Site icon IMLebanon

ديفيد هيل في بيروت الاحد: ما له وما عليه؟

كتب جورج شاهين في “الجمهورية”:

ينتظر لبنان الرسمي زيارة وكيل وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل الى بيروت الاحد بفارغ الصبر، لمعرفة التوجّهات الأميركية الجديدة في المنطقة، تجاه تطورات الوضع على الحدود، والاستمرار في خرق الخط الأزرق عبر بناء الساتر الإسمنتي، ومصير الأنفاق التي أثارتها إسرائيل وطوتها في توقيت ملتبس، وصولاً الى محاولة تغيير قواعد سلوك قوات «اليونيفيل». وعليه ما هو المُتوقّع؟

قبل ان يتبلّغ لبنان موعد زيارة ثالث أكبر المسؤولين الأميركيين في الخارجية الأميركية ديفيد هيل الى بيروت، كان البعض يتساءل عن الأسباب التي دفعت وزير الخارجية مايك بومبيو الى تجاهل لبنان في جولته على دول المنطقة. فهو كشف عندما اعلن عن جدول اعماله الخاص بهذه الجولة، ان هناك بندين يتناولان الوضع في لبنان من البوابتين السورية والإيرانية من جهة ومن البوابة الإسرائيلية من جهة أخرى. وهو ما تأكّد من خلال تصريحاته في القاهرة، التي تناولت الوضع اللبناني تحت هذين العنوانين بنحو مفصّل وواضح، بالإضافة الى التوجّه الجديد لجهة سحب القوات الأميركية ومعها قوى الحلف الدولي ضد الإرهاب بنحو منّسق من سوريا في اتجاه العراق وقواعد اميركية أخرى في المنطقة.

وعشية زيارة هيل، توقفت مراجع سياسية وديبلوماسية لبنانية في مقاربتها ما يمكن ان تقود اليه هذه الزيارة، في ضوء قراءة المواقف التي أعلنها بومبيو في القاهرة، وتناولت في معظم عناوينها الوضع في لبنان كما تراه الولايات المتحدة الأميركية. فهو عبّر عن «عدم قبول بلاده بالوضع الحالي الذي يمرّ به لبنان بسبب وجود «حزب الله» المدعوم من إيران»، متهماً إيّاه بـ»اعتداءات» شكّلت خرقاً للقرار 1701، في إشارة واضحة الى تبني وجهة نظر تل ابيب في شأن الأنفاق في الجنوب اللبناني التي تعبر الخط الأزرق بين البلدين.

والى المخاوف التي اثارتها مواقف بومبيو لدى المسؤولين اللبنانيين وتزامنت مع الخروق الإسرائيلية في نقاط على الخط الازرق مُختلف عليها مع لبنان، فقد تابع هؤلاء المسؤولون باهتمام بالغ دعوته دول الشرق الاوسط الى تجاوز «الخصومات القديمة» لمواجهة ايران. كذلك عندما اعرب عن الأمل «في تأسيس تحالف يجمع دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن لمواجهة ايران». فضلاً عن اشارته الى الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي تهدف «بالديبلوماسية الى طرد آخر جندي إيراني من سوريا»، كذلك بالنسبة الى «التقليل من تهديد ترسانة «حزب الله» الصاروخية لإسرائيل»، ودعم جهودها «لمنع إيران من تحويل سوريا لبنان جديداً».

وعلى وقع كل هذه التطورات والمواقف الأميركية المتشددة، تعززت المخاوف اللبنانية من «الطحشة» الإسرائيلية في استكمال أعمال تركيب البلوكات الإسمنتية في محازاة الخط الأزرق والسياج التقني في مستوطنة مسكفعام مقابل بلدة العديسة، على رغم اعتراض لبنان على ذلك أمس الاول. وهو ما دفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى جمع المجلس الأعلى للدفاع للرد على هذه الخطوة والتوجّه بقرارات واضحة الى قوات «اليونيفيل» وعبرها الى مجلس الأمن الدولي، تزامناً مع اعلان الإستنفار في صفوف الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية لمراقبة سير العمل ومنع إسرائيل من أي خرق يمكن ان ترتكبه، وإبلاغ قيادة القوات الدولية بذلك.

في ظل هذه الأجواء يستعد لبنان الى استقبال المسؤول الأميركي، على انّه «بدل من ضائع» عن وزير خارجيته، بموقف موحّد رسمت خطوطه العريضة وسقوفه العالية مقررات المجلس الأعلى للدفاع امس الاول، والتي تمّ نشرها للمرة الأولى تعميماً للفائدة واختصاراً للوقت، ليأخذ اللبنانيون أولاً علماً بما تقرّر ومعهم الديبلوماسيون المعتمدون في لبنان.

ويختصر مرجع ديبلوماسي لبناني التوجّهات اللبنانية التي سيُبنى عليها النقاش مع المسؤول الأميركي وفريق عمله، وخصوصاً انّه هو من يعرف الملف اللبناني جيداً ومعظم المسؤولين اللبنانيين، خصوصاً وأنّه يرافقه في هذه الزيارة السفير ديفيد ساترفيلد، آخر المبعوثين الخاصين لوزارة الخارجية الى لبنان في شأن المفاوضات حول الخط الأزرق والحدود البحرية للمنطقة الإقتصادية، الامر الذي سيجعل الحوار سهلاً مع الوفد الأميركي، الذي عليه ان يتفهّم الموقف اللبناني بوضوح أكثر بعيداً عن أي التباس. فالمسؤولون اللبنانيون، وعلى الرغم من خلافاتهم حول التشكيلة الحكومية الجديدة وموضوع دعوة سوريا وليبيا الى القمّة الإقتصادية العربية، فإنّهم غير مختلفين في شأن الوضع الحدودي مع العدو الإسرائيلي، وهذا ما سيلاحظه الموفد الأميركي في محادثاته التي ستمتد ليومين وستشمل الى رئيس الجمهورية رئيسي مجلس النواب والحكومة ووزير الخارجية وقيادة الجيش اللبناني وربما قيادات لبنانية أخرى من مجموعة أصدقائه اللبنانيين الذين سيلتقي بهم في مقر السفارة الأميركية في عوكر.

ولذلك، سيشدّد لبنان في محادثاته مع هيل على مواقفه الثابتة من الأزمة السورية والدور الإيراني في المنطقة ولبنان، مؤكّداً اهمية وقف الإعتداءات الإسرائيلية التي تؤسّس لحرب في المنطقة لا يريدها أحد لا الأميركيون ولا حلفاؤهم. فلبنان واحد من دول الحلف الدولي ضد الإرهاب الذي تجمعه استراتيجية واحدة مع الولايات المتحدة الأميركية، ولا بدّ من ان تؤخذ هذه العناصر بكثير مما تستحقه من اهمية.

والى كل هذه العناصر، التي تشكّل جدول اعمال الزيارة، لدى اللبنانيين مجموعة من الأسئلة المتصلة بقرار الرئيس الأميركي بالإنسحاب من سوريا، وما يمكن ان يقود اليه إن لم يكن منسّقاً مع القوى الأخرى، وفي ملف النازحين السوريين وترددات الأزمة السورية على لبنان وحجم المساعدات التي يجب تقديمها للجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية التي تخوض مواجهة مع الإرهاب في الداخل وعلى الحدود بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الدولية والإقليمية.

وفي المعلومات، انّ الجانب اللبناني سيبحث مع الوفد الأميركي في مصير المفاوضات التي رعتها واشنطن عبر ساترفيلد في شأن المنطقة الإقتصادية البحرية الخالصة. إذ أنّ لدى بعض المسؤولين في حلقة ضيقة جداً معلومات تزرع الشكوك في احتمال تجميد واشنطن وساطتها حول هذه المنطقة من دون ان تتسلمها اي جهة دولية او اقليمية أخرى. وهو ما سيثير المخاوف من حرب جديدة إذا ما اصرّت اسرائيل على الإستمرار في سرقة الثروات اللبنانية من الغاز والنفط من الأحواض المشتركة مع فلسطين المحتلة، ومنع لبنان من استكمال خطواته المقرّرة لهذه السنة قبل بدء الشركات الدولية التي فازت بالتراخيص بالحفر للتثبت من وجود كميات تجارية من الثروات النفطية.