اعتبرت صحيفة “فايننشال تايمز” أن التحركات الأخيرة التي طرأت على ميناء طرابلس في شمال لبنان توجه الانظار إليه كمركز لوجستي مركزي لشحنات إعادة الإعمار القادمة من الصين إلى سوريا.
وبحسب الصحيفة، رست مؤخراً في ميناء طرابلس، سفينة شحن تابعة لشركة “كوسكو” الصينية الحكومية، والتي تعتبر أول سفينة تتبع المسار الجديد من الصين نحو البحر المتوسط. وقد أعتبر وصول السفينة بمثابة حافز في لبنان، وراءه اهتمام بكين المتزايد بالتجارة مع سوريا.
ويسعى لبنان حالياً، إلى أن يصبح ميناء طرابلس مركز لوجستي لإعادة الإعمار في سوريا، خصوصاً أن النظام تمكن من السيطرة على معظم الأراضي ويسعى حالياً إلى إعادة بناء البلاد المدمرة. وفي الوقت نفسه يعاني لبنان من اقتصاد ضعيف، ولذلك يسعى عبر ميناء طرابلس والذي يبعد 35 كم عن الحدود السورية، للاستفادة من جهود إعادة الإعمار، التي تصل قيمها إلى 200 مليار دولار.
وتعد الصين واحدة من الدول القلائل التي تتمتع بنفوذ مالي وسياسي واسع وعلى استعداد لإعادة إعمار سوريا. بدا ذلك واضحاً من الوفود الصينية المتجهة إلى سوريا ولبنان. مع ذلك، لم يتم الإعلان رسميا عن إي التزام مستقبلي يخص جهود إعادة الإعمار.
وقال أحمد تامر مدير ميناء طرابلس، للصحيفة “لم تستثمر الصين لدينا في الميناء لإعادة إعمار سوريا حتى الآن”؛ إلا أنه أعرب عن أمله بحدوث خطوة كهذه قائلاً: “نتطلع إلى القيام بذلك، إلا أنه لم يحدث بعد”.
وكانت الصين وقعت اتفاقيات تعاون تجارية مع النظام وشاركت الشركات الصينية في “معرض دمشق الدولي” الصيف الماضي. كما ذكرت وسائل إعلام تابعة للنظام، حيث منحت الصين حوالي 800 محول كهربائي لسوريا، بالإضافة إلى إعلانها عن تدريب “المنتخب الوطني لكرة السلة” في الصين.
وتعتبر الصين، التي تمتلك ثان أكبر اقتصاد في العالم، من أهم المرشحين الواقعيين للاستثمار في سوريا، وذلك بحسب الكثير من المراقبين الخارجيين، خصوصاً أن حلفاء النظام في روسيا وإيران يعانيان من تضرر اقتصادي نتيجة للعقوبات، كما يرفض النظام التدخل الأوربي والأمريكي في إعادة الإعمار، ولا تزال دول الخليج بعيدة عن المشهد.
وبحسب الصحيفة، تعاقدت الشركات الصينية مع ميناء طرابلس، بما في ذلك إعداد رصيف جديد، بقيمة 58 مليون دولار بالإضافة إلى تصنيع وتركيب ستة رافعات.
من جانبها، نظرت حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بمقترح صيني مقدم من شركة “تشينغداو للمعدات الثقيلة” لتوسيع ميناء طرابلس، إلا أنه وبسبب الظروف السياسية الحالية، والتي حالت دون تشكيل حكومة لبنانية، لم يتم التوقيع على العقد.
وأرسلت الصين، بحسب ريا الحفار الحسن وزيرة المالية السابقة في لبنان، ستة وفود إلى لبنان منذ 2017. كما افتتحت “معهد كونفوشيوس” في جامعة بيروت، وبرنامجاً للدراسات الصينية في جامعة أخرى.
رأى وانغ كيجيان، السفير الصيني في لبنان، أنه من الممكن “أن يصبح لبنان لؤلؤة ساحرة في الحزام والطريق” مشيراً إلى السياسية التي تتبعها الصين في تطوير البنى التحتية على طول طريقها التاريخي لتجارة الحرير، وذلك في المنتدى العربي الصيني للتجارة والأعمال الذي أنعقد الشهر الماضي.