Site icon IMLebanon

لهذا استقبل الحريري سفير ايران بعد ديفيد هيل!

في الساعات الثماني والاربعين الماضية تحول بيت الوسط محجاً للشخصيات الدبلوماسية الاجنبية، ليس لاستيضاح تفاصيل واسباب الازمة الحكومية، المسلّم امرها للعناية الالهية، بعدما عجزت عن فك احجيتها قدرات الساسة اللبنانيين، بل لايصال رسائل اقليمية ودولية تبدأ من الازمة السورية ومفاعيلها ولا تنتهي بالسيناريوهات المرسومة للتسويات السياسية بحبر الاتفاقات الاميركية- الروسية لوضع حد للصراعات الدموية في دول المنطقة، وفي مقدمها على ما يبدو تقليص نفوذ ايران عربيا وليّ اذرعها العسكرية من اليمن وصولا الى لبنان.

ابرز الزوار الذين وُضعت لقاءاتهم مع الرئيس المكلف سعد الحريري تحت المجهر، اثنان، وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل، وسفير ايران في لبنان جلال فيروزنيا. زيارة الاول اتخذت اهميتها من طبيعتها الاميركية بحكم الامر الواقع في الدرجة الاولى وتوقيتها تزامنا مع جولة وزير خارجيته مايك بومبيو على عدد من دول المنطقة بما تضمنت من مواقف نارية تجاه ايران وحزب الله ثانيا، وابرز ما فيها الاعلان عن المؤتمر الدولي الذي ينعقد في 13 و14 شباط المقبل تحت عنوان “مواجهة إيران وسلوكها في الشرق الأوسط”، ومن ضمنها دور حزب الله والميليشيات الإيرانية في المنطقة، وبدء الاعداد لتحالف مصري- اردني- خليجي لمواجهة النفوذ الايراني.

اما الثاني فتركزت الاهتمامات على زيارته للرئيس الحريري من زاوية انها الاولى لبيت الوسط منذ تسلمه مهامه على رأس الدبلوماسية الايرانية في بيروت في آب الماضي وكونها جاءت بعد اقل من 24 ساعة على زيارة هيل الذي تلا من المنبر نفسه بيانا مكتوبا ضمّنه مواقف عالية السقف من طهران وحزب الله، مؤكدا دعم الدولة اللبنانية واجهزتها العسكرية والامنية ووجوب حصر القرار بيدها.

فماذا في توقيت الزيارتين وهل ان بيت الوسط تقصّد تحديد موعد لسفير الجمهورية الاسلامية بعد زيارة هيل مباشرة، ام انه كان محددا قبل المحطة الاميركية؟

تقول مصادر مطّلعة لـ”المركزية”، بعيدا من كيفية تحديد المواعيد واسبابها، فإن الرئيس الحريري الذي كان قدّم مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية في قضية اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري بقوله آنذاك بين المحكمة ومصلحة الوطن اختار الثانية، ما زال على موقفه الذي يبدي فيه كل ما يتصل بالوحدة الوطنية على اي شيء آخر، وتبعا لذلك، يعتبر ان هذه المصلحة تقتضي تحييد لبنان عن صراعات الخارج والتزام سياسة النأي بالنفس التي شكلت عنوانا اساسيا في بيان حكومة “استعادة الثقة”، ايمانا منه بأنها الطريقة الاسلم لابعاد لبنان عن النيران المحيطة به. وهو، والتزاما بهذه السياسة، استقبل الموفد الاميركي، تماما كما السفير الايراني عاكسا بذلك حرصه على الوقوف على مسافة واحدة من جميع الافرقاء الدوليين المنخرطين في النزاع الاقليمي الدولي. وتشير الى انه كما تلقف بارتياح بالغ الدعم الاميركي للبنان ومؤسساته الدستورية واجهزته الامنية والعسكرية والوعود بمساعدته على المستويات كافة، لا سيما الاقتصادية، مباشرة او عبر الدول الصديقة، استقبل فيروزنيا في خطوة أشاعت ارتياحا في جزء لا بأس به من الشارع اللبناني لا سيما المناصر للثنائي الشيعي.

وتفيد المصادر ان خطوة الحريري هذه، ليست فقط لتعميم الارتياح، على اهميته، انما ايضا لايصال رسالة الى حزب الله المعني اكثر من غيره بمفاعيل الصراع الاميركي- الايراني تدعوه الى تحييد لبنان عن هذا الكباش والتزام النأي بالنفس وفق ما جاء في “اعلان بعبدا” نصا وروحا، وتقديم مصلحة لبنان على ما عداها، اليوم ومستقبلا، حينما تشتد حمأة النزاع، فلا يدفع الوطن ثمن حروب الآخرين.