Site icon IMLebanon

الفرصة الضائعة

كتب د. عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:  

بدأت الجمعة أعمال التحضير للقمة العربية الاقتصادية التنموية التي تنعقد في بيروت في دورتها الرابعة، وأقر جدول أعمالها الذي يحتوي على 27 بنداً تصب جميعها في هدف واحد هو تعزيز وتطوير وتعميق التعاون بين الدول العربية على كل الصعد الاقتصادية والتنموية والاجتماعية مثل المنطقة الاقتصادية الحرة التي تشكّل مطلباً تجمع عليه كل الشعوب العربية لأنها تؤكد عمق الترابط العربي من أجل النهوض والتقدم في ما بين دولها وشعوبها، وإن كان المطلوب من هذه الشعوب منذ القدم قيام سوق عربية مشتركة بين دولها.

صحيح ان مستوى المشاركة جاء متدنياً خلافاً لما كان مأمولاً خلال مرحلة التحضير لانعقاد هذه القمة، حيث كان متوقعاً مشاركة معظم الرؤساء والملوك العرب، لتكون مشاركتهم المعنوية تعبيراً عن محبتهم للبنان، وحرصاً منهم على ان يستعيد دوره المميز داخل المجموعة العربية، وصحيح كذلك ان من وصفهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالظلاميين نجحوا في حمل الملوك والرؤساء العرب على ان يمتنعوا عن المشاركة الشخصية كتعبير منهم عن نصرتهم للبنان ورغبتهم الصادقة في استعادته إلى الحاضنة العربية ومساعدته على حل مشاكله الاقتصادية والتنموية والاجتماعية بمده بالدعم المطلوب لكي ينهض من عثراته وذلك باللجوء إلى الشارع واستخدام مختلف وسائل الترهيب، الا ان الصحيح أيضاً هو ان هذه القوى الظلامية التي أوعز لها من أعداء لبنان لتفشيل هذه القمة، ليبقى هذا البلد في عزلته العربية، لم تحقق كل أهدافها لأن المؤتمر عُقد بحضور ممثلين عن عشرين دولة عربية من أصل اثنتين وعشرين هما ليبيا التي اعتذرت للأسباب التي باتت معروفة والنظام السوري الذي لم يدع إلى هذا المؤتمر بسبب استمرار تعليق عضويته في جامعة الدول العربية نتيجة المذابح التي ارتكبها طيلة السنوات الثماني الماضية ضد الشعب السوري الثائر على نظام فاشي يفرض ارادته عليه ويمنعه من ممارسة حقوقه الطبيعية التي نصت عليها شرعة حقوق الإنسان.

والصحيح أيضاً أن نجاح أو فشل هذه القمة لا يقاس بمستوى المشاركين بل يقاس بالنتائج التي ستصدر عنه من جهة، ونسبة المشاركة فيه من جهة ثانية، ويؤكد أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي ترأس أمس الاجتماعات التحضيرية للقمة التي ستعقد غداً الأحد، ان الاجتماعات انتهت إلى إقرار جدول أعمال القمة بكل بنوده السبعة والعشرين، وأوضح ان معظم تلك البنود تصب في مصلحة التكامل الاقتصادي والتنموي والاجتماعي بين الدول العربية كافة والذي من شأنه ان يحول هذه الدول إلى قوة داخل المجتمع الدولي لها احترامها ولها دورها في صياغة السياسة الدولية. ومن هنا تكون القمة العربية التي سعوا بكل ما يملكون من قوة إلى عدم انعقادها في لبنان قد حققت النتائج المطلوبة منها من كل الشعوب العربية وتكون في الوقت ذاته، كشفت للبنانيين القوى الداخلية التي لا يهمها مصلحة لبنان وشعبه لأنها تعمل وفق اجندات خارجية لحساب هذه الاجندات بمعزل تام عن المصلحة الوطنية التي من المفترض ان تكون هي البداية والنهاية، بدلاً من أن تتحوّل إلى مطيّة لهذا البعض يضعها في خدمة أجندته الخارجية، ولهؤلاء نقول انه آن الأوان للتوقف عن اللعب بهذا الوطن استجابة لإملاءات خارجية، وتعمّد إضاعة الفرص على الوطن، وعلى الشعب اللبناني المتأذي من سياسة الاستقواء على الدولة، من جهة، والاصرار على عزل لبنان من محيطه العربي من جهة ثانية.