كتبت سينتيا عواد في صحيفة “الجمهورية”:
هل فكرتم في أنّ تعزيز صحّتكم قد يكون سهلاً تماماً مثل أخذ شهيق عميق؟ اقترحت مجموعة دراسات أنّ الزيوت الأساسية قد تساعد على الوقاية من مشكلات صحّية عدة أو حتى معالجتها، بدءاً من الأرق وصولاً إلى أعراض متلازمة القولون العصبي.
قال إختصاصي الطب الطبيعي، جوش آكس، من مدينة ناشفيل في ولاية تينيسي الأميركية إنّ «أنواعاً كثيرة من الزيوت الأساسية تملك خصائص مضادة للميكروبات وتعمل على تقوية الجهاز المناعي وتدمير البكتيريا السيّئة والفيروسات. كذلك فإنّ العديد منها يملك مضادات أكسدة قويّة ويساعد على تحييد أو وقف الجذور الحرّة في الجسم الناتجة من العوامل البيئية كالتلوث، والسموم الكيماوية، والإشعاع. وفي المقابل، فإنّ الجسم قد يكون قادراً على تقديم معركة أفضل تجاه الإجهاد التأكسدي الذي قد يؤدي إلى الأمراض».
الزيت الأساسي عبارة عن سائل فائق التركيز مُستخرج من أوراق، وأعشاب، وقشور بعض النباتات. إستناداً إلى «National Institute of Environmental Health Sciences»، فإنّ كل زيت أساسي يملك تركيبة فريدة من المواد الكيماوية التي تؤثر في قدرة الجسم على امتصاصها والتفاعل تجاهها.
ومن جهته، أكّد الطبيب، ليلاند ستيلمان، من تامبا في فلوريدا أنّ بعض الزيوت يملك خصائص علاجية، ولكن مثل معظم الخبراء، فإنه ينصح باستخدامه كعلاج عطري بدل استهلاكه.
ويمكن بلوغ منافع هذه الزيوت من خلال وضع بضع قطرات منها على الجلد، أو إضافتها إلى سائل الاستحمام، أو رشّها في غرف المنزل.
وقبل التعامل مع أيّ نوع، يُنصح بوضع كمية ضئيلة أولاً على البشرة للتأكد من عدم وجود أيّ ردة فعل تحسّسية. يجب البدء دائماً بهدوء، سواء اقتصر الأمر على فركه على الجلد أو رشّه في الغرفة.
تعرّفوا على أهمّ خصائص الزيوت الأساسية الأكثر شيوعاً:
شجرة الشاي
يُعتبر هذا الزيت من الروائح الأقل جاذبية، ولكنه يملك العديد من الاستخدامات العلاجية. إستناداً إلى إختصاصية الجلد، آنا غوانشي، من كاليفورنيا فإنّ زيت شجرة الشاي قد يساعد على تجفيف البثور أو علاج البقع. في الواقع، وجدت دراسة نُشرت في «Australasian Journal of Dermatology» أنّ منتجات زيت شجرة الشاي قد تحسّن البثور المعتدلة.
من جهة أخرى، اعتبر الطبيب، جوزيف فورشتاين، من جامعة كولومبيا أنّ هذا الزيت قد يساهم أيضاً في تنظيف المجاري الهوائية. غير أنّ الخبراء يحذّرون من أنّ الزيوت الأساسية غير مُنظّمة من قِبل الـ«FDA»، وبالتالي فإنها غير متشابهة. بعضها قد يكون أقوى، والبعض الآخر قد يكون ممزوجاً بمحاليل أخرى، الأمر الذي قد يُدمّر البشرة ويجعل المشكلات أسوأ.
النعناع
أظهرت دراسة من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو شملت 726 مريضاً أنّ الذين استخدموا كبسولات زيت النعناع تحسّنت لديهم أعراض متلازمة القولون العصبي وأوجاع البطن بشكل ملحوظ مقارنةً بالذين تلقوا دواءً وهمياً.
وخلص الباحثون إلى أنّ زيت النعناع هو علاج آمن وفعّال قصير الأجل لهذه المشكلات. غير أنهم أشاروا إلى أنّ المرضى الذين حصلوا عليه كانوا أكثر عرضة لمواجهة أعراض سلبية، كالحرقة، لذلك يجب التحدث أولاً إلى الطبيب عن المخاطر المُحتملة والتاريخ الطبي العائلي قبل الاستعانة به. وإلى جانب تهدئة متلازمة القولون العصبي، يساعد زيت النعناع على خفض الغثيان، خصوصاً لدى مرضى السرطان.
اللافندر
يتمتع بفوائد عظيمة بما فيها خفض القلق، وتحسين المزاج، وزيادة الاسترخاء. لكن لعلّ أقوى ميزاته، قدرته على النوم أفضل.
توصلت دراسة صدرت في «Complementary Therapies in Medicine» إلى أنّ علاج المرضى الذين خضعوا لجراحة القولون والمستقيم بزيت اللافندر عبر التدليك العطري ساهم في تحسين نوعية نومهم وانخفاض معدل قلقهم. كذلك يبدو أنّ زيت اللافندر يساعد على تهدئة أوجاع الرأس والصداع النصفي (Migraines).
ووفق دراسة نُشرت في «Journal of Herbal Medicine» عام 2016، فإنّ المشاركين الذين خضعوا للعلاج باللافندر مدة 3 أشهر شهدوا انخفاضاً ملحوظاً في عدد تعرّضهم للصداع النصفي وحدّته مقارنةً بالمجموعة التي تمت السيطرة عليها.
الأوكالبتوس
يحتوي الزيت الناتج من الأوكالبتوس على مركّبات تجعله مُطهِّراً قوياً. يمكن استخدامه كطارد طبيعي للحشرات أو مزجه في مرهم لتسكين أوجاع العضلات.
كذلك يمكن استعماله لتنظيف مشكلات الجهاز التنفسي من خلال وضع بضع قطرات منه في مياه مغليّة واستنشاق البخار. بيّنت دراسة نُشرت في مجلّة «PLOS One» عام 2017 أنّ زيت الأوكالبتوس يساعد على قمع الالتهاب في الرئة.
إكليل الجبل
في حال معاناة داء الثعلبة، وهي الحالة التي يقوم فيها الجهاز المناعي بمهاجمة بُصيلات الشعر والتسبّب بتساقط خصلاته، فإنّ وضع الزيوت الأساسية مباشرةً على فروة الرأس قد يلعب دوراً إيجاباً.
وجد باحثون من «University of Maryland Medical Center» أنّ تدليك فروة الرأس بمزيج من الزيوت الأساسية، بما فيها إكليل الجبل، واللافندر، والزعتر، وخشب الأرز قد يعزّز نموّ الشعر نتيجة زيادة الدورة الدموية.
الحمضيات
عند التعرّض للضغوط والتوتر، يمكن لاستنشاق رائحة الحمضيات أن يساعد على تحسين المزاج. بيّن بحث أجراه علماء من جامعة فيينا عام 2005 أنّ رائحة الليمون، أو حتى اللافندر، خفّضت القلق وحسّنت مزاج المرضى الذين ينتظرون دورهم لتلقّي علاج أسنانهم.
من جهة أخرى، كشفت الدراسات أنّ انبعاث روائح الحمضيات في الغرفة قد ينظم مستويات الهورمونات ويساعد على خفض جرعات مضادات الكآبة لدى الأشخاص الذين يعانون من الكآبة. لكن من المهمّ عدم استبدال أيّ دواء بالعلاج العطري باستثناء إذا سمح الطبيب بذلك.
إشارة إلى أنه وبعد قيام الجلد بامتصاص زيت الحمضيات، يجب الحرص على وضع واقي الشمس بما أنّ هذه الزيوت قد تجعل الشخص أكثر حساسية للشمس.
هل هي آمنة؟
المهمّ في الأمر التحدث إلى الطبيب، وليس البائع، عن سُبل إدخال الزيوت الأساسية بشكل آمن إلى نمط حياتكم قبل لجوئكم إلى أيّ شيء جديد! الزيوت الأساسية شائعة جداً حالياً، والعديد منها يعِد بعلاج الأمراض ومداواتها. لكن بما أنها عالية التركيز، يمكنها أن تولّد مشكلات إضافية في حال سوء استخدامها.