي هذا الصراع على قرارٍ من «حزب الله» بعدم تمكين باسيل من القبْض على الثلث المعطّل، وسط اتهاماتٍ للأخير بأنه يريد الإمساك بـ «مصير» الحكومة خدمةً لأجندةٍ خاصة ترتبط بإدارة السلطة وبالاستحقاق الرئاسي متى يحين وقته.

ولم تأخذ الدوائر السياسية على محمل الجدّ ما جرى ترويجُه من أفكار قديمة – جديدة كتوسيع الحكومة من 30 الى 32 وزيراً، إذ لم تجد فيها إلا محاولةً من «حزب الله» للهروب إلى الأمام تجنُّباً لانفجار صراعه على نحو مُكْلِفٍ مع رئيس الجمهورية رغم تحالُفهما الصامد منذ الـ 2006، خصوصاً أن الأسابيع الماضية شهدتْ مواجهةً غير مسبوقة بين البيئتيْن.

والأكثر إثارة في هذا الصراع على «الأمر لمَن» في الحكومة، حسب “الراي”، هو انحسار الهامش الى حدوده الدنيا أمام المناوراتِ بين الطرفين (الحزب والتيار) على النحو الذي لم يَبْقَ معه إلا السعي إلى تفاهُم على تقييد «الوزير الملك» بسلّة من التفاهمات المشتركة ، وإما انتظار تَطَوُّرٍ كبيرٍ يَفْرض مَخارج… على الحامي.