فيما تستكمل دوائر القصر الجمهوري في بعبدا إجراءات التحضير لـ«القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية»، التي تُعقد في بيروت بين 16 و20 كانون الثاني الجاري، تخضع هذه القمة للرصد من زاويتين: الأولى، مستوى الحضور العربي، وكيفية التعامل اللبناني مع مسألة دعوة سوريا للمشاركة. في الأولى، لم يتضح الأمر تماماً. الملك الأردني عبدالله اعتذر عن عدم الحضور، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان قد أكّد حضوره شخصياً، لكن هذا الأمر لم يعد مؤكداً. يُضاف إلى ذلك أن السعودية لم تبلغ لبنان بعد بمستوى تمثيلها. وبحسب مصادر ديبلوماسية، فإن كلاً من الإمارات والبحرين ستلتزمان بمستوى التمثيل السعودي. وعلى هذا الأساس، جرى التداول الخميس بشائعات تفيد بأن لبنان قد يطلب تأجيل القمة، لكن مصادر في وزارة الخارجية نفت ذلك بتاتاً، علماً أن القصر الجمهوري وزّع أمس على وسائل الإعلام جدول أعمال القمة وتفاصيل الاجتماعات التحضيرية.
دعوة سوريا للمشاركة في القمة لم تُحسم بعد. فقد علمت «الأخبار» أن ثمة مسعى لبنانياً – مصرياً مشتركاً، يهدف إلى بحث إمكان توجيه الدعوة إلى الرئيس السوري بشار الأسد. وبحسب مصادر مطلعة، فإن لبنان يرمي إلى الحصول على «مباركة سعودية» قبل دعوة دمشق، ولا فرق إن كانت هذه «المباركة» علنية أو ضمنية. ولم تتضح بعد نتيجة هذا الجهد. في العاصمة السورية، تؤكد مصادر رفيعة المستوى في وزارة الخارجية لـ«الأخبار» أن «سوريا لم تتبلّغ بتوجه وفد لبناني قريباً إلى دمشق لتسليم دعوة للمشاركة في القمة»، لافتة، رداً على سؤال، إلى «أننا نتفهّم موقف الإخوة في لبنان ولا نضغط عليهم». ورفضت المصادر الربط بين القمة الاقتصادية في بيروت وملف عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
وكانت كتلة الوفاء للمقاومة قد أعلنت الخميس، بعد اجتماعها، أنها «ترى أن لبنان معني بدعوة سوريا للمشاركة في القمة الاقتصادية العربية التي ستنعقد على أرضه، لما في ذلك من قوة للبنان ومصلحة استراتيجية له، خصوصاً أن الظروف الراهنة تشهد مناخاً عربياً إيجابياً تتسارع فيه الدول العربية للعودة إلى سوريا، فيما لبنان الجار الأقرب وصاحب المصلحة الأكيدة يجدر به أن يكون في طليعة المبادرين لتعزيز هذا المناخ».
وبعيداً من هذه القضية، لا تزال مفاوضات تأليف الحكومة تراوح مكانها، بعد مبادرة رئيس الجمهورية إلى التنازل عن مقعد من حصته لتمثيل اللقاء التشاوري. وكان من المنتظر أن ينحصر التفاوض في شكل إخراج هذا الحل، لا في مضمونه، لتحديد «مكان جلوس» ممثل اللقاء التشاوري: أن يكون ممثلاً حصرياً للنواب الستة، أو أن يكون ممثلاً لهم في حصة رئيس الجمهورية، أو أن تُستَنسخ تجربة حزب الطاشناق داخل تكتل «لبنان القوي»، فيكون وزير «سنّة 8 آذار» ممثلاً لهم، لكنه يشارك في اجتماعات التكتل. لكن الوزير جبران باسيل تقدّم بخمسة اقتراحات لحل الأزمة، أسقِط اثنان منها، بينها اقتراح رفع عدد الوزراء إلى 36 وزيراً، ليعود النقاش إلى المربّع الأول. وبحسب ما عمم باسيل أمس عبر مصادره، فإن عدد المقترحات التي يتركز البحث عليها هي ثلاثة من أصل خمسة. وفيما ترى القوى المعنية بالتأليف، سواء في فريق 8 آذار أو في تيار المستقبل، أن تدخّل باسيل أدى إلى عرقلة عملية التأليف، توقعت مصادر الأخير أن «تفضي اتصالاته إلى حل أكيد في الأيام القليلة المقبلة».