كتبت كلير شكر في “الجمهورية”:
إنتهت «سَكرة» القمة العربية التنموية الاقتصادية الاجتماعية، وعادت «فَكرة» الحكومة. وبدا أنّ وجود حكومة «كاملة الدسم»، أو غيابها، سيّان بالنسبة الى المشاركين في هذا الاجتماع العربي الدوريّ وحتى لمنظّميه، خصوصاً وأنّ نتائجه لم تخالف التوقعات سواءٌ لجهة مستوى المشاركة أو البيان «الفاتر».
ولهذا هدأت الاتصالات بين طهاة التأليف خلال الأسبوع المنصرم، بعدما طغى مشهدُ لقاءات مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل على الواجهة السياسية في ضوء الخطاب التصعيدي الذي تسلّح به وتنقّل به بين المقار الرسمية، ليرفع من منسوب الشكوك حول مسار الحكومة العتيدة ومصيرها.
بالفعل مع انتهاء أعمال القمة العربية، استعاد رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل حركته الداخلية على خطّ تفعيل اتصالات التأليف، من خلال زيارته «بيت الوسط» للقاء رئيس الحكومة سعد الحريري، ليفاجئ راصديه بالقول إنّ «الحريري أبدى موافقته على أكثر من فكرة وهناك امكانية حقيقية للعمل لكي تشكَّل الحكومة في حال كانت هناك نيات لذلك».
وفي العودة الى الجولة الأخيرة من المشاورات بين الحريري وباسيل، فقد وضع الأخير في عهدة الأول خمسة طروحات، إثنان منها يقومان على أساس توسيع الحكومة، وأكثرهما ترجيحاً حكومة الـ32 وزيراً، على أساس اضافة وزير علوي وآخر من الأقليات المسيحية، مع العلم أنّ الحريري سبق له أن أقفل الباب على أيِّ نقاش يستدعي توزير علوي لأيِّ حصة انتمى، مبرِّراً رفضه بأنه لن يوقّع تشكيلة تضمّ «وزيراً شيعياً سابعاً».
ولكن قبل الغوص في التفاصيل، أوحت إيجابية باسيل بعد لقائه الحريري أنّ مفاعيل زيارة الديبلوماسي الأميركي لبيروت والتي تسبق قمة بولندا بأسابيع قليلة، قد انتهت سريعاً، على رغم الرسائل السلبية التي حملها الديبلوماسي العتيق والتي استدعت كثيراً من الأسئلة حول امكانية تعديل قواعد التأليف التي أنجزت إلى الآن أكثر من 90% من مكوّنات الحكومة، ولا تزال هناك الأمتار الأخيرة.
لا بل أكثر من ذلك، اعتبر بعض المعنيين بطبخة التأليف، أنّ التحذيرات الأميركية تطاول التوازن الحكومي ربطاً برفض واشنطن تأليف حكومة يهمين عليها «حزب الله»، ما فتح بابَ التساؤلات حول مصير تمثيل «اللقاء التشاوري».
وفي هذا السياق، يقول بعض المواكبين إنّ النتائج الأوّلية لزيارة هيل لبيروت لا توحي في أنّ الفريق السياسي القريب من هذا المحور، مستعدٌّ للسير في الأجندة الأميركية خصوصاً إذا ما أدّت إلى وقوع اشتباك مع بقية القوى السياسية. وفق هؤلاء، تفرض الواقعية السياسية على هذه القوى أن لا تنجرّ في تعاطيها إزاء ملفّ علاقتها مع «حزب الله» وإزاء ملفّ التأليف، وراءَ أيّ تصعيد من شأنه أن يعيد لبنان ساحة اشتباك إقليمية.
ولهذا لا يبدو أنّ هناك ترجمة مرتقبة لهذا المنحى التصعيدي. وفي هذا الصدد، تنفي مصادر رئيس الحكومة أن يكون هيل قد وجّه تحذيرات أو تهديدات للبنان خلال لقائه الحريري، مؤكدة أنّ قواعد تأليف الحكومة لا تزال على حالها ولم تتغيّر جراء جولة هذا الديبلوماسي الأميركي.
أكثر من ذلك، يقول مطلعون على موقف رئيس «التيار الوطني الحر» إنّ الحريري وجّه أكثر من رسالة إيجابية خلال الساعات الأخيرة تفيد أنّ عقارب الساعة لم تعد إلى الوراء، منها مثلاً مشاركته في افتتاح أعمال القمة العربية بعد تصدّيه مباشرة لوزيره لشؤون النازحين معين المرعبي في ما خصّ بند النازحين.
على هذا الأساس، يؤكد المطلعون على موقف رئيس الحكومة، أنّ العقدة لا تزال متمثلة «بمطرحين»: تمثيل النواب السنة المستقلين، ورفض بعض القوى السياسية، حسب ما تسرّب من لقاء بكركي، منح «التيار الوطني الحر» «ثلثاً معطّلاً».