Site icon IMLebanon

قمة بلا رؤساء!

كتبت ليا قزي في صحيفة “الاخبار”:

اختارت الدول العربية توجيه رسالةٍ إلى لبنان بأنّه غير قادرٍ على جمع رؤساء الدول وقادتها لديه. قرّروا، باستثناء الصومال وموريتانيا، خفض التمثيل إلى حدوده الدنيا، موحين بأنّ القمة الاقتصادية لا أهمية لها، وبالتالي لا تستدعي حضورهم

تستمر الولايات المتحدة الأميركية في تشديد الضغوط على لبنان، وتصويره «ضعيفاً» غير قادر على حشد تمثيل رفيع المستوى لحضور القمّة الاقتصادية. يُعينهم في تنفيذ خطّتهم، «أشّقاء» عرب، قرّروا أن يكونوا أدواتٍ للسياسة الأميركية في المنطقة. وأتت القمّة الاقتصادية العربية، لتُشكّل الأرضية الخصبة لاستكمال مشروع تضييق الخناق على لبنان، في سياق رفع مستوى المواجهة من جانب واشنطن ضدّ كلّ من إيران وحزب الله.

هكذا، لم يصمد من رؤساء الدول الثمانية، الذين كانوا قد أكّدوا مشاركتهم في القمّة الاقتصادية، سوى رئيسَي الصومال وموريتانيا، إضافة إلى رئيس الحكومة العراقية (صاحب المنصب التنفيذي الأعلى في البلاد). فعوض أن تكون بيروت، قبل 48 ساعة من انعقاد القمّة، قد بدأت باستقبال الوفود العربية المُشاركة، كانت تصل إلى لبنان برقيات الاعتذار وتخفيض التمثيل. وبعد قرار كلّ من رؤساء مصر وفلسطين والعراق وأميري الكويت وقطر، الإحجام عن المشاركة يوم الأربعاء، كانت «المفاجأة» أمس باعتذار الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن عدم حضور القمّة الاقتصادية، التي تستضيف القمة العربية في آذار المقبل.

 

تمثيل البلدان العربية، ولا سيّما «الفاعلة» منها، يأتي دون المستوى الذي اعتادت هذه القِمم أن تشهده، فيتراوح بين النائب الأول في البلد، أو وزراء الخارجية، أو نواب وزراء الخارجية. أما السعودية، التي تدّعي الاهتمام كثيراً بمستقبل البلد وتفعيل اقتصاده، فرفعت مستوى تمثيلها إلى حدّه الأقصى… نائب وزير المالية.

وقد علمت «الأخبار» أنّ دوائر القصر الجمهوري واللجنة المنظمة للقمة العربية التنموية، يُجريان الاتصالات اللازمة في الـ24 ساعة المُقبلة، بُغية دفع بعض الدول إلى تعديل موقفها، وإعادة رفع تمثيلها. وفي هذا الإطار، صرّح الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من قصر بعبدا، «إنّ شكل الحضور لم نتبينه وهو لم يحسم بعد، دعونا ننتظر لنرى كيف سيكون الحضور، ولكن بالتأكيد فإنّ لبنان يستحق جداً كلّ التكريم».

تُحاول مصادر معنية بتنظيم أعمال القمة تحميل خفض التمثيل العربي إلى الأزمة الداخلية التي نشبت حول تمثيل ليبيا، وحرق علمها في وسط بيروت. إلا أنّ مصادر ديبلوماسية تعتبر أنّ المسألة الليبية كانت «الحجّة العربية» لتوجيه رسالة سلبية إلى لبنان. أما الأساس، فهو «وجود ضغوط أميركية – سعودية على الدول العربية، تعزّزت مع زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبييو إلى المنطقة». وتُقدّم المصادر «دليلاً» على كلامها، وهو تأخّر السعودية في تحديد موعد للبنان من أجل دعوتها إلى القمة، «وقد زارها قبل عشرة أيام الوزير جمال الجراح، وليس وزير الخارجية». الرسالة التي تريد قيادة الرياض توجيهها أنّها «مُجرّد قمّة اقتصادية، لنزع أي طابع سياسي عنها، وبالتالي إفراغها من أهميتها».

وكانت أعمال القمّة الاقتصادية قد انطلقت الخميس مع اجتماع اللجنة المعنية بالمتابعة والإعداد على مستوى كبار المسؤولين، المؤلفة من «ترويكا القمة التنموية»: لبنان ومصر والسعودية، ومن «ترويكا المجلس الاقتصادي والاجتماعي»: السودان، والعراق، وسلطنة عمان، والمغرب، وتونس، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وأعلنت المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، خلال مؤتمر صحافي، أنّه تمّ التحفّظ على مبادرة إعفاء السودان من ديونه الخارجية، «وقد رُفع إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي ليُدرس بشكل أعمق حتى لا يُشكّل سابقة». وأشارت إلى أنّ جدول الأعمال يتضمن رؤية عربية موحدة «في مجال الاقتصاد الرقمي»، كما أنّ المطروح ليس «السوق العربية المشتركة بل الاتحاد الجمركي العربي»، مُضيفةً أنّ موضوع النازحين السوريين نوقش «في إطار الورقة السياسية التي تتكلم عن النزوح». وكان هذا البند قد أثار جدلاً داخل الاجتماع الصباحي المُغلق، لناحية إصرار لبنان على إضافة جملة «عودة النازحين من دون ربطها بالحلّ السياسي في سوريا». وأشارت عباس لـ«الأخبار» إلى إنّ هذا الموضوع، سيُدرج في الكلمة السياسية للرئيس.

أما بعد ظهر الخميس، فقد اجتمع المندوبون الدائمون وكبار المسؤولين المُمثلين لكلّ البلدان العربية، لاستكمال مناقشة بنود جدول الأعمال ومشاريع القرارات المُرتبطة بها، قبل رفعها إلى وزراء الخارجية العرب الذين يجتمعون الجمعة.

وبالنسبة إلى «المبادرة التنموية» التي يريد عون طرحها، فبحسب مصادر اللجنة المُنظمة، «سينتظر منحى الأمور خلال الاجتماع المشترك لوزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري، ليُقرّر كيفية طرح مُبادرته التنموية لإنشاء صندوق عربي للإنماء». علماً أنّ المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، كانت قد قالت صباح أمس إنّ المُبادرة التي سيطرحها الرئيس صيغت بطريقة لن يكون هناك اعتراض عليها.