كتب عمر حبنجر في “الأنباء” الكويتية:
لا ضوء اخضر لتشكيل الحكومة ولا حتى اصفر، كما يقول وليد جنبلاط، ولا مفاجآت حكومية قبل القمة الاقتصادية العربية دون المشاركة السوريا في هذه القمة، كما يشير تلفزيون لبنان الرسمي، ويؤكد حزب الله والحلفاء الاقربون، وبالنتيجة لا احد شديد الاهتمام بتشكيل الحكومة بقدر الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، لكن لا احد مستعدا لتقديم تنازلات تساعد على ولادة الحكومة بفك حبل سُرة الشوط الخانقة من حول عنقها الغض.
التيار الوطني الحر يرى ان تشكيل الحكومة ضرورة وطنية اشتدت ضرورتها مع اقتراب موعد القمة العربية الاقتصادية التي تطرح على لبنان فرصة جعل لبنان شريكا بإعادة اعمار ونهوض سوريا على ان يكون مبادرا من خلال هذه القمة الى لمّ شمل العائلة العربية، كما تقول قناة «او.تي.في» الناطقة بلسان التيار.
ومعنى لمّ الشمل ان يبادر لبنان الى توفير ظروف الحضور السوري في القمة استنادا الى الانفتاحات العربية المشجعة، لكن هذا التوجه اصطدم ولايزال برفض رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، أي دعوة لسوريا، بمعزل عن الجامعة العربية صاحبة قرار تعليق عضوية سوريا فيها.
الى ذلك، تبقى العقبة الكأداء بوجه تجاوز قرار الجامعة العربية بشخص الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يرفض الدخول في أي مواجهة مع الجامعة العربية، ويفضل الالتزام بموقفها الرسمي من العلاقة مع سوريا رغم اشارة وزير الخارجية جبران باسيل الى احتفاظ لبنان بعلاقته الديبلوماسية مع سوريا وامتناعه عن التصويت لصالح تعليق عضويتها في الجامعة، وقد جرت محاولات عدة للضغط على الحريري ان عبر اختلاق العقد بوجه تشكيل حكومته كاختراع الكتل النيابية المطالبة بالتوزير الى الحملات الاعلامية الى حثه على الاعتذار بداعي العجز عن التأليف، وصولا الى استحضار دستوريين من فرنسا (أم الدساتير اللبنانية) لكنهم لم يوفقوا الى الطعن بدستورية تكليفه غير المحدد بزمن، ولا في جعله حتى الخروج عن الصمت الذي التزم به في السياسة مؤخرا، واستمرت العرقلة، بالتحركات الحزبية المطلبية، فيما استمر هو على صمته متسلحا بالتناغم مع الرئيس عون، وبقدرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على توفير حاجات الدولة للمال خلال هذه السنة، وعلى المختلفين ان يعودوا اليه متفقين.
في المقابل، ثمة من يرد عرقلة تشكيل الحكومة الى سعي الوزير باسيل للحصول على الثلث المعطل فيها ليضمن الامساك بالزمام اذا ما طرأ طارئ، لغاية تتصل بالملف الرئاسي، كما قال وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال نهاد المشنوق خلال زيارة معايدة للبطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي صباح الجمعة الماضي، وقد رد عليه الوزير باسيل من بكركي عصرا بالقول: هناك تناقض سياسي أبعد من تأليف الحكومة غير المرتبط بالاستحقاق الرئاسي.
البطريرك الراعي لاحظ ان الوزير باسيل يحب المشي في العاصفة كون الطقس كان عاصفا لدى انتقاله الى بكركي، فرد عليه باسيل بالقول «المشكلة يا سيدنا اننا في بلد يعيش دائما بالعواصف».
والراهن ان عواصف باسيل تحور وتدور وتعود الى الثلث المعطل في الحكومة، وهو ما يتربص به كل من نبيه بري وسعد الحريري ود.سمير جعجع ووليد جنبلاط وحتى حزب الله، الذي يُحيّد نفسه عن هذا المحور، فالحزب مع توزير من يمثل اللقاء التشاوري السُني الحليف له لاختراق ما يعتبره احادية سعد الحريري السُنية، وليس لتوفير الثلث الوزاري المعطل لتكتل لبنان القوي ورئيسه جبران باسيل، علما ان الاخير يلتقي مع الحزب عند مقترح توسيع الحكومة الى 32 وزيرا من اجل تكريس عُرف جديد بتوزير ممثلين للاقليات، علوي وسرياني، ما يحمل مخاطر العبث بالتوازنات داخل الحكومة، يرفضه الرئيس المكلف.
يبقى ان الاضراب العام الذي دعا اليه «حزب 7» بدعم من الاتحاد العمالي العام تسريعا لتشكيل الحكومة، لم يحقق غرضه، لاقتناع اللبنانيين بأن تعثر الحكومة لا يعالج بملازمة الناس منازلهم، كما تضمنت الدعوة للاضراب.
من جانبه، أيد نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي مقترحا بأن يتم تشكيل الحكومة الجديدة وفقا لصيغة تقوم على 32 وزيرا، معتبرا أنها تمثل الحل الأمثل لإنهاء أزمة عدم تشكيل الحكومة في لبنان منذ قرابة 8 أشهر حتى الآن، وأن من شأن اعتماد هذا الاقتراح إنهاء عقدة تمثيل جميع الأقليات.
وأكد الفرزلي، في حديث لاذاعة «صوت لبنان» امس، ضرورة تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن، مبديا في ذات الوقت تفاؤله حيال هذا الملف، قائلا «الأجواء السلبية التي تبث بأن البلد يعيش عظائم الأمور، غير واقعية، وعلينا النظر الى الأجواء الإقليمية التي تنذر بإيجابية قادمة».
واعتبر نائب رئيس مجلس النواب أنه يجب أن يتم العمل على إيجاد «توليفة» في أزمة التمثيل الوزاري لكتلة اللقاء التشاوري (النواب الستة السنة حلفاء حزب الله) يتم بمقتضاها التوفيق بين الحصة الوزارية لرئيس الجمهورية من جهة، وتمثيل الخط السياسي لكتلة اللقاء من جهة أخرى.
وردا على سؤال حول انعكاس الأزمة الحكومية على الوضع الاقتصادي الراهن للبلاد، قال الفرزلي ان هذه الأزمة المالية والاقتصادية كانت موجودة قبل 7 أشهر ولا علاقة للأزمة الحكومية بها.