في مسار انحداري سريع تسير أوضاع البلاد على المستويات كافة. في السياسة، أزمات متراكمة ليس أقلها العجز عن تشكيل حكومة منذ أكثر من ثمانية أشهر وانعكاساته الكارثية على تنوعها.
في الاقتصاد انهيار شبه كامل لهيكل المؤسسات وتصنيفات مخيفة للبنان من الشركات العالمية. في الاجتماع، صراخ وأنين يقود جزءا واسعا من اللبنانيين إلى رفع الصوت في الشارع وسط عقم تام في المعالجات.
أما الأمن، فيكاد يكون الوحيد المتماسك حتى اللحظة يواجه تداعيات الخلافات السياسية بأثقالها المرهقة عليه. بيد أن استمرار الوضع على حاله من الاهتراء، لا بد إلا أن ينعكس على الاستقرار خصوصا إذا ما انفجر الاحتقان السياسي والاجتماعي شعبيا في الشارع.
في السياق، لا تخفي أوساط دبلوماسية غربية “قلقها إزاء احتمال تعرض الاستقرار الأمني لخضات، ولو موضعية، إذ إن الخلايا الإرهابية النائمة قد تُحرك في أي لحظة مستفيدة من المناخ السياسي المتشنج والاحتقان الاجتماعي لبث سمومها ومحاولة اللعب بالورقة الأمنية لمصالح خبيثة تتصل بالتحولات الكبرى الجاري نسج خيوطها بمغازل دولية تمهيدا للتسوية الشاملة”.
وتكشف الأوساط في هذا المجال عن “نصائح وجهتها دول غربية إلى الراغبين في السفر إلى لبنان بوجوب اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر”، مستندة إلى “معلومات حصلت عليها من جهات استخباراتية عن إمكان تحرك خلايا نائمة لتنظيمات إرهابية تتخذ من المخيمات الفلسطينية وبعض المناطق ذات الحساسية الأمنية ملجأ لها”.
وأشارت في معرض تعزيز معطياتها إلى “توقيف المديرية العامة للأمن العام ثلاثة أعضاء في خلية إرهابية في منطقة عرسال بايعوا تنظيم “داعش” أنشأوا مجموعات مؤيدة للتنظيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد أشخاص بهدف تشكيل خلية أمنية تعمل داخل الأراضي اللبنانية، وعملوا على نشر تسجيلات مصورة حول كيفية إعداد المتفجرات وصناعة السموم القاتلة من مواد متوفرة وأجروا أكثر من تجربة لتصنيع المتفجرات بهدف اغتيال شخص من بلدة عرسال وتنفيذ عمليات ضد مراكز ودوريات الجيش اللبناني في البلدة المذكورة”.
وتقول الأوساط أن “العين الأمنية الساهرة التي تمكنت من كشف الخلية وأوقفت بعض أعضائها فيما تواصل العمل على توقيف باقي الإرهابيين ولئن كانت في أعلى درجات الجهوزية لمنع هؤلاء من العبث بالأمن والنفاذ من بوابة العجز السياسي إلى ساحة ضرب الاستقرار، تحتاج إلى دعم وحصانة من السلطة السياسية المشغولة بأزماتها وعلاتها اللامتناهية، إلى درجة عدم التنبه لمخططات استهداف الاستقرار باعتباره خطا أحمر دوليا، غافلين عن أن الساحة اللبنانية هي “الإكثر إغراء” في مجال استخدامها صندوق بريد في لحظة التسويات السياسية الإقليمية لتحصين بعض المواقع وتحصيل الحد الأقصى من المكاسب في إطار شد الحبال، من هنا أهمية التنبه إلى استخدام أكثر أوراقها دقة، الاستقرار الامني.
في المقابل، تؤكد أوساط امنية لبنانية لـ”المركزية” أنها “تملك معطيات في هذا الشأن تتعاطى معها ببالغ الجدية والدقة وما توقيف خلية عرسال إلا الدليل إلى نوعية التعامل معها، غير أنها تحرص على عدم إشاعة مناخات قلق وخوف لدى اللبنانيين بالكشف عنها”، مذكرة بأن “جهازا أمنيا واحدا تمكن خلال عام من رصد وإحباط ما يفوق ثلاثة آلاف عملية أمنية كان يعدها إرهابيون، لم يتم كشف النقاب عنها لكنها وضعت في عهدة المسؤولين السياسيين للاطلاع والاتعاظ”.
وتطمئن إلى أن “الأمن ممسوك بإحكام برعاية الأجهزة وسهر قادتها”، لافتة إلى “عدم تسجيل حوادث أمنية خلال فترة الأعياد وقبلها على مدى أكثر من عام، فالوضع تحت السيطرة ولا يمكن لأحد تعريض الاستقرار للاهتزاز “فنحن له بالمرصاد”.
وأشارت إلى أن “الأجهزة الأمنية اللبنانية لا تنفك تتلقى تهاني من البعثات الدبلوماسية في لبنان التي تشيد بدور الجيش والقوى الأمنية في ضبط الأمن ومراقبة الحدود واتمام المهام المنوطة بها على أكمل وجه”.