كتبت صحيفة “العرب” اللندنية:
يتوجه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، الأحد، إلى بيروت لحضور قمة عربية اقتصادية تغيّب عنها أبرز الرؤساء والزعماء العرب، في خطوة تؤكد طبيعة السياسة القطرية التي تسير عكس التيار ورغبة من الدوحة في كسر عزلة عربية أحاطت بها نفسها بسبب سياسات غير محسوبة.
وقال مكتب الرئيس اللبناني ميشال عون، السبت، إن الشيخ تميم بن حمد أبلغه بحضوره على رأس الوفد القطري.
ولم يكن قرار الشيخ تميم بالمشاركة مثبتا من البداية بل جاء بعد التيقّن من غياب أبرز الزعماء والرؤساء العرب، وهو ما يعني أن الدوحة صارت تشعر بأن وجودها في المناسبات الرسمية العربية غير مرحب به بسبب تدخلها في شؤون أكثر من دولة، فضلا عن الاتهامات الموجهة إليها برعاية مجموعات مصنفة إرهابية، وبناء علاقات خارجية تمس الأمن القومي لدول المنطقة مثل العلاقة مع تركيا وإيران.
ومن الواضح أن أمير قطر يتناسى محرمات العلاقة مع حزب الله في سوريا ويشارك شخصيا في قمة بيروت ليكسر حصارا نفسيا مفروضا عليه.
ولا تزال فصائل مسلحة تقاتل في سوريا بسلاح ممول من قطر وتشتبك عمليا مع حزب الله في تلخيص لحجم التناقضات في العلاقات القطرية بمحيطها الإقليمي.
ومن ضمن سلسلة التناقضات القطرية أن الدوحة تشارك على مستوى عال في قمة وضع منظموها على رأس أولوياتهم مشاركة سوريا فضلا عن عودتها إلى الجامعة العربية فيما جاهرت قطر بمعارضتها لأي انفتاح عربي على دمشق.
ومنذ أيام قليلة، قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إنه لا يرى ضرورة لإعادة فتح سفارة في دمشق وإن الدوحة تعارض عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
ويعزو مراقبون تناقض المواقف القطرية في الملفين السوري واللبناني إلى أنها وفي سبيل مناكفتها للسعودية مستعدة للذهاب إلى آخر مدى في تقاربها مع إيران وممثليها في لبنان أو غير لبنان وأنها لا تجد ما يحرجها في ذلك.
ويعتقد المراقبون أن القيادة القطرية لن تتردد في تحويل لبنان إلى ساحة صدام سياسي وإعلامي مع السعودية مثلما يجري في اليمن، حيث تضع الدوحة وسائل إعلامها وعلاقاتها في الساحة اليمنية لخدمة المتمردين الحوثيين.
ولا تقف أزمة قطر في محيطها العربي عند المقاطعة التي تنفذها الدول الأربع، أي السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بل تتعداها إلى أزمات أخرى بسبب التدخل القطري في ليبيا وتونس والصومال.
وتصر الدول الأربع المقاطعة لقطر على تنفيذ الدوحة قائمة مطالب طرحت عليها في بداية الأزمة تشمل إغلاق قناة الجزيرة التلفزيونية وخفض مستوى العلاقات مع إيران وإغلاق قاعدة عسكرية تركية في قطر، ووقف دعمها للإرهاب.
ورغم تكثيف أعداد الوسطاء والرغبة في كسر المقاطعة، لا تفوّت قطر الفرصة لإثبات انتقادها لمجلس التعاون واللجوء إلى استفزاز دوله الأعضاء الحريصة على بناء أمن قومي متماسك بوجه التحديات الإقليمية والدولية.
وألقت الانقسامات بين الدول العربية بشأن سوريا وحليفتها إيران والنزاعات الداخلية في لبنان بظلالها على اجتماع القمة في ظل انسحاب عدد من الزعماء.
وقال مصدر في اللجنة المنظمة، الجمعة، إن ما لا يقل عن ثمانية رؤساء دول كانوا قد أكدوا مشاركتهم، لكن سيحضر رئيسا الصومال وموريتانيا فحسب.
وتشارك نحو 20 دولة، مثل مصر والكويت، وتوفد رؤساء وزراء أو وزراء خارجية أو وزراء مالية للمشاركة. وقلل المسؤولون من أهمية ضعف التمثيل في القمة.
وكثف حزب الله، المدعوم من إيران، وحلفاؤه السياسيون في لبنان بمن فيهم الرئيس ميشال عون وصهره وزير الخارجية جبران باسيل الدعوات للتقارب مع دمشق.