كتب د. عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:
لا أحد يمكنه الجزم بأن الانفاق التي تحدثت عنها إسرائيل حديثة العهد ويمكن ان تعود لسبعينات القرن الماضي
في ظل غياب التوافق السياسي على تشكيل حكومة جديدة، ارتفع منسوب القلق من ان يتحوّل الانقسام بين الأطراف إلى فوضى أمنية تطيح بالاستقرار الأمني الذي ما زال ممسوكاً، وكان هذا الأمر موضوع اهتمام المراجع الأمنية العليا في البلاد والتي عملت ليل نهار لبناء شبكة أمان واسعة تحصن البلاد ضد أي ارتدادات سلبية على الاستقرار العام.
وفي هذا الإطار يقول مرجع أمني كبير لـ«اللواء» بأن الوضع الأمني ممسوك تماماً ولا خوف من حصول أية انتكاسات أمنية تطيح بهذا الاستقرار، وان القيادات الأمنية تعمل على مدار الساعة حتى لا تحصل أية انتكاسة، مؤكداً على جهوزية الجيش والقوى الأمنية التامة في كل المجالات وعلى جميع المستويات، وعلى تحصينها التام من أية اختراقات يُمكن ان تخطر في بال أي مواطن.
واعتبر المرجع الأمني الكبير ان لبنان تعرض في السنوات الماضية لخطر الإرهاب الذي استفاد من الأوضاع السياسية الضاغطة، لا سيما نكسة عرسال في العام 2014 مروراً بالاحداث الأمنية التي حصلت منذ العام 2011 بالتزامن مع الأحداث السورية، الا انه مع القرار السياسي الواضح للدولة اللبنانية تمّ تحقيق نتائج أساسية في العام 2017 مع مناخ سياسي مؤات، مكّن الجيش من القضاء على أوكار الإرهاب، بعد تحرير جرود عرسال بأراضيها الشاسعة من دون ان يسقط أي شهيد خلال المواجهات المباشرة، وقد وصل الجيش إلى الحدود السورية لأول مرّة في تاريخ الجمهورية اللبنانية. وفي العام 2017 اوقف الجيش ومخابراته 3743 إرهابياً، ومنذ شهر نيسان من العام نفسه لم تحصل أية حادثة أمنية إرهابية على كل الأراضي اللبنانية، غير ان عملية تنظيف لبنان من الارهابيين استمرت في العام 2018 حتى أصبحنا نستطيع القول ان الجيش متفرغ للعمليات الاستباقية بعد إراحة الساحة الداخلية امنياً، وقد تحوّلت العمليات من ردّ فعل إلى عمليات استباقية.
وأوضح المرجع الأمني الكبير ان 99 بالمئة من الارهابيين دخلوا من الأراضي السورية، لكن الوضع تغيّر اليوم مع عودة سيطرة الدولة السورية على اجزاء واسعة وانتشر جيشها على الحدود مع لبنان، مؤكداً على ان التنسيق الأمني اللبناني السوري لم ينقطع في ذروة الأحداث عبر مكتب التعاون والتنسيق الدائم بين جيشي البلدين، والذي كان له الدور الفعال خلال معارك الجرود كما انه يتم الآن متابعة كل الأمور الأمنية والعسكرية العالقة بين البلدين.
اما عن الوضع الأمني في الجنوب بعد الإعلان الإسرائيلي عن بدء «عاصفة الشمال» فأكّد المرجع الأمني الرفيع انه أكثر من ممتاز وهو مستقر والتنسيق قائم على اشده مع القوات الدولية، كما ان العلاقة ممتازة بين الجيش والأهالي و«اليونيفل» ووفقاً لمندرجات القرار 1701 فإن كل دوريات «اليونيفل» تتم بالتنسيق مع الجيش اللبناني، وان معظم دوريات القوات الدولية تكون مشتركة مع الجيش، وقيادته هي مَن تعطي الإذن بتفتيش أي موقع.
اما عن الجدار الذي تقيمه إسرائيل فيقول المرجع الأمني ان العمل به بدأ في المناطق غير المتحفظ عليها لبنانياً ثم تجاوزته إسرائيل إلى المناطق المتحفظ عليها على الخط الأزرق، وهذا الموضوع يتابع بشكل مباشر من قِبل قيادة الجيش وبالتنسيق مع قيادة «اليونيفل» في الاجتماعات الثلاثية التي تعقد في الناقورة مع الإسرائيلي والتي لا يُمكن ان تفسّر على انها تطبيع مع العدو الذي يوجه كلامه في كل الاجتماعات التي تعقد إلى قيادة «اليونيفل».
وفي شأن جهوزية الجيش اللبناني لمواجهة الجيش الإسرائيلي، أوضح المرجع الأمني الرفيع المستوى بأن هناك قراراً واضحاً لقيادة الجيش بالتصدي بالنار ضد أية خروقات إسرائيلية دون الحاجة للرجوع إليها، وهذا ما حصل مؤخراً، وفي السياق تمّ أخذ أربعة قرارات في الاجتماع الأخير الذي عقده مجلس الدفاع الأعلى لمواجهة الخروقات الإسرائيلية ومنها رفع شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، ورفع جهوزية الجيش في الجنوب إلى نسبة 95 بالمئة.
وأكّد المرجع نفسه ان التنسيق قائم في الجنوب مع المقاومة، وهذا أمر طبيعي، وما من أحد بإمكانه الجزم بأن الأنفاق التي تحدثت عنها إسرائيل انها حديثة العهد ويمكن ان تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، مؤكداً على ان الجانب الإسرائيلي اقفل هذا الملف، كما انه ليس من واجبات الجانب اللبناني تقديم التطمينات للعدو واراحته في هذا المجال، مشيراً في الوقت نفسه إلى عشرات الخروقات الإسرائيلية التي تحصل يومياً وإلى أن لبنان لا يمتلك القدرات العسكرية لردع الخروقات الجوية لكنه حسم خياره في التصدّي للاعتداءات الإسرائيلية.
اما بالنسبة إلى الوضع الأمني في الداخل وما إذا كان الجيش قادراً على ضبطه أكّد المرجع الأمني الرفيع المستوى بأنه على ثقة تامة بقدرة الجيش على ضبط الوضع الأمني في الداخل وعلى الحدود وهو غير مقصر في ذلك، لكنه اعترف بأن أصعب موقف للجيش هو حين يقف لضبط التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، وهو اصعب من مواجهة الإرهاب، علماً بأن الجيش يعترف بوجود أخطاء وهذه الأخطاء يتم التعلم منها كما انه يتم محاسبة الضباط والعناصر الذين يرتكبونها.
ولم ينكر المرجع الأمني نفسه وجود انحرافات داخل الجيش الا ان القائد جوزاف عون أعاد الأمور إلى نصابها الصحيح على الصعيد المسلكي الداخلي، وقد تمّ اجراء تحقيقات واسعة بالعديد من الملفات لا سيما امتحانات المدرسة الحربية، واتخذت اجراءات مسلكية، كما تمّ إحالة العديد من الملفات إلى النيابة العامة، وتم أيضاً وضع 18 ضابطاً بتصرف قائد الجيش بملفات فساد، وأصدر القائد تعميماً حاسماً وهو تسريح كل ضابط دفع للدخول إلى المدرسة الحربية.
وختم المرجع الأمني الرفيع المستوى ان لا أمن بالتراضي ولا صحة للمعلومات عن منع الجيش والمخابرات من القيام بعمليات أمنية في الضاحية الجنوبية، والصحيح ان عدد التوقيفات في الضاحية كان ضخماً ويعود السبب إلى الكثافة السكانية وانتشار المخدرات واعمال السلب والخطف والسرقات وغيرها ونؤكد لكل من يسأل ان من أحد، لا حزب الله ولا غيره، يغطي مطلوباً أو يمنع المداهمات الأمنية.
وفي ما خص نزع اعلام ليبيا من بيروت، أشار إلى حصول خطأ من قبل الشركة المختصة بالملف الإعلامي، والتي كان من المفترض بها تعليق الأعلام يوم الخميس أي قبل القمة بيوم، حيث سيكون هناك انتشار أمني، الا انها قامت بتعليق الإعلام ليل السبت الأحد، مما أدى إلى أحداث يوم الأحد وتمزيق الأعلام.