كتبت سيسيليا دومط في صحيفة “الجمهورية”:
اكتشفت برتا خيانة حبيبها لها عن طريق الصدفة، حتى إنّها لم تتوقّع منه ذلك يوماً، فهو يُغرقها بالحب والكلام الجميل والحضور شبه الدائم منذ عدة سنوات، وهما يحضّران معاً للزواج؛ أمّا تعليقها على الموضوع وتفاعلها معه فكان صادماً : “والد جو ما زال حتى اليوم على علاقة بحبيبته ما قبل الزواج، وأنا على علم بأنّ شقيقه الذي تزوّج منذ عامين قد أمضى آخر ليلة له قبل حفل زواجه مع المرأة التي يحبّها وما زال يواعدها حتى اليوم. في هذه العائلة وجهة نظر مختلفة بالنسبة للزواج، بعيدة عن الحب والمشاركة، تقوم على الإنجاب واستمرار النّسل، والحفاظ على الشكل الإجتماعي التقليدي المعتمَد، بعيداً عن الإلتزام والوفاء للحبيب، هم يتزوّجون واحدة ويحبّون أخرى”.
ما هي أسباب الخيانة الزوجية؟ هل مفهومها واحد في كل المجتمعات؟ ما هي الحالة النفسية للخائن ومن يتعرّض للخيانة؟ هل هناك من مسؤوليّة على من يتعرّض للخيانة؟ هل يجب الإنفصال بعد الخيانة الزوجية؟
الخيانة هي عدم الإلتزام بالشريك وعدم الوفاء له، لا بل تحمّل معنى الغدر والطعن وعدم الأمانة. لا نواجه الخيانة بين الأزواج فقط، بل في مجالات الصداقة والعمل والسياسة والوطنية. ومهما كان الدافع للخيانة، يصبح من قام بها بموضع الشخص السيّئ، غير الجدير بالثقة، البعيد عن الصدق والنقاء.
أسباب الخيانة كثيرة، فقد خان لويس زوجته مع المرأة التي أحبّها سابقاً، لكنّه أُجبر لأسباب عائلية على الزواج من أخرى. أمّا سعاد فقد خانت لأنّ زوجها يهملها ولا يعطي حياتهما الزوجية أهمية؛ وخان طوني زوجته خلال فترة الحمل إذ كانت تمرّ بظروف دقيقة منعتها من القيام بالعلاقة الحميمة. وتخون نورما حبيبها مراراً وتكراراً لجني المال الوفير.
أمّا بالنسبة لفريدي، فيخون حبيبته دون الشعور بالخطأ ويبرّر خيانته بأنّه يقدّم لها كل ما تحتاجه وبأنّه ليس ملكاً لها؛ ويخرج عماد إبن الجبل مع غير زوجته لإثبات ذكوريّته بين رفاقه…
وتعدّدت الأسباب ونسبة الخيانات تتزايد شيئاً فشيئاً حتى أصبحت مألوفة وأمراً طبيعياً في الحياة اليومية، ولم نعد نتفاجأ عندما نسمع بها، كأنّها باتت متوقّعة في معظم العلاقات.
أمّا الدوافع للخيانة فهي:
- إشباع الحاجات النفسية للحب والإحتواء
- إشباع الحاجات الجسدية
- حبّ المغامرة
- عدم الرضا في العلاقة الزوجية
- إصابة الشريك بمشاكل صحية/نفسية
- عدم القدرة على نسيان حب قديم
- فقدان الشريك للتعاطي الجيد مع شريكه
- إهمال الشريك لنفسه
- التسيّب والتراجع الإجتماعي والأخلاقي، غياب القيَم والمبادئ وأهمّها الإلتزام واحترام الآخر
- البيئة الإجتماعية- المعشر السيّئ والعائلة وبالتالي اعتبار ذلك أمراً طبيعياً
- عدم النضوج النفسي والعاطفي
بين الخائن ومَن يتعرّض للخيانة
للوهلة الأولى، تعوّدنا أن نحكم على من يخون شريكه بالسوء، فهو يقوم بما يتنافى مع القيَم والمبادئ التي تربّينا عليها، وبعيداً عن تبرير فعل الخيانة، نرى من قام بها واعياً أحياناً لفعله وأحياناً أخرى غيرَ واع، وذلك يعود لمستوى النضوج لديه، والإلتزام بالآخر واحترام مشاعره؛ فمَن نشأ منذ صغره على إهانة الشريك سوف يقلّد ذلك على الأرجح في المستقبل.
كما أنّ الأنانية تلعب دوراً هاماً، فمن لا يأبه لتضحية الآخر، يجرحه دون أن يرفّ له جفن، كما حصل مع حبيب سناء الذي كانت تتحمّل غيابه عنها في العطل وأيام الآحاد بحجّة أنه يعمل ليسدّ حاجاته المادية، وإذ بها تكتشف علاقته الغرامية مع زميلة له.
والشخص الذي يتعمّد الخيانة ويصرّ على القيام بها، فهو إمّا يقصد الأذية أو أنّه يرد خيانة شريكه بأخرى، أو يهرب من علاقة متعبة، ضاغطة أو شريك غير مناسب.
ليس من يتعرّض للخيانة دائماً ضحية، فقد يكون البادئ بذلك أو من يدفع إليه بسبب عدم رغبته بشريكه أو إهماله له. كما نواجه الكثير من الشركاء الذين لا يلعبون دوراً في ذلك، ويعانون من عدم نضوج الشريك وعلاقاته العشوائية، غير آبه بهم وبالمجتمع المحيط من عائلة وأصدقاء.
قد تكون العلاقة الجانبية أنجح وأكثر تكافؤاً من الأساسية، إلّا أنّ من يقوم بها يحكم على نفسه بإخفائها، وبالعيش في دوامة غير مريحة، وهنا السؤال: لماذا نستمر بزواج أو علاقة غير مريحة؟ لماذا لا نتخلّص منها في حال عدم إمكانية العلاج؟
الخطوة الأولى للخيانة قد تكون للتعويض عن نقص معيّن في نفس من يقوم بها، من صراعات أو عدم تكافؤ، كما قد يكون بحثاً عن الفرح والتسلية، رغبة بالحب والعلاقات السوية وغير ذلك.
ومن هنا على الشركاء كافة والعاطفيين خاصة البدء بعلاج السبب الذي يدفعهم نحو البحث عن شريك ثالث، وفي حال عدم إمكانية القيام بذلك لا بد من طلب المساعدة من الأشخاص المختصين، وبعدها، وفي حال عدم إمكانية الحياة المشتركة، لا بأس بإنهاء العلاقة والبدء بعلاقة جديدة قد تكون مناسبة ومريحة.