كتب عماد مرمل في صحيفة “الجمهورية”:
على وقع التصعيد الاسرائيلي ضد لبنان وسوريا وارتفاع منسوب الضغوط الاميركية على «حزب الله» وايران، ووسط استمرار الأزمة الحكومية واشتداد الخلاف بين حركة «امل» و»التيار الوطني الحر».. طافت على السطح قبل ايام شائعة مرض الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي يلتزم الصمت منذ فترة. ما هي حقيقة الامر، وكيف سيرد «حزب الله» على محاولة «الاغتيال المعنوي» لقائده؟
يميل «حزب الله» الى تجاهل هذا النوع من الشائعات التي يضعها في سياق محاولات متكررة ومتعددة الاشكال للتشويش عليه وعلى بيئته، انطلاقاً من ضآلة خيارات أعدائه الذين يسعون الى تعويض عجزهم عن مواجهته في الميدان العسكري، تارة عبر تشويه صورته وسمعته من خلال اتهامات تتعلق بسلوكياته وأخلاقياته وطوراً عبر ضخ شائعات قديمة – جديدة حول صحة أمينه العام.
وقد تولّى بعض الاعلام الاسرائيلي خلال الايام الماضية التصويب على نصرالله من الزاوية الصحيّة، مروجاً لمقولات تدّعي أنّ وضعه حرج وأنّه يخضع للعلاج السرّي. لكن «الحزب» الذي اصبح يحترف «الحرب النفسية» ويُمسك بزمام المبادرة فيها، يتجنّب الانزلاق الى ملعب المعادين له ويتفادى إستدراجه الى موقع رد الفعل.
وعلى هذه القاعدة، تصرّف «الحزب» مع البلبلة المفتعلة حول صحة نصرالله بعدم اكتراث، الى درجة أنّه لم يُصدر أي نفي أو توضيح، مفضّلاً عدم التعليق حتى لا يعطي الشائعة حجماً منتفخاً، علماً انّ بعض وسائل الاعلام طلبت من مسؤول العلاقات الاعلامية في «الحزب» محمد عفيف إستفسارات وإيضاحات حول حقيقة الامر، إلاّ انّه أكّد لها ان ليس هناك ما يستحق النشر، لأنّه لا يوجد أصل أو أساس لمقولة مرض نصرالله، ناصحاً إيّاها بتفادي الوقوع في فخ الشائعة.
وإذا كان البعض قد بادر الى توزيع تسجيل صوتي لنصرالله عبر الـ»واتسآب» يؤكّد فيه أنه بخير وانّ الشائعات المتعلقة بصحته تندرج في إطار الحرب النفسية، إلاّ انّه سرعان ما تبيّن انّ التسجيل قديم، وإن يكن محتواه يصلح للرد على الاقاويل الجديدة. ومما ورد فيه على لسان نصرالله: «ساعة بموتوا للواحد، ساعة بيعملولوا جلطة قلبية أو جلطة دماغية او سرطان، انا أود ان أؤكّد، على الجميع الّا يصغوا لهذه الامور التي ليس لها اي أساس من الصحة وهي جزء من حرب الشائعات والحرب النفسية ومحاولة الازعاج والايذاء النفسي، لا اكثر ولا اقل(…)».
وبينما لا يزال نصرالله يتسلّح بالصمت في مواجهة ضجيج الاحتلال، نُقل عن الجنرال الاسرائيلي في الاحتياط تسفيكا فوغل قوله، بعد ما سميت عملية «درع الشمال»: «انّ صمت نصرالله مقلق جداً، وهو يمكن ان يدلّ الى التخطيط لأمور جديدة أو محاولة لإحصاء الضرر».
ولأنّ نصرالله مصرّ على تظهير صمته أو كلامه وفق توقيت ساعته حصراً وتبعاً لمقتضيات روزنامته تحديداً، فقد عُلم انّه، وما لم يُستجد اي طارئ يستوجب ظهوراً عاجلاً، ستكون لـ»السيد» إطلالة في 11 شباط المقبل لمناسبة الذكرى الاربعين لانتصار الثورة الاسلامية في ايران، ثم إطلالة أخرى في 16 شباط لمناسبة ذكرى القادة الشهداء.
وعلى إيقاع الشائعات الموجّهة عن بُعد، وصل مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل الى بيروت، في زيارة ترمي الى الضغط على المسؤولين اللبنانيين لتكبيل حركة «حزب الله»، وهو الاتجاه الذي عكسته تصريحات هيل نفسه. لكن «الحزب» يكاد لا يشعر بمرور هيل في العاصمة اللبنانية، بحيث انّه لا يعير مواقفه أي اهتمام، معتبراً انها خالية من اي جديد، وتشكّل امتداداً تقليدياً لسياسة الولايات المتحدة المعادية للحزب والمحرّضة عليه.
ولئن هيل كان قد ركّز في تصريحاته العلنية على مهاجمة دور «حزب الله»، إلاّ انّ اوساطاً قريبة من «الحزب» تُدرج جولته اللبنانية في سياق السعي الى التخفيف من آثار القرار الاميركي بالانسحاب من سوريا، خصوصاً بالنسبة الى أصدقاء واشنطن الذين أزعجهم قرار ترامب المفاجئ، ربطاً بما يمكن ان يتركه من تداعيات على موازين القوى الاقليمية والمحلية.
وترجح تلك الاوساط ان تكون محطة هيل اللبنانية بديلاً من زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي جال على بعض دول المنطقة لهدف اساسي وهو احتواء الذعر الذي اصابها بعد إعلان ترامب عن سحب قواته من سوريا، مشيرة الى انّ بومبيو رفع «دوز» التهديد ضد ايران و»الحزب» في إطار رفع معنويات الحلفاء.