كتب كاتيا توا في صحيفة “المستقبل”:
للورود لغة خاصة، ولألوانها معاني مختلفة، يتبادلها العشاق وتستعمل في المناسبات، ويقدمها الأطفال لأمهاتهم، وحدهما الشقيقان عبد القادر(11 عاماً) وعبدالله (10 أعوام)، يبيعان «الحب» والحلم ليشتريان «موتهما» على الطرقات وسط ضجيج وصخب الساهرين في الملاهي الليلية، حيث يعملان بـ«دوام مسائي» يمتد حتى ساعة متأخرة من الليل، معرضّين نفسيهما لمخاطر جمّة.
طفلان بعمر الورود، همّهما الوحيد الذي كانا يحملانه في سلّة الورود، أن يعودا إلى منزلهما وقد باعا، مع انتهاء دوام عملهما قرابة الثالثة فجراً، «كل الورود» ليأتي والدهما ويتسلّم منهما «الغلّة» بعدما وضعهما«تحت المراقبة» أثناء«عملهما» لمنعهما من التصرف بالأموال التي قد يجنيانها من بيع الورود، ولعدم التقاعس في عملهما المنهك.
قصة هذين الطفلين، اللذين سلّما إلى مؤسسة اجتماعية لرعايتهما، عرضتها محكمة الجنايات في بيروت التي أصدرت برئاسة القاضي طارق البيطار وعضوية المستشارتين القاضيتين ميراي ملاك وفاطمة ماجد، حكماً دانت بموجبه والد الطفلين السوري مصطفى ش. فأنزلت عقوبة السجن 15 عاماً أشغالاً شاقة بحقه، وخفّضتها إلى السجن ثلاث سنوات مع تغريمه مليون ليرة لبنانية، وإخراجه من البلاد فور تنفيذه العقوبة.
واعتبرت المحكمة في حيثيات حكمها، أن المتهم أقدم على استغلال ضعف ولديه القاصرين وسلطة الأبوة التي يمارسها عليهما، فأحضرهما من سوريا وراح يطلب منهما التسول في الشوارع العامة تحت ستار بيع الورود، حيث كان يحضرهما عند الساعة السادسة من مساء كل يوم ويبقيهما في الشارع لساعة متأخرة على الرغم من صغر سنهما غير آبه بالمخاطر التي قد يتعرضان لها، ولا حتى الظروف المناخية التي قد يعانيان من قسوتها، وذلك بغية بيع الورود للمارة ولا سيما من الذين يرتادون المطاعم والحانات والملاهي الليلية، وتكليف قاصر (محكوم سابقاً) بمراقبتهما لكي لا يتقاعسان في ما كلفهما به، أو يعمدان إلى التصرف بالأموال التي قد يجنيانها من وراء بيعهما الورود، تلك الأموال التي يحضر المتهم عند الساعة الثالثة فجراً ويأخذها من طفليه المنهكين، فيكون بذلك قد حملهما على العمل في مجال التسول تحت ستار بيع الورود.
وكانت دورية لمكتب معلومات بيروت قد أوقفت الطفلين أثناء قيامهما بالتسول تحت ستار بيع الورود، وذلك في محلة مار مخايل – كورنيش النهر، كما أوقفت قاصراً كان يقف على مقربة من الطفلين ويشرف عليهما.
وبالتحقيق مع القاصر أفاد أن المتهم كلفه مراقبة ولديه وكان يعطيه مقابل ذلك مبلغ 20 ألف ليرة، فيما اعترف المتهم بأنه كان يُرسل طفليه إلى محلة الجميزة لبيع الورود بسبب الضائقة المادية التي يعاني منها، إنما نفى تكليفه القاصر بمراقبتهما. ولدى إجراء مقابلة بين المتهم والقاصر أصرّ كل منهما على أقواله، ثم عاد القاصر وتراجع عن اعترافه وادعى بأن معرفته بالمتهم هي سطحية.ئ