Site icon IMLebanon

القصة الكاملة لقرار ترامب “الانسحاب من سوريا”! (رولان خاطر)

تحقيق رولان خاطر

شكل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سوريا مفاجأة في الشرق الأوسط ككل. وحديثه عن أنّ الانسحاب سيتم ببطء، لا يعني أنه تراجع، إنّما كان بناء لنصائح عسكرية أسديت إليه بضرورة الانسحاب بشكل تدريجي، خصوصاً ان التوقيت بحسب ما أوضحت مصادر أميركية لـIMLebanon، يخضع لحسابات تكتيكية. أما توقيت قرار ترامب، فجاء داخلياً والأميركيون على مسافة عامين من انتخابات أميركية يريد أن يؤكد فيها ترامب أنه وفى بكل ما وعد به خلال حملته الانتخابية الرئاسية.

اذا، كيف يقرأ العقل الأميركي واللبناني قرار ترامب؟

استراتيجية أميركا في سوريا واتخاذ القرار!

مدير التحالف الاميركي – الشرق اوسطي للديموقراطية طوم حرب يشرح لـIMLebanon خلفيات قرار الرئيس ترامب، فيقول: “أولا، من يتابع تصاريح ترامب منذ حملته الانتخابية حتى اليوم لم يكن ليفاجأ بقراره، فهو كان دائما يردد “أننا لسنا شرطي العالم”.

ويوضح أن استراتيجية الرئيس ترامب في سوريا، كانت منذ وصوله الى الرئاسة، دحر تنظيم “داعش” وتشكيل “ناتو عربي” لحل الأزمة في سوريا. فحاول حضّ الدول العربية على تشكيل جيش عربي لهدفين: جلب الامن، وقطع طريق الامدادات بين العراق وسوريا لمنع الايرانيين من الدخول الى سوريا. فلم يوفق، بسبب فشل الدول العربية، فيما كان الايرانيون والروس والاتراك في عمق الأزمة السورية ويقومون ويحضرون لمؤتمرات عدة ومنها مؤتمر آستانة.

ويضيف: “عندما لمس الأميركيون أن العرب غير منتظمين، وغير جادين، ارتأت إدارة ترامب سحب قواتها من سوريا، خصوصاً أن هناك نحو 2000 مقاتل أميركي في سوريا، لا يقومون بمهام هجومية، وما يمكن أن تقوم به القوات الأميركية عسكرياً تستطيع ان تقوم به من الجو”.

في المقابل، هناك تماه بين العقل الأميركي والتحليل اللبناني في السبب الذي أتى بالأميركيين الى سوريا وهو ضرب “داعش”، وافقاده امكان العمل على أراضي الولايات المتحدة، ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي الجنرال خليل الحلو لـIMLebanon: “إن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب “الانسحاب من سوريا”، يرتبط باستراتيجية الخروج الأميركي من الشرق الأوسط، الذي بدأ مع الرئيس الأسبق جورج بوش منذ الـ2011. فالاستراتيجية الكبرى هي لمواجهة الصين في بداية هذا القرن. وكانت الخطة تقضي بالانسحاب التدريجي من الشرق الاوسط لكن الأحداث في المنطقة وتصرفات ايران ابتعلت الولايات المتحدة. ناهيك عن أن عامل النفط لم يعد يشكل مصدرا هاماً لواشنطن بعدما اصبحت مصادره متعددة وخصوصا في الدول الأوروبية، كما ان أميركا ستصبح بلدا مصدِّرا للنفط بعدما اصبحت اليوم المصدّر الثالث للغاز السائل.

الرهان على تركيا… والأكراد!

قضية رهان ترامب على انقرة في محاربة داعش في غير محلها، بحسب الحلو، فأولويات تركيا هي الاكراد، الذين يشكلون بالنسبة للرئيس التركي خطرا على الامن القومي التركي.

أما قرار ترامب فقد أخاف حلفاء واشنطن، بمن فيهم الأكراد، لذلك، فإن ترامب يحاول التوفيق بين استراتيجيته ومبدأ حماية الحلفاء في الشرق الأوسط، وفق الحلو، الذي أشار إلى أن ترامب أصغى لنصيحة ليندسي غراهام وجون بولتون بتنفيذ الانسحاب من سوريا بطريقة تدريجية، وبالتالي بات العمل الآن على كيفية تأمين الحماية للحلفاء وخصوصا الأكراد وعدم تركهم “فريسة” للأتراك، وفي الوقت نفسه الحفاظ على التقارب المستجد مع تركيا التي تشكل عنصرا أساسياً للتوازن مع ايران وتحديدا في سوريا.

من جهته، يقول مدير التحالف الاميركي – الشرق اوسطي للديموقراطية، المقرّب من ترامب، إنه تجري عملية تفاهم للحفاظ على الكيان الكردي، وزيارة مستشار الأمن القومي الاميركي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بومبيو الى اسرائيل وتركيا والشرق الأوسط تصب في إطار كيفية المحافظة وضمان امن الأكراد”.

الأميركيون باقون في الشرق الاوسط!

وامام البروباغندا الكبيرة التي تقوم بها دول “محور الممانعة”، في محاولة لاستغلال مسألة انسحاب الأميركيين من سوريا، يؤكد حرب أن لا تغيير في الاستراتيجية الاميركية تجاه الشرق الاوسط او ايران. فالبوصلة مركزة على نقطتين: العقوبات على ايران، والسلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

ويضيف: “لا انسحاب من الشرق الاوسط ككل. بل بالعكس نحن باقون لفترة غير محددة. إنما هناك منهجية جديدة قوامها ان الانظمة العربية يجب ان تتحمّل المسؤولية، والحل يكمن بتشكيل جيوش عربية و”ناتو عربي”.

هذا الانسحاب، فيما لو تم، اعتبره مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشرق آسيا كريستوفر هيل، في مقال على موقع “شانيل نيوز آسيا”، يصب في مصلحة الرئيس السوري بشار الأسد، لكن المفارقة بحسب حرب، أن الأسد أصبح “انسانا مجروحا” وبالتالي، لم يعد باستطاعته أن يقوم بما كان يقوم به قبلا، لذا عليه أن يتنبه لكل تحركاته، علما ان هناك توقعات باستمرار المعارك المحلية في سوريا. أما في ما خص صمود الاسد وبقاؤه في الحكم، فهو مرهون بإرادة روسيا كما يقول حرب.

أين لبنان من هذه التغيرات؟

يقول حرب: “إن الأميركيين لم يأتوا الى سوريا ليغيروا النظام. ويتركز نصب أعينهم اليوم على ايران. أما لبنان، فحاله حال انسحاب أو بقاء القوات الاميركية في سوريا، لأن هذا الأمر لن يؤثر عليه، فمحور الممانعة يلعب دوره جيداً، وبغياب أيّ تحالف سياسي معارض يقف بوجه “حزب الله”، واشنطن لا تتحمّل المسؤولية بل اللبنانيون أنفسهم يتحمّلون”.