أوضحت أوساط سياسية في حديث لصحيفة “الحياة” انها تتوقع بقاء البلد بلا حكومة إلى أجل غير مسمى، خصوصا بعدما نقل نواب عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري قوله إن “تشكيل الحكومة كان في خبر كان، وأصبح اليوم فعلا ماضيا ناقصا، وإن الاقتراحات التي جرى تداولها أخيرا لم يكن لها نصيب من النجاح”.
ولاحظت مصادر مواكبة لجهود إيجاد مخارج للعقد من أمام إنجاز حكومة الرئيس سعد الحريري ل”الحياة” أن دعوة بري إلى تأجيل القمة الاقتصادية، بحجة غياب عدم وجود حكومة، جاءت مناقضة كليا لموقف الرئيس ميشال عون الذي كان أكد أول من أمس أن القمة ستنعقد في موعدها “وحكومة تصريف الأعمال تمارس صلاحياتها وفقاً للأصول وليست سبباً للتأجيل”.
وفي وقت اكتفت مصادر مطلعة على موقف الرئيس بالقول إن دوائر الرئاسة لن تعلق على اقتراح بري تأجيل القمة وأن رئيس الجمهورية قال ملاحظاته في هذا الشأن، فأن المصادر المواكبة لمساعي حل عقدة تمثيل السنة الحلفاء لسورية و”حزب الله” لفتت “الحياة” إلى أن كلا من عون وبري سلّما بأن لا حكومة قريباً، ولو أن كلا منهما أبقى على الباب مفتوحا للجهود الهادفة إلى “التوافق” على إنجاز التركيبة الحكومية، كما جاء في خطاب عون أمام السلك الديبلوماسي أمس. كما أن أوساط مطلعة على موقف الرئاسة أوضحت أن أحدا لم يفاتحه باقتراح تفعيل حكومة تصريف الأعمال من أجل إقرار الموازنة.
ورجحت هذه المصادر أن يكون بري اتخذ هذا الموقف معطوفا على ما قاله قبل يومين، بأن على لبنان ألا يحضر أي اجتماع لا تكون سورية مدعوة إليه”.
لكن المصادر المتريثة في مسألة دعوة سورية إلى القمة الاقتصادية في بيروت، فضلا عن حجتها بأن هذا أمر تقرره الجامعة العربية وليس السلطات اللبنانية، ترى أن اقتراح بري تأجيل قمة بيروت الاقتصادية “يعود إلى أن هناك جهداً من أجل إعادة سورية إلى الجامعة العربية لكن معظم القادة العرب لن يبتوا بهذا الأمر إلا على أبواب انعقاد القمة العربية العادية في آذار (مارس) المقبل في تونس، والتي بدأت الرئاسة التونسية توجيه الدعوات إليها، وهذا يفترض أن هناك ترتيبات ومفاوضات في هذا الشأن من الطبيعي أن تحصل حول المفاعيل السياسية لتلك العودة قبل حصولها وبعدها، تتعلق بالوضع السوري من جهة وبالوضع الإقليمي من جهة ثانية في ضوء تموضع القوى الدولية”.
وتضيف هذه المصادر: “في الأسابيع والأشهر المقبلة يبدو أن هناك ضغوطا متبادلة واتصالات حول مسألة العودة بين دمشق وبين الدول العربية الرئيسة المعنية، ويبدو أن مسألة تأليف الحكومة اللبنانية أحد وسائلها بحيث لا تتألف إلا في ضوء ما ستسفر عنه هذه الاتصالات والمناورات. وفي الانتظار يبقى الإفراج عنها في يد حلفاء دمشق”.
وتقول المصادر المواكبة لجهود إزالة العقد من أمام إنجاز الحكومة اللبنانية ل”الحياة” أن الحكومة اللبنانية ستكون محكومة بتطبيع العلاقة مع النظام السوري حين تنعقد القمة في ظل مشهد إقليمي جديد، وبالتالي يسعى حلفاء دمشق إلى ضمان ترجمة هذا التطبيع منذ الآن، عبر الحكومة الجديدة، وإلا تأجيل تشكيلها إلى موعد قمة تونس، ومن هنا تمديد بعض الأوساط الولادة القيصرية لحكومة الحريري إلى الربيع المقبل.
وتنتهي المصادر إلى القول إن مسألة تمثيل “اللقاء التشاوري” للنواب السنة الحلفاء لدمشق و”حزب الله” صارت هي الشماعة التي يعلق عليها موضوع التطبيع مع النظام السوري الذي يرهن قيام الحكومة.
وفي كل الأحوال لا توحي الأوساط المتابعة بحلول في الأفق. وفي الوقت الذي يقول رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل لمن يراجعوه بأنه ينتظر أجوبة الرئيس الحريري على اقتراحاته، فإن بعض هؤلاء نقلوا ل”الحياة” عنه قوله أنه على اقتراحه برفع عدد الوزراء من 30 إلى 32 وزير لإتاحة المجال من أجل توزير من يمثل النواب السنة الستة، وإلا فإنه متمسك بأن يكون الوزير السني الذي سيختاره الرئيس عون لتمثيل “اللقاء التشاوري” من حصة رئيس الجمهورية، في تكتل الأخير الوزاري، وليس في “اللقاء”، لأنه ليس بوارد القبول بأن تتخلى الرئاسة عن وزير من حصتها. ويعتبر باسيل حسب قول سياسيين التقوه في اليومين الماضيين، أن من حق “التشاوري” في المقابل أن يصر على تموضع الوزير الذي يتم اختياره إلى جانبه، لذلك طرح (باسيل ) اقتراحا بديلاً على الحريري هو أن يسمي هو الوزير السني من حصته لأنه المسؤول عن التمثيل السني في الحكومة، مع ما يعنيه ذلك من تخلٍ عن المبادلة بينه وبين الرئيس عون فيحصل الأخير على وزير سني، وهو على وزير مسيحي. إلا أن الحريري يرفض حصر تمثيله بالسنة، حسب قول مصادر مطلعة على موقفه ل”الحياة”، أكدت كما باسيل أنه أبلغ الأخير بهذا الجواب. وتضيف هذه المصادر: “الحريري يعتقد أن رئيسي الجمهورية والحكومة يجب أن يكون لديهما تمثيل خارج طائفتيهما في الحكومة. وعلى مر الزمن جرى تطبيق هذا المبدأ ولن يقبل بخرقه الآن وتكريس مبدأ مخالف”. وترى أن كافة الاقتراحات التي يطرحها باسيل تهدف إلى احتفاظ فريقه بالثلث المعطل الذي يرفضه بري وحتى “حزب الله” ضمنا على رغم عدم ممانعة الأخير علناً.
واعتبرت صحيفة “المستقبل” ان كل المؤشرات الراهنة تشي بأنّ ملف تأليف الحكومة بات مؤجلاً إلى وقت قد يطول إلى ما بعد قمة بيروت العربية، في حين يرى البعض في خلفيات إثارة مسألة مشاركة سوريا في هذه القمة ربطاً للملف الحكومي بمشاركة رئيس النظام السوري بشار الأسد فيها، وصولاً إلى وضع بند سوريا تالياً على جدول تشكيل الحكومة اللبنانية.