كتبت صحيفة “الأخبار”: لم يُكتب لموجة التفاؤل، التي بثّتها معظم القوى السياسية، الاستمرار طويلاً. تطورات المسألة الحكومية لا تزال مُبهمة، من دون أن يكون أفق مشاورات جبران باسيل واضحاً. إلا أنّ أمرين يلفتان النظر: تعامل سعد الحريري مع الملف بحيادية، وكأنّه ليس الرئيس المُكلّف. وتهميش «اللقاء التشاوري».
أغدق المسؤولون المعنيون بتأليف الحكومة الوعود الإيجابية في ما خصّ حلحلة العِقَد. وعود بُنيت على إعادة تكليف الرئيس ميشال عون المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إحياء المبادرة، وقبول عون التنازل عن مقعد من حصته لـ«اللقاء التشاوري». حتى يوم الثلاثاء الماضي، كانت الأمور موضوعة على السكّة الصحيحة للحلّ، على الرغم من استمرار حالة الاعتذار عن الواجب والمهمة المُكلّف بها، التي يعيشها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري. ولكنّ دخول الوزير جبران باسيل على الخطّ، وقوله إنّه قدّم خمس أفكار جديدة، أوحى بأنّ المبادرة السابقة انتهت، وعاد البحث عن مخرجٍ جديد، وبالتالي تبديد جميع المؤشرات الإيجابية، ولا سيّما أنّ حراك «الوزير المُكلّف» ظلّ ناقصاً مع تهميش نواب «اللقاء التشاوري» عن جولة مفاوضاته الجديدة، وكأنّهم ليسوا فريقاً معنياً بإيجاد أي مخرج.
بناءً عليه، يُختتم أسبوعٌ آخر من دون أن يظهر في الأفق أي أمل بقرب إعلان حكومة جديدة، مع اقتراب عقد أعمال القمة الاقتصادية في 19 و20 الشهر الجاري. وكان عون قد أكد أمس، أنّ «خلافات في الخيارات السياسية لا تزال تُعرقل تشكيل الحكومة الجديدة»، داعياً جميع القوى المعنية إلى «تحمل مسؤولياتهم الوطنية وتسهيل عملية التشكيل».
أفكارٌ عدّة طرحها باسيل، واحدة منها هي أن «يقترح رئيس الجمهورية ثلاثة أسماء، يختار نواب اللقاء التشاوري من بينها الوزير»، كما تقول مصادر في فريق 8 آذار. يسعى باسيل إلى هذا المخرج، كونه «مُعترضاً على تسمية كلّ من مستشار النائب فيصل كرامي عثمان مجذوب ومرشح جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية طه ناجي». إلا أنّ النجاح ليس مكتوباً لهذا الاقتراح، لغياب إمكانية تسويقه بين القوى المعنية، وتحديداً «اللقاء التشاوري». وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد اجتمع النواب الستة، أول من أمس، وخلصوا إلى وجود ثلاثة حلول يقبلون بها:
ــــ أن يكون الوزير واحداً منهم.
ــــ الاختيار بين الأسماء الثلاثة المقترحة مسبقاً، أي، طه ناجي وعثمان مجذوب وحسن مراد.
ــــ في حال عدم القبول بالأسماء الثلاثة، يتمّ التوافق على تسمية عضو المكتب السياسي في حزب الاتحاد هشام طبارة. المشكلة في هذا الطرح، أنّه لم يلق تأييد سوى النواب عبد الرحيم مراد والوليد سكرية وجهاد الصمد.
يوم أمس، قال وزير الخارجية والمغتربين من بكركي إنّه يتفهم وجود «معادلات جديدة بعد قانون الانتخاب، لكنّ اللبنانيين لا يستطيعون أن يفهموا أن تكون هذه لحظة تسجيل مكتسبات سياسية معينة أو تغيير في النظام، فهذا ليس توقيته ولا مناسبته». ورأى باسيل أنّ «ربط تشكيل الحكومة بالاستحقاق الرئاسي عيب في حقّ ذكاء اللبنانيين، فكيف نعرقل الأفكار التي نقدمها؟». وردّاً على سؤال عن رفض إعطاء «تكتل لبنان القوي» الثلث المعطّل، أجاب باسيل أنّ «حزب الله عبّر عن رأيه مباشرة على لسان السيد نصر الله، وكرّر الأمر أكثر من مسؤول، والصيغ التي يوافق عليها الحزب تؤكّد أن لا مشكلة لديه حول هذا الموضوع». تكرار باسيل بأنّ حزب الله لا يقف عثرةً بوجه حصول «لبنان القوي» على الثلث المعطّل، مردّه بحسب مصادر معنية بتأليف الحكومة، إلى أنّ «الحزب يدعم اقتراح باسيل تشكيل حكومة من 32 وزيراً». وحالياً، يُحاول وزير الخارجية «الضغط على الحريري، ليقبل بصيغة الـ 32». وفي السياق نفسه، قال عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق إنّ صيغة الـ 32 وزيراً تضمن أن لا يتنازل أحد عن حصّته، «وتضمن تمثيل اللقاء التشاوري. ولكنّ الصيغة تعرقلت بسبب رفض الحريري لها لأنّه لا يريد أن يعترف بهم». وأوضح أنّ المشكلة ليست عند التيار الوطني الحرّ، بل «عند الرئيس المُكلّف الذي يرفض أن يعترف بتمثيل اللقاء التشاوري. الانتخابات النيابية الأخيرة غيّرت المعادلات السياسية، وجعلت من النواب الستة المستقلين حقيقة واقعية، وهناك من يتنكر لحقّهم، ولا يريد أن يعترف بتمثيلهم ودورهم في المعادلة السياسية اللبنانية».
ولكن، من وجهة نظر الوزير نهاد المشنوق، العرقلة في مكانٍ آخر. «يوجد صراعٌ خفي، جدّي جدّاً وعميق، حول المسألة الرئاسية، وهذا ما فتح الباب وأخرج العفاريت السياسية دفعة واحدة. أعتقد أنّ فتح الملف الرئاسي هو الذي يعطل بشكل أو بآخر، ومن أكثر من فريق».