IMLebanon

مفتاح نجاح مفاعيل اللقاء الماروني في بكركي

لم يخيّب اللقاء الماروني الذي دعت اليه واحتضنته بكركي آمال من راهنوا على خروجه بنتائج ايجابية، وليسوا كثرا… فأتى بيانه الختامي على قدر تحديات “المرحلة” التي تُعتبر مصيرية بالنسبة الى الموارنة ولبنان، على حد سواء. المحاذرة في رفع سقف التوقعات في شأن مقررات الاجتماع قبيل انعقاده، كانت مبررة، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، في ظل الفجوة التي تباعد بين الاطراف المسيحيين.. الا ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، نجح في الارتقاء بالنقاش الى مستوى الثوابت والمبادئ الكبرى، وإبعاده عن المماحكات والزواريب السياسية الضيقة، وفرض هذا التوجّه على المتحلّقين حوله في الصرح، فكانت النتيجة بيانا على صورة الوثائق والنداءات الكبرى التي صدرت تاريخيا عن الصرح وآخرها بيان عام 2000 الذي أسس لاخراج لبنان من تحت نير الوصاية والاحتلال.

غير ان المصادر لا تخفي ان ثمة من حاول حرف المباحثات عن المسار هذا، واقحامها في التفاصيل الصغيرة لناحية تبادل المسؤوليات والتهم بعرقلة تأليف الحكومة وبخوض معارك رئاسية مبكرة، لكن هذا الاشتباك بقي محدودا وتم تطويقه سريعا.

وفي نظرة الى المواقف التي أطلقها الافرقاء المسيحيون في بكركي، يتبيّن- دائما بحسب المصادر- ان ما ركّزت عليه القوات اللبنانية والكتائب، كان الاكثر انسجاما مع توجّهات الراعي وكلمته في مستهلّ “القمة” من جهة، ومع ما تضمّنه بيانها الختامي، من جهة أخرى: فهما لطالما أعلنا تمسّكهما بالدستور ونصوصه، ووقفا في خانة المتصدّي لخرقه ومحاولة خلق قواعد سياسية جديدة وفرضها على اللعبة السياسية بواسطة “فائض القوة”. وهما معروفان ايضا بتمسّكهما باتفاق الطائف وبمواجهتهما الدائمة لمحاولة جهات محلية تعديل توازناته – بالمباشر او مواربة – لفرض أخرى على شكل مثالثة، انتقدها البطريرك بالفم الملآن قبل ان يصوّب عليها بيانُ اللقاء برفضه “تغيير هوية لبنان التاريخية”. هذا اضافة الى تذكيرهما غير المنقطع، بضرورة ان يكون لبنان جزءا من محيطه العربي وبحق الدولة “السيادي” في البت في القرارات الكبرى ومنها السياسة الخارجية للبنان والحرب والسلم. وقد نص البيان على “التمسّك باستقلالية القرار الوطني وبمصلحة لبنان العليا في صياغة علاقاته الخارجية والالتزام بمقتضيات انتمائه الى المنظومتين العربية والدولية حتى لا تتشوَّه هوية لبنان ويصبح في عزلة عن محيطه العربي والدولي”… في الموازاة، تقول المصادر ان البيان تضمّن ايضا دعما لرئيس الجمهورية ولصلاحياته، وذَكَر أبرز مطالب فريقه السياسي في الآونة الاخيرة، ومنها رفض خلق اعراف جديدة تحدّث عنها الرئيس ميشال عون من بكركي منذ اسابيع، وضرورة تأمين العودة الآمنة للنازحين السوريين…

وفي عود على بدء، تعتبر المصادر ان البيان يمكن اختصاره بالآتي: لا لتغيير النظام اللبناني ولا للمس بالطائف وتوازناته من قِبل اي كان، ونعم لـ”دولة” ومؤسسات قويتين. وبعد ان كان لنداء الـ2000 وقعه وفِعله لبنانيا، هل يشكّل نداء الـ2019 محطة تاريخية جديدة، وعاملا لاجما لطموحات البعض، للتوسّع سياسيا، على حساب الشركاء في الوطن؟ مدى انضباط القوى المسيحية التي وقّعت على البيان، تحت سقفه، واعادة “دوزنة” تموضعهم وتحالفاتهم ومواقفهم، في ضوء ما تضمّنه، قد يكون له الاثر البالغ في تحديد آفاق هذه “الصرخة” ونتائجها…