تحقيق رولان خاطر
تحوّلت مياه الأمطار “من نعمة الى نقمة”. عبارة ترددت بعد النتائج الكارثية التي كشفت عنها العاصفة “نورما”. واذا كان مبررا مثلا غرق المعتدين على الأملاك النهرية بالمياه، فكيف يبرر غرق اللبنانيين على الأتوسترادات، وفي الطرقات الداخلية. ومن المسؤول؟
من الشمال الى الجنوب مرورا بالعاصمة بيروت والساحل في المتن رأينا فضائح، من منطقة شكا والمحيط الى فضيحة ضبيه، الى شوارع أنطلياس التي غطتها المياه “الوحلة”، الى جسر الكولا في بيروت، الى صيدا وصور، انهيارات، تشققات، كشفت عن التزامات غب الطلب، أموال فساد ومفسدين. “نورما” أسقطت هيبة الدولة.
هذه المشهدية السوداوية هي مفتعلة ومن صلب عمل الانسان، الذي اعتدى ولا يزال على الطبيعة فتسبب بهذه الكوارث، كما يقول رئيس بلدية عين الدلب داني جبور لـIMLebanon. ففي السابق، كانت العواصف والأمطار تصل لبنان وتبقى أحيانا 40 يوماً من دون أن يتأذى أحد، لكن اليوم بفعل الكسارات، وتزفيت مجاري الأنهر، ورمي الردميات فيها، والتعدي على الأملاك، وعدم المتابعة من قبل المؤسسات المحلية وغيرها لتنظيف المجاري والأقنية ووضع سياسة حمائية للبلدة وخطط بنى تحتية للطرقات والأوتوسترادات، كلها عوامل تؤدي بنا اليوم إلى حصد ما زرعناه، كما يقول جبور.
فعين الدلب، التي يرأس جبور بلديتها، والتي تقع في قضاء صيدا، تحيطها 4 قرى، أعلى منها جغرافياً، هي المية وميّة والقريّة، وحارة صيدا، ومياه مجدليون تمر وسط أراضيها، وهي الأقل ارتفاعاً عن سطح البحر بين تلك القرى، اذا تعلو نحو 150 م فقط. ويسكنها نحو 2400 نسمة، وتضم 500 وحدة سكنية في البلدة.
هذه البلدة كانت عيون بلديتها “سهرانة” على ما يمكن أن يصيبها، فاتخذت إجراءات احترازية. لا مشاكل بشبكة المياه والاقنية الموجودة على جوانب الطرقات. واول عمل قامت به البلدية تنظيف كل مجاري المياه (السواقي والأنهر).
يقول جبور لـIMLebanon: “إنه منذ تسلّم رئاسة البلدية، بدأ العمل على الأمور الأساسية التي تهم المواطن، فقمنا ببناء البنى التحتية، والأقنية وشبكات الصرف الصحي، على الرغم من ان اوتوستراد صيدا – جبيع يمرّ في بلدتنا، الذي بدأ بناؤه في العام 2016. “نهر البرغوت” الذي يمر اليوم في البلدة، نقوم بتنظيفه بشكل متواصل، لا نرمي به الردميات او النفايات بل نحافظ على نظافته ونظافة كل الأقنية، وخصوصا تلك الموجودة على جوانب الطرقات، ونتيجة المتابعة الحسية والعمل الجدي، وصلنا اليوم الى “صفر” مشكلة”. ورغم كل الكوارث التي اصابت المواطنين في العديد من البلدات وحتى على الأوتوسترادات، بقيت “عين الدلب” محمية بجهود أبنائها ووقوفهم قلبا واحدا ورؤية واحدة مع رئيس بلديتهم لحماية الضيعة وحماية مصالح أولادها”.
من هنا، يبعث جبور برسالة عبر IMLebanon إلى المواطن الانسان، الذي عبث بالطبيعة فخربّها، إلى التحلي بروح المسؤولية والوعي والحكمة، لأن العبث بالطبيعة سينعكس دماراً على الانسان نفسه أولا، لذلك المسؤولية تبدأ من وعي الانسان وإدراكه لمخاطر تصرفاته. كما دعا من يريدون الترشح الى البلديات الى عدم الوصول عبر تسويات لأنها تضعف إمكاناتهم في العمل الجدي وتحقيق مشاريعهم، من هنا، ضرورة وجود فريق عمل متجانس يقوم بتحقيق مشاريعه لكي ينجح.
فبعد الفضائح اذا التي هلكت اللبنانيين على الطرقات وتجعلنا دولة فاشلة أمام الرأي العام العالمي، تتطلب المسألة برمتها فقط وعياً مسبقاً، والتفكير المسبق، والتخطيط والتنفيذ لتفادي اي مشاكل، وهي أقل الواجبات على المسؤولين، خصوصاً أنه عبر هذه الواجبات يحصد مسؤولو السلطة ثقة المواطن المفقودة. فاذا كانت بلدية رغم صغر حجمها وإمكاناتها تستطيع أن تحمي قاطنيها من أي كوارث يمكن ان تنتج عن الطبيعة، فبالتأكيد، ان سلطة بحجم دولة تستطيع إذا “أرادت” أن تحمي مواطنيها فتحافظ بالقليل على هيبة تسقط بفعل عوامل وكوارث أخرى غير طبيعية.