كتب محمد وهبة في “الاخبار”:
قرّرت وكالة «موديز» أن تخفض تصنيف لبنان للدين السيادي، درجة واحدة من (B3) إلى (Caa1). هذا التصنيف، بحسب تعريفات الوكالة، يعكس موقفاً ضعيفاً جداً وخطورة ائتمانية عالية.
تعتقد «موديز» أن هناك أسباباً موجبة لإجراء مثل هذا الخفض، آخذة في الاعتبار أن هناك تأخراً في تشكيل الحكومة التي كان على عاتقها أن تأخذ إجراءات إصلاحية لتخفف من العجز وتعمل على زيادة الفائض الأولي، ما كان سيوفّر لها القدرة على التخفيف من الدين واستعمال أموال «سيدر».
وهذا التصنيف، كما تقول الوكالة، يعكس ارتفاع المخاطر الناجمة عن استجابة الحكومة لتوفير السيولة والاستقرار المالي بما فيها المخاطر الناجمة عن إعادة جدولة الدين أو أي إجراءات أخرى تشكّل تخلفاً عن السداد وفق تعريف الوكالة. وعادة ما يؤدي خفض التصنيف إلى رفع معدّل الفوائد على سندات الدين، وخاصة بالعملات الأجنبية، علماً أن غالبية هذه السندات يحملها لبنانيون (مصرف لبنان ومصارف وأفراد).
وتقول الوكالة إن ارتفاع احتمال التخلف عن السداد سببه أن الحكومة التي كان يجب أن تعمل على الحدّ من العجز المالي والاستقرار النقدي واحتواء الدين العام المرتفع وارتفاع أسعار الفوائد وسط تدهور ظروف التمويل المحلية والخارجية، والتي كان يجب أن تعمل على استدامة الدين، تأخّر تشكيلها، ما يزيد من كل هذه الضغوط. إن حاجات لبنان التمويلية تجاوزت 30% من الناتج المحلي الإجمالي وباتت من أعلى التصنيفات في العالم.
المخاطر المالية ارتفعت في لبنان بسبب معدلات نموّ الودائع التي تعدّ أقلّ من الحاجات التمويلية للدولة اللبنانية. (راجع «الأخبار» أمس: «المؤشرات المالية «الإيجابية» غير مطَمئنة: خروج ودائع من لبنان!»). وبحسب الوكالة، فإن هذا التراجع في نمو الودائع، يفرض على الدولة اللبنانية واقعاً قد يجبرها على اختيار إعادة جدولة الدين كحلّ.
أما الحالة التي يمكن أن تدفع موديز إلى رفع التصنيف، فهي أن تتمكن الدولة من خلق فائض أولي في الخزينة يترافق مع نموّ اقتصادي من دون أن تضطر إلى إعادة هيكلة الدين.
وعلى العكس، فإن لجوء الوكالة إلى خفض درجة تصنيف لبنان أكثر، هو أمر مرتبط بما قد تشهده المؤسسات المالية من تدهور إضافي، وبالمزيد من التدهور في التدفقات المالية.
وكانت وكالة «موديز» قد خفضت الرؤية المستقبلية للبنان من مستقر إلى سلبي في 14 كانون الأول 2018 . يومها كانت «موديز» ثاني وكالة تعدّل نظرتها المستقبلية للبنان من «مستقر» إلى «سلبي» بعد «كابيتال انتلجينس»، ولفتت إلى أن الخطوة التالية، أي خفض التصنيف، مرتبطة بتأليف الحكومة «قريباً». نظرة موديز في ذلك الوقت كانت تستند إلى عجز الخزينة العامة وعجز ميزان المدفوعات اللذين يعبّران عن إفراط الإنفاق المحلي وعن صعوبة تأمين لبنان للعملات الأجنبية الكافية لتمويل استهلاكه (الاستهلاك والإنفاق المحلي يندرجان ضمن مسميات عدة أبرزها الحاجات التمويلية للبنان). وكانت قد أشارت إلى أنه «من دون أي حكومة سيرتفع عجز الخزينة إلى 10.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع ما كان متوقعاً في فترة سابقة عند مستوى 8.9%».