Site icon IMLebanon

لماذا يسيطر الخوف على اللبنانيين؟

كتب د. ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية:

يجمع عدد كبير من المتابعين للوضع عن كثب على وجود قلق سياسي وشعبي كبير في لبنان، وقد تحدثت بعض القيادات علنا عن هذه المسألة، على سبيل المثال: رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان الذي قال «الخوف يسيطر على الشعب اللبناني» والبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي أشار الى أن الوحدة اللبنانية مهددة، ورئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي الذي وصف ما يحصل «بالتآمر على النظام» ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي قال: هناك مواقف تحتاج أن نصمت كأننا لم نفهم، في إشارة الى امتعاضه مما يجري.

والمكونات الطائفية اجتمعت على غير عادة، كل على حدة، لتأخذ مواقف مختلفة، كالمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والمجلس المذهبي للموحدين الدروز، ولقاء بكركي للنواب الموارنة.

هناك عتب كبير على حزب الله ـ وفقا لما قالته أوساط متابعة ـ لكون الحزب دفع، او شجع، على الوصول الى هذه الحالة من الخوف والاضطراب، لأن بعض مواقفه من تشكيل الحكومة ساهمت في تعقيد التأليف، كما أن بعض السياسيين المدعومين من الحزب تجاوزوا كل الحدود في مهاجمة مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية، وحيث ان هذه المواقف الصادرة عن بعض الشخصيات، لا يمكن أن تصدر عنهم لولا موافقة الحزب عليها، وبعض الكلام غير المقبول قيل أمام ممثلين عن حزب الله، خصوصا في الاحتفال الذي أقيم في بلدة الجاهلية الشوفية.

وتضيف هذه الأوساط المتابعة ذاتها: بدت البلاد كأنها امام حرب أهلية باردة في الأسبوع الماضي، لأن التوتير السياسي والأمني طال أكثر من منطقة، واشتركت فيه عدة قوى، وأغلبية هذه التحركات جاءت من جانب المحسوبين على «قوى الممانعة» التي يمثل حزب الله عصبها الأساسي.

وبدا المشهد كأن هناك أمر عمليات صدر للانقضاض على الاستقرار، ومحاولة لفرض استسلام على قوى تعارض محور الممانعة الذي بدوره يحاول صرف تغيير المعادلة في سورية باستباحة لبنان، لكن هذه القوى المعارضة للنظام في سورية لديها تأييد واسع جدا من شرائح الشعب اللبناني، وهي لا تقبل الاستسلام مهما بلغت التضحيات.

وتتابع هذه الأوساط: لا أحد يريد أن يجر لبنان الى حرب أهلية، والقوى اللبنانية جميعها هادنت حزب الله، وأقامت علاقات طبيعية معه، على قاعدة تنظيم الخلاف وتحييد لبنان عن الصراعات الدولية والاقليمية، وحزب الله كان إيجابيا في التعامل مع هذه المقاربة في البداية، لكن هذه القوى شعرت بالخيبة من مواقفه لاحقا. ومن هذه القوى تحديدا: تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية. وقد فوجئت هذه الأطراف بوجود نوايا مبيتة عند بعض الذين يدورون في فلك حزب الله تستهدف قلب التوازنات القائمة، ومواقف بعض النواب والمؤيدين لحزب الله كادت أن تشعل الشارع، كما أشعلت التراشق المسيء على مواقع التواصل الاجتماعي.

القوى المؤيدة لحزب الله ترى أن زيارة نائب وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل هي التي سببت التوتير وأثارت القلق، لكن الرأي الآخر يعتبر أن زيارة هيل جاءت بالتوقيت بعد التوتير الذي افتعلته «قوى الممانعة» وبعد زيارات للسفير الإيراني لبعض الأحزاب الحليفة.

المجتمع الدولي، بما في ذلك الأميركيون والروس وغيرهم، تحركوا بقوة عندما شعروا بأن الاستقرار اللبناني مهدد، ومؤسسات الدولة مستهدفة، وأن المحسوبين على ايران والنظام السوري يتصرفون على أساس أن لبنان يقع في دائرة نفوذهم، وهذا ما ترفضه القوى الدولية، كما لا تسمح به القوى التي انتفضت في وجه الوجود العسكري السوري في العام 2005 مهما كلفها ذلك.