كتبت جنى جبّور في “الجمهورية”:
يفضّل غالبية الرجال، عدم التكلم عن مشكلاتهم الجنسية محاولين إخفاءها. ولكن مهلاً، حرجكم هذا يفاقم حالتكم ولا يحلّها، في وقت أنّ اصحاب الاختصاص يخلّصونكم منها بسهولة. إلّا أنّ الموضوع اليوم، تخطّى هذه المحرّمات ليهدّد حياتكم بشكل مباشر. فهل تعلمون أنّ ضعف الانتصاب الذي تعانون منه يمكن أن يكون سببَ تعرّضكم لنوبة قلبية قاتلة؟!
كان الاعتقاد السائد في الماضي أنّ تراكم الرواسب الدهنية أو اللوائح داخل شرايين الجسم، يُسبّب ضعف الانتصاب الذي يسبق الإصابة بمشاكل القلب. فكانت الفكرة أنّ تراكم اللوائح يقلل من تدفق الدم في القضيب، ما يُصعِّب حدوث الانتصاب. ولكن حديثاً، يعتقد الخبراء أنّ ضعف الانتصاب الذي يسبق الإصابة بمشاكل القلب ينجم غالباً عن اختلال وظيفي في بطانة أوعية الدم الداخلية وارتخاء العضلة، فيسبّب الضعف في بطانة أوعية الدم عدم كفاية إمداد الدم إلى القلب وعرقلة تدفّقه إلى القضيب. في هذا السياق، كان لـ»الجمهورية» حديث خاص مع الاختصاصي في أمراض القلب والشرايين الدكتور ايلي صقر، الذي فسّر الموضوع قائلاً: «لا يشير ضعف الانتصاب دوماً إلى مشكلة قلبية كامنة. الّا أنّه توجد عوامل مشتركة بين القلب والانتصاب، والتي لها علاقة بالعوامل الخارجية المحفّزة كالاصابة بالسكري، التدخين والافراط بالكحول، ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول، العمر، البدانة وانخفاض هرمون التستوستيرون. فوجود الترسبات في الشرايين، يسبّب انخفاض وصول كمية الدم المناسبة الى كل شرايين الجسم، وهذا ما يفسّر عدم القدرة على الانتصاب، وبالطبع تأثير هذه المشكلة على القلب. وبالتالي، يمكننا القول إنّ مشكلة الانتصاب هي احدى عوارض وجود مشكلة في الشرايين».
الاكتئاب والنوبة القلبية
30 في المئة من الرجال تبدأ مشكلة ضعف الانتصاب لديهم بين عمر الـ40 والـ70. وتوجد اسباب وعوامل مختلفة وبعيدة عن الشرايين الّا أنها تهدد صحة القلب ايضاً. وفي هذا الاطار، يوضح د. صقر أنّ «الاكتئاب، هو احد الاسباب التي تمنع الانتصاب، ويدفع الشخص القيام بمجهود اضافي لمحاولة الانتصاب، ما يمكن أن يعرّضه لسكتة قلبية. بدوره، يؤدي وجود مشكلة في الانتصاب الى الاكتئاب. هذه العلاقة المترابطة والمعقّدة نوعاً ما، تفسّر أهمية توجّه المريض دون ايِّ حرج عند طبيبه المعالج، لشرح عوارضه، للمحافظة على حياته، فهذا الموضوع ليس بلعبة، ويتخطّى مشكلة الانتصاب، فهو فعلاً يهدّد الحياة لاسيما انّ النوبة القلبية قد تكون قاتلة».
الحرج… يقتلكم
تُعتبر أمراض القلب من المسبّبات الرئيسة للوفاة بين الرجال والنساء لأسباب متعددة، وقد قام الباحثون حديثاً بإضافة مشكلة ضعف الانتصاب لعوامل الخطر، وذلك بعد استهدافهم في دراسة اجروها، أكثر من 1900 رجل لفترة 4 سنوات تقريباً، حيث توصلوا الى أنّ ضعف الانتصاب يرفع خطر إصابة الرجال بالنوبة القلبية وأمراض القلب والذبحة الصدرية بشكل مضاعف. أمّا المشكلة الاساسية في هذا الموضوع والذي يؤكدها كل الاطباء لاسيما في لبنان، فهي أنّ معظم أو غالبية الرجال المصابين بمشكلة ضعف الانتصاب لا يتوجهون للطبيب بسبب الإحراج، وهذا يضاعف خطر إصابتهم بأمراض القلب بشكل أكبر. في المقابل، إنّ خطوة التوجّه لاستشارة الطبيب سهلة وبسيطة، وبحسب د. صقر «نجري للمريض فحص الدم للبحث عن وجود أيّ مشكلة كالسكري أو الكوليستيرول أو غيرها، كما نقوم بالفحص بواسطة الموجات فوق الصوتية للتأكد من البروستات، ونتأكد ايضاً من الادوية التي يتناولها المريض لا سيما أنّ بعض الانواع يسبّب ضعفاً في الانتصاب، كما نتأكد اذا كانت مشكلته نفسية. هذه الخطوات، تُوجّهنا الى سبب المشكلة والعلاج الانسب لها. من جهة أخرى، في حال رافقت عوارض محددة مشكلة ضعف الانتصاب عندها نتوجّه الى فحوصات اخرى على مستوى القلب. فنقوم بمساءلة المريض اذا كان يشعر بضيق في نفسه عند الركض او صعوده الدرج، أو الم في الصدر أو تنميل في يده اليسرى أو الغثيان والتعرّق البارد.
عندها، تدفعنا هذه المؤشرات الى فحص القلب بواسطة الموجات فوق الصوتية، اضافةً الى فحص المجهود، واذا دعت الحاجة قد نخضع المريض للقسطرة. على الاثر، يحدد الطبيب العلاج المناسب مع الانتباه الى الادوية لأنّ بعضها المخصّص للانتصاب لا يمكن تناولها مع تلك المحددة للقلب». وفي نهاية حديثه شدد د. صقر على أهمية «اتّباع نمط حياة صحي في الغذاء، وممارسة الرياضة والابتعاد عن العادات السيّئة، مع ضرورة التوجّه لاستشارة المختصين دون حرج، عند المعاناة من ايِّ عارض، للمحافظة على نوعية حياة جيدّة والوقاية من المشاكل الطبية الخطرة، والمحافظة على صحة نفسية سليمة».