Site icon IMLebanon

هل تقلّص الولايات المتحدة انتشارها في العراق وسوريا تمهيداً لضرب إيران؟

كتب حسين عبدالحسين في صحيفة “الراي” الكويتية:

يوم طلب قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي، ووزير الدفاع في ما بعد، جيمس ماتيس، إذناً من ادارة الرئيس السابق باراك أوباما لتوجيه ضربات عسكرية ضد اهداف داخل ايران، عقاباً للجمهورية الاسلامية على تورطها في عمليات ادت الى مقتل اميركيين وحلفائهم من العراقيين، رفض أوباما الطلب، معللاً قراره بأن القوات الأميركية في العراق كانت في ضيافة العراقيين، وان القيام بخطوة تغضب المضيفين من شأنها ان تنعكس سلبا على أمن القوات الأميركية المنتشرة هناك.

وعلى هذا المنوال، أمضت ادارة أوباما معظم ايامها وهي تعلل تهاونها مع «نشاطات ايران المزعزعة للاستقرار في المنطقة:، بالقول ان استفزاز ايران واغضابها يعرض أمن المستشارين العسكريين الاميركيين المنتشرين في العراق للخطر.

ادارة الرئيس دونالد ترامب يبدو انها، مثل سابقتها، تعتقد ان اي مواجهة مع الايرانيين قد تؤدي الى مواجهة بين الجنود الاميركيين المنتشرين في العراق وسورية، من ناحية، والميليشيات العراقية والسورية واللبنانية الموالية لايران والمنتشرة في هذين البلدين أيضا، من ناحية ثانية.

يقول احد المتابعين لشؤون البيت الابيض، ان الادارة انجزت، منذ فترة وبالتعامل مع الحلفاء، خطة لتوجيه ضربة عسكرية لايران، في حال اقتضت الظروف السياسية. ويضيف ان انتشار القوات الأميركية في مياه الخليج عاد الى معدلات مرتفعة لم يشهدها منذ فترة، بالتزامن مع ارسال واشنطن احدى حاملات طائراتها، التي يعتقد البعض انه سيتم رفدها بمجموعة بحرية ثانية مؤلفة من «فرقة ضاربة».

ومن الاخبار التي شاعت في اوساط العاصمة الأميركية، ان احد اسباب غضب ترامب على ماتيس، ودفعه الى الاستقالة، كان بسبب تحفظ الاخير على الانخراط في مواجهة مسلحة مع الايرانيين. ويقول العارفون ان ترامب كان عيّن ماتيس وزيرا للدفاع لاعتقاده بانه من الصقور، وانه من المندفعين لشنّ حرب ضد ايران. وفي الايام الاولى لتعيينه، دأب ترامب على استخدام لقب «ماتيس الكلب الثائر»، وهو لقب اكتسبه الجنرال السابق في الجيش بسبب بأسه وشدته في القتال.

لكن ماتيس لم ترق له التسمية، ويوم طلب ترامب من وزير دفاعه توجيه ضربة ضد اهداف تابعة للرئيس السوري بشار الأسد، على اثر هجوم كيماوي في ضاحية دمشق، دوما، العام الماضي، تردد ماتيس، وساهم في عرقلة الهجوم، ثم في تقليص حجمه.

وتعتقد الاوساط الأميركية ان «الكيمياء» انتهت بين ترامب وماتيس، منذ الصيف الماضي، وان الرئيس الاميركي صار يبحث عن طرق لدفع وزير دفاعه للاستقالة، الى ان قام الرئيس بالاعلان، في تغريدة فاجأت كل العاملين في ادارته، نيته سحب القوات الأميركية المنتشرة في سورية، شرق الفرات، بشكل فوري. عند ذاك، قدم ماتيس استقالته في رسالة علنية، ضمنها انتقادات لاذعة للرئيس، ولسياساته التي تؤدي الى نفرة لدى حلفاء الولايات المتحدة.

كان يمكن لترامب استشارة وزيرة دفاعه، ثم اعلانه انسحاباً اميركياً من سورية عبر القنوات الرسمية، لكن اسلوب ترامب يبدو انه كان مخصصا لاستفزاز ماتيس واخراجه من الادارة، تمهيدا لاستبداله بواحد من الصقور ممن تستهويهم فكرة الانخراط في مواجهة مسلحة مع الايرانيين، وهو ما يتطلب ايضا، بحسب الرؤية السائدة في واشنطن، تقليص عدد وانتشار القوات الأميركية في المناطق التي يمكن للايرانيين الرد فيها في العراق وسورية.

هل يكون الانسحاب الاميركي من سورية، وربما في وقت لاحق العراق، تمهيداً لتوجيه ضربة عسكرية اميركية لايران، في السنة المتبقية من ولاية ترامب الاولى، قبل ان تغرق الولايات المتحدة في موسمها الانتخابي للعام 2020؟