وصفت مصادر سياسية لبنانية تصريح أحد كبار المسؤولين في حزب الله عن حل “قريب جدا” للجمود الذي حال دون تشكيل حكومة جديدة بأنه “إفراج إيراني” عن تشكيل حكومة سعد الحريري.
واعتبرت المصادر توقع محمود قماطي نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله بأن “الحلّ قريب جدا ويدخل في إطار عيدية الأعياد”، بأنه رسالة إيرانية لحزب الله بالموافقة على تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة الحريري.
وقالت المصادر في حديث لصحيفة ”العرب” اللندنية إن “كل العراقيل التي وضعها حزب الله في السابق، كانت بتعليمات إيرانية من أجل هدف سياسي، وعندما يبشر مسؤول كبير في حزب الله باقتراب إعلان الحكومة، فهذا يعني أنه ينقل رسالة إيرانية على لسان قماطي”.
وأعاد الاجتماع الذي عقده رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، الثلاثاء، الحرارة إلى محركات تأليف الحكومة كما أعاد التأكيد على حالة الوفاق بين الرئاستين الأولى والثالثة، وبالتالي استمرار التمسك بالتسوية الرئاسية بين التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل.
وتجري عملية حلحلة سياسية خلال الأيام المقبلة على أن يعمل على تفاصيلها مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم بتكليف من رئيس الجمهورية وبدعم كامل من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفيما تتعدد سيناريوهات حلّ عقدة تمثيل نواب “تكتل اللقاء التشاوري”، بما في ذلك إمكانية أن يتوسع تشكيل الحكومة إلى 32 وزيرا، تؤكد مصادر مطلعة أن ما يتم تسريبه إلى وسائل الإعلام ليس دقيقا، والأرجح أن الهدف منه اختبار ردود الفعل أو حرق احتمالات قبل أن تتحول إلى واقع عملي.
ومن شأن تكليف اللواء عباس إبراهيم بالعودة إلى تفعيل اتصالاته أن يدفع إلى حلحلة كل الخلافات لكونه موظفا درجة أولى ويحظى بثقة الطبقة السياسية برمتها، وأن حركته لا تسبب حرجا لرئيس الحكومة المكلف، ولن تعتبر انتقاصا من صلاحياته، كونها موضوعة تحت سقف التواصل التقني لصالح الرئيسين عون والحريري.
وكان تحرك وزير الخارجية جبران باسيل قبل ذلك قد أثار ردود فعل داخلية حول صلاحية باسيل في الاضطلاع بدور هو من صلاحيات الرئيس المكلف وفق ما ينص عليه الدستور.
ومن الواضح أن تكليف عباس يكشف الوجه الخارجي لعقدة تأليف الحكومة، خاصة أن مدير عام الأمن العام، وبحكم موقعه، على تواصل دائم مع أجهزة الأمن في العواصم الإقليمية والدولية، وبالتالي هو على اطلاع على الأجندات الخارجية المتقاطعة والمتنافرة والتي قد تحول دون ولادة الحكومة اللبنانية.
غير أن حزب الله ينفي وجود عقبات خارجية، وهو بالتالي يدفع بأي تهمة عن إيران، لكنه في الوقت عينه يبرّئ بشكل غير مباشر دول أخرى، لا سيما السعودية، التي لطالما اتهمها بأنها وراء التعطيل.
وأكّد قماطي، إثر لقاء وفد من الحزب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أن “جميع المعنيين بتشكيل الحكومة جادّون في تشكيلها”، لافتا إلى أنه “لا عقبات خارجية إنما هناك خلل حصل في اللحظات الأخيرة وتجري الآن معالجته”، متوقعا “تشكيل الحكومة في وقت قريب”.
واستغل حزب الله مناسبة بروتوكولية لتقديم التهنئة بالأعياد، من أجل ترميم العلاقة مع البطريرك كما مع الرئيس عون اللذين غمزا مؤخرا من قناة حزب الله بالوقوف وراء عقدة تأليف الحكومة.
وكان عون قد تحدث بحضور البطريرك عن أعراف جديدة تعرقل تشكيل الحكومة، في موقف اعتبر موجها ضد الحزب الموالي لإيران.
من جهة أخرى، تقول مصادر دبلوماسية عربية إن على بيروت العمل على الظهور بحكومة جديدة مكتملة قبل انعقاد القمة العربية الاقتصادية التنموية التي يحتضنها لبنان في 19 و20 يناير الجاري. وتوضح هذه المصادر أن مستوى حضور القمة وجدول أعمالها سيتأثران كثيرا، سلبا أو إيجابا، بغياب أو حضور حكومة كاملة الشرعية تمثل الدولة المضيفة.
وكشفت مصادر برلمانية أن تواصلا يجري بين أركان الطبقة السياسية اللبنانية بغية الاهتداء إلى حلّ ينهي الأزمة الحكومية، وأن لبنان يخشى أن يفقد دعم المنظومة السياسية العربية بصفتها رافدا ومكمّلا للوعود التي صدرت عن مؤتمر “سيدر” للمانحين لدعم الاقتصاد اللبناني.
وأعلن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أنّ “الأيام المقبلة ستشهد ولادة الحكومة والذهاب إلى إيجاد الحل لعقد التأليف”، لافتا إلى أنّ “البلد لا يستطيع تحمل التأخير في التشكيل، لا سيما وأنّنا مقبلون على قمة اقتصادية عربية في بيروت”.
ويسعى الفريقان إلى السيطرة على ردود الأفعال المتبادلة بين القاعدتين الشعبيتين للحزب والتيار الوطني الحرّ، في وقت تؤكد تصريحاتهما الرسمية على التمسك بـ”ورقة التفاهم” بينهما وعلى ثبات التحالف على المستوى الاستراتيجي.
وأكّد قماطي من بكركي أن “العلاقة في أمتن حالاتها مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، ووثيقة التفاهم لا تزال قائمة وعلى أساسها نتعاون وأي خلاف يحصل نعمل على تجاوزه”.
وحول موقف الحزب من نيل فريق عون الثلث المعطّل، قال قماطي “لطالما أعلنّا أننا لا نمانع أن ينال فريق رئيس الجمهورية والتيار 11 أو12 أو13 وزيرا”.
وتتحدث الأوساط السياسية عن أن كافة الفرقاء يدعمون سعي حزب الله إلى حرمان الفريق العوني من الثلث المعطل، وأن المعضلة الحقيقية تكمن في هذا الأمر، على الرغم من تأكيد نصرالله عدم ممانعة عون وفريقه 11 وزيرا أو أكثر.
وتدور المعركة حول من يمسك بالقرار الحكومي، خصوصا في حال شغور منصب رئيس الجمهورية لأي سبب من الأسباب، وهو أمر يحرص حزب الله على ألا يكون في يد باسيل، فيما الأخير يعتبر الأمر مفصليا في تحديد وجهة طموحاته الرئاسية.
ويتساءل بعض المراقبين عما إذا كان باسيل يحظى بغطاء خارجي كبير يمنحه هذه الرشاقة في المناورة، بما في ذلك الالتفاف على الهدف الذي يريد حزب الله تحقيقه من وراء إثارة أزمة تمثيل “سنة 8 آذار”. غير أن بعض الآراء ترى أن باسيل يتحرك تحت سقف التحالف مع حزب الله، وأن الحزب ما زال الممسك الأول بمفاتيح الحل والربط في مسألة تشكيل الحكومة.