بعدما بدا لافتاً حضور شيخي عقل طائفة الموحدين الدروز في القمة التنموية، في وقت تشهد الساحة الدرزية انقساماً سياسياً على مشيخة العقل بين الحزب التقدمي الاشتراكي وفعاليات سياسية درزية أخرى على خصومة معه، وأبرزها الوزير طلال أرسلان، اتجهت الأمور الى التصعيد الكلامي على خلفية دعوة شيخَي العقل.
وفي بيان قوي، رأت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز أن “ما حصل في القمة العربية الإقتصادية التي انعقدت في بيروت لناحية تخطي الأعراف والتقاليد ومبادئ العمل البروتوكولي عبر عدم اقتصار الدعوة إلى جلسة القمة على الرئيس الروحي للطائفة التوحيدية حصراً، يشكل انتهاكاً فاضحاً للقيم والمفاهيم الوطنية، ويمثل مخالفة صارخة للدستور والقوانين والأنظمة، ويعدّ تدخُّلاً مشبوهاً في الشؤون الخاصة بطائفة الموحدين الدروز التي أولاها الدستور حق تنظيم وترتيب أمورها، وتكرّس ذلك بالقانون الصادر عن المجلس النيابي عام ٢٠٠٦ الذي حصر التمثيل الرسمي لطائفة الموحدين بالمجلس المذهبي المنتخب وبمشيخة العقل، كمرجع رسمي شرعي وحيد للطائفة.”
وأهابت مشيخة العقل بالمعنيين عدم أخذ الأمور إلى ما يتخطى أركان العقد الاجتماعي والوطني، مؤكدةً أن ما حصل من خلل خطير يستدعي التصويب بشكل حازم. ووضعت مشيخة العقل الأمر برسم رئيس الجمهورية لافتةً الى أنها تقع على عاتقه مهمة احترام وصون الدستور وتطبيق القوانين وحماية العيش المشترك واحترام خصوصيات النسيج الروحي الذي يتشكل منه لبنان.
كما أكدت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز أن ما بلغته “محاولات البعض لضرب ميثاق العقد الوطني الذي يجمع العائلات الروحية اللبنانية في بوتقة الوطن، من مستوى عالي الخطورة، لم يعد وارداً التغاضي عنه بأي شكل من الأشكال، ولا يجوز السكوت إطلاقاً حيال أي ممارسات تتعدى الإطار الدستوري والقانوني وتضرب ركائز العيش المشترك، وتُخِلُّ بالثوابت والمسلمات الوطنية المعمول بها بين مكونات البلاد وخصوصيات عائلاتها الروحية التي كفلها الدستور وشرّعتها القوانين.”
وأعلن وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال مروان حمادهدعمه “الكامل للبيان الصادر عن مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز الذي حمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مسؤولية خرق الدستور والتعدي على القوانين والإعتداء على الأعراف والتقاليد التي تحمي في لبنان أسس العيش المشترك والإحترام بين الطوائف”. وقال: “بالإضافة الى سوء إدارة القمة العربية الإقتصادية والإجتماعية والتنموية، قبل إنعقادها وخلال مداولاتها وبعد إنتهائها، من قبل المعنيين بهذه التظاهرة العربية العزيزة، نكتشف أن هؤلاء لا يحترمهم أحد في الخارج ولا يحترمون أحدا في الداخل. إن سلامة لبنان لا تتلازم مع الإمعان في التقسيم الداخلي واللعب الصبياني غير المسؤول بمصير علاقاتنا العربية والدولية”.
من جهته اعتبر عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب أكرم شهيّب أن “دعوة أي رجل دين إلى القمة العربية الاقتصادية شأن المنظمين، أما أن يدعى لأهداف سياسية مبيتة تستهدف طائفة مكونة لهذا الوطن، فهذا أمر غريب وغير مقبول وخطير”. وطالب، في بيان، “المنظمين والحريصين بتوضيح لما جرى، سيما أن ما ذيلوه بكتاب الدعوة يخالف القانون والأصول المرعية، ويصيب الشريحة الأكبر من طائفة مؤسسة حريصة على شرعية المؤسسات والسلم الأهلي وحماية وصون القوانين”.
في المقابل، توجه الوزر طلال ارسلان عبر حسابه على “تويتر” إلى رئيس الجمهورية ميشال عون “بأسمى آيات التقدير والعرفان والاحترام لدعوته سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نصرالدين الغريب لحضور القمة العربية التنموية المنعقدة في بيروت، وذلك إن دل على شيء يدل على احترام فخامته للتنوع والديمقراطية في خصوصية الطوائف والمذاهب وعدم الخضوع لسياسة الإلغاء والهيمنة والتسلط… وهذا ليس بمستغرب عن العماد ميشال عون وأخلاقياته العالية…”.
وتابع: “فنقول لفخامتكم لن نتغير ولن نتبدل، وستبقى حامي الجمهورية من العابثين بأمن وسلامة ورقي الوطن… هؤلاء الذين نهبوا وسرقوا خيرات لبنان وشعبه وسنبقى وإياكم بالمرصاد لكل فاسد ومفسد”.
كما استغربت أمانة الإعلام في “حزب التوحيد العربي” “الكلام الذي صدر عن الشيخ حسن”، معتبرةً أن “ضرب مثل هذه الأعراف والقيم قد بدأ داخل الطائفة عندما تنكّر الشيخ نعيم حسن وأعوانه لأي إجماع داخل الطائفة، وبعد قيامهم بتهريب قانون لتنظيم شؤون طائفة الموحدين يتيح لهم التحكم بشؤون الطائفة، وإجراء انتخابات مجلس مذهبي شبه مزور”.
وأضافت، في بيان: “إذا أردنا أن نضرب مثالًا عن الواقع المنحدر الذي وصل إليه المجلس المذهبي، فإن الانتخابات الأخيرة للمجلس خير دليل على ذلك، حيث نجح الممثلون عن الجامعيين في المجلس بنسبة أصوات لم تتعد الـ200 صوت، فيما طائفة الموحدين زاخرة بالشهادات الجامعية التي تفوق الخمسين ألف شهادة جامعية”.